حسب المشهد العربي الراهن، فان العرب هم الذين يقومون بذبح امنهم القومي بايديهم، لصالح الامن القومي الاسرائيلي، على خلاف كل شعوب الدنيا التي تعمل من اجل حماية امنها القومي ومستقبلها، فحينما تنزع الجامعة العربية الشرعية عن سورية الدولة، وتبيح الحرب عليها وتدميرها، وتتواطؤ مع الحلف الشيطاني من اجل تفكيكها، فان حصاد ذلك يكون على حساب الامن القومي العربي ومستقبل الامة، ولذلك ايضا، وحينتما يبتهج المبتهجون بقصف بالعدوان الاسرائيلي على دمشق، فكيف يمكن ان ندين الرئيس الاميركي اوباما عندما يحول العدوان الاسرائيلي الارهابي الاخيرعلى سورية بمنتهى البساطة الى "حق لاسرائيل في ان تعمل على حماية نفسها"، من نقل اسلحة سورية الى حزب الله، مضيفا :"لا اريد التعليق على ما حدث في سورية، الا انني ما زلت اعتقد ان على الاسرائيليين، وهو امر مبرر، حماية انفسهم من نقل اسلحة متطورة الى منظمات ارهابية مثل حزب الله"، وبالتالي يوفر الرئيس الامريكي اوباما مرة اخرى التزاما امريكيا جديدا ب"الحفاظ على امن اسرائيل "، واعتبار هذا "الالتزام قويا وغير قابل للاهتزاز او الطعن"، ويأتي هذا الالتزام بعد سلسلة لا حصر لها ليس من الالتزامات الامريكية فقط، وانما بعد "حروب امريكية واسعة شاملة متصلة من اجل أمن اسرائيل"، دون ان تكترث الولايات المتحدة للامن والحق العربي في الدفاع عن النفس امام الارهاب الصهيوني...؟!
ينقلنا هذا الالتزام الامريكي الجديد لأمن الدولة الصهيونية مباشرة الى جملة لا حصر لها من الاسئلة والتساؤلات الملحة دائما على كل الاجندات العربية والدولية مثل :
- لماذا يكون "امن اسرائيل" دائما وابدا على قمة الاجندة السياسية والاستراتيجية الامريكية والغربية ...؟!!!
- لماذا كل هذه الحروب الامريكية ضد امتنا واوطاننا وحضارتنا وعلمنا وتقدمنا ومستقبلنا من اجل "امن اسرائيل"...؟!
- لماذا تقترف المجازر والجرائم المستمرة بالجملة والمفرق في فلسطين والعراق وسورية ولبنان ...الخ، ولماذا تذبح شعوبنا دون ان يهتز للعالم جفن هكذا ..."من اجل امن اسرائيل"...؟!
-لماذا ينتهك الامن القومي العربي برمته "من اجل امن اسرائيل"...؟!
- والاهم والاخطر دائما : لماذا يتفرج العرب هكذا على ذبح امنهم القومي مسلوبي الارادة والقرار والقدرة حتى على "الدفاع عن النفس"...؟!
- ولماذا تنهار المناعة القومية العربية هكذا، وكأن العرب في مأساة اغريقية...؟!
- بل واخطر الاسئلة: لماذا يقوم العرب بذبح امنهم القومي بأنفسهم "خدمة للأمن القومي الاسرائيلي"...؟!
كان الرئيس بوش ايضا قد اعلن في عهده في واحد من اخطر خطاباته الحربية العدوانية "انه مستعد لاستخدام القوة العسكرية لحماية امن اسرائيل"، ولكن في الوقت الذي اعلن فيه بوش ذلك كان البروفسوران - الباحثان الامريكيان ستيفن وولت وجون مارشهايمر قد فجرا قنبلتهما في وجه الادارتين الامريكية والاسرائيلية حينما اكدا :"ان اسرائيل تقف وراء الحرب على العراق "، فلنتوقف ونتذكر نحن بدورنا ايضا بان الحرب على العراق كانت من اجل اسرائيل ...؟
في هذه العلاقة الاستراتيجية ما بين الادارتين الامريكية / الاسرائيلية كتب قطب السلام الاسرائيلي اوري افنيري يقول :" العبرة من قضية العراق هي ان العلاقة الامريكية –الاسرائيلية تصل الى ذروتها عندما تمتزج المصلحتان الامريكية والاسرائيلية فيما بينهما كوحدة واحدة، تستخدم امريكا اسرائيل للسيطرة على الشرق الاوسط وتستخدم اسرائيل امريكا للسيطرة على العالم ".
ولذلك نثبت بدورنا، انه اذا كانت هناك وراء العدوان على العراق اولا، واليوم سورية، أهداف استراتيجية أمريكية، فان هناك بالتأكيد بنك أهداف استراتيجية صهيونية تتعلق بالعراق وفلسطين وسورية ولبنان والمنطقة ، تستند الى أرضية عريضة من الأدبيات الأيديولوجية الدينية والسياسية الصهيونية / الإسرائيلية التي تتحدث عن " أرض إسرائيل " و /أو عن " إسرائيل الكبرى " و/أو عن " إسرائيل العظمى " و/أو عن " إسرائيل الكبرى والعظمى معاً " وكافة همبكات واضاليل ما يسمى بعملية المفاوضات لا تلغي هذه الحقائق الكبيرة ...! .
ولذلك لا دهشة بذلك الكم الكبير من التصريحات والوثائق التي تتحدث عن "ان اسرائيل تحتل قمة الاجندة السياسية / الاسترتيجية الامريكية ومحور مشروع الشرق الاوسط الكبير، ولا غرابة عندما يعلن المفكر الأمريكي مايكل كولينز بايبر في محاضرة له أمام مركز زايد في أبو ظبي مؤكداً :"أن خطة شن الحرب على العراق تتصل بأرض إسرائيل الكبرى".
فاين العرب العرب من هذه الاجندة الاستراتيجية الامريكية الشرق اوسطية التي تستهدف اهدار الامن القومي العربي بلا رحمة واستباحة كافة الحرمات العربية لصالح "امن اسرائيل" الى ابد الآبدين...؟!
واين المجتمع الدولي كذلك من هذه الحروب والانتهاكات الامريكية لكافة المواثيق والاعراف والقوانين الدولية ....؟!!
لقد آن الاوان من زمن لان يتحرك العروبيون ليقوموا بمسؤولياتهم التاريخية والحضارية والمصيرية، من اجل اعادة الاعتبار للامن القومي العربي الذي يذبح في سورية بأيد عربية ...؟!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق