11 مايو 2013

ادم بين التوراة والقران - بقلم عبد الله الزق *


تتساقط الدلالات التوراتيه على التفسير الاسلامى فيما يتعلق بكثير من الاحداث والمفاهيم ومن بينها مفهوم ادم فى الدين حيث كانت الدلالات التوراتيه سائده ومهيمنه وفرضت نفسها على الفهم الاسلامى سواءا فى التفسير او غيره من الكتابات التاريخيه
حصل هذا وشكل لنا ازمه بسبب اختلاط المفاهيم التوراتيه وظاهر النص القرانى او منهجيته حيث شكلت ظاهرة الاسرائيليات مشكله كان من الصعب على المسلمين ان لا يتاثروا بها
فادم فى التوراه وما علق فلا الاذهان بفعل سطوة الفكر اليهودي المستمد اصلا من خليط من الاساطير البابليه وغيرها هو اول الخلق البشري فى الوجود بينما كان يعيش فى الجنه سقط على الارض بفعل الاغراء الشيطانى الذي لم يصمد فيه ادم فاكل من تفاحه الشجر المحرمه عليه وربما اسهمت حواء مع ابليس فى هذه الخطيئه لتترك اثرا سلبيا على تصور الجنس البشري لدور حواء وتسكنها النفس الانسانيه فى داخلها كحيه وليس كحياه لتحمل السمه السلبيه فى التاريخ
هذا التصور الذي خلقته التوراه عند المسلمين لم يكن هو التصور الذي يراد للمسلمين ان يعتقدو به ولا منهج القران يريد ان يتأسس عليه الوعى الاسلامى
اذن ما هو ادم فى المنهج القرانى
يمكن الاطلاله على الامر من خلال جمع كل الايات وقراءتها فى سياقاتها الطبيعيه كوحده مفهوميه شامله لنرى ادم القرانى يختلف تماما عن ادم التوراتى
ادم التوراتى هذا هو وحده يتحمل المسؤوليه عن هذا التناقض المر بين العلوم فى تطوراتها وبين القصه التوراتيه الغبيه الجاهله
اذن ادم التوراتى هو الذي احدث بدوره هذه الازمه النكده بين الدين والعلم حيث لم يصمد الوعى الدينى امام العلم وتطوراته فسقطت الرؤيا الدينيه لصالح تطورات العلوم والبحث التاريخى بينما كانت تطورات البحث العلمى تعلن انتصارها وللاسف لا على التصور اليهودى التوراتى وانما على الدين كله
فهل يتحمل الاسلام مسؤوليه الهزيمه الدينيه ام ان الوعى المنهجي لقصه ادم القرانى تكشف مدلولات ادميه اخرى تجعل النظريات العلميه نفسها فى قفص الاتهام وليس الاسلام بينما تطرد ادم التوراه من الفهم الدينى كله وتحيله الى مرحله الفهم الاسطوري المنتى فاعليته
ادم فى الرمزيه الدينيه هو من طين حيث نفس العناصر الكونيه موجوده فى ادم بينما النفس الادميه كغيرها من نفوس الكائنات الحيه جزء من تركيبة العالم المادي الذي تحول الى نفخه الحياه التى تميز كل الكائنات الحيه عن الاشياء الماديه التى لا حياه فيها فالنفس هنا ليست الروح وعند الموت لا تخرج الروح كما يشاع خطأ ولم يقل محمد والذي روح محمد بيده وانما نفسه كما ان الايه القرانيه قالت ياايتها النفس المطمئنه ارجعى الى ربك راضيه مرضيه
ادم اذن كائن حى كأى كائن حى يتنفس ويعيش ويلبي رغبات النفس الادميه كاى حيوان اخر او حتى نبات اخر
ادم هذا الكائن الحى قرر الله فى لحظة من لحظات تطوره البيولوجى والعقلي تكليفه بمهمات الخلافه على الارض والخلافه هنا عن الله وبالتالي كان لادم ان يمنحه الله من روحه هو ما يجعله قادر على مهمه الخلافه عنه اذن كان الحديث عن ادم فى احد لحظاته مع الملائكه لم يكن عن طبيعة خلقه ولا زمنيه هذا الخلق وانما كان الحديث عن التكليف والمسؤوليه وهى عمليه فارقه ومهمه فى نفس الوقت فالخلق الادمى قد تم قبل الجعل الادمى التى تتحدث عنه الايه الكريمه ( اذ قال ربك للملائكه انى جاعل ) ولم يقل انى خالق (فى الارض خليفة قالو اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) وكلامهم صحيح فى لحظات زمانيه موغله فى القدم كانت الملائكه تعرف ادم ككائن حى متوحش يسفك الدم ولا يعرف سوى لغة الغابة فى الحياه حيث لا تستقيم هذه اللغه مع لغة العدل فى الارض والبناء فيها ونشر قيم الحريه وخلق القانون المجتمعى مما يحدث الفساد فى الارض كما فهمت الملائكه بينما كان الرد الالهى انى ( اعلم ما لا تعلمون )
ادم اذن فى التصور القرانى ليس الانسان الاول فى الخليقه ولكنه المكلف الاول بالنبوة وتحمل مسؤوليه الخلافه عن الله بما احدث فيه خلقيا وخلقيا وعقليا ما تهيأ له القدرة على تقبل النفحه الالهيه كجزء من روح الله
الخلق الادمى اذن جاء قبل الجعل الادمى (خلقك فسواك فعدلك فى اي صورة ما شاء ركبك )فالخلق لا نعرف س ر اللحظه الزمنيه التى جاء فى اطارها بينما الجعل هو بالتاكيد تطور عبر صيرورة زمنيه ربما احتاجت الى قرون او مئات القرون او الافها وربما الملايين لا ندري ولكننا سنترك للعلم تحديد كم من الزمن احتاجها ادم فى عمليه التطور منذ بدايات خليقته الى تهيأة جسده لتحمل المسؤوليه التى سيلقيها الله عليه وهذا يعنى تطورات نوعيه على صعيد النفس والعقل والجسد (فسواك فعدلك)و (حتى اذا سويته ) فما بين لحظه الخلق ولحظة التسويه كان ادم يعيش حياة اي حيوان يسفك الدم ويفسد فى الارض وهى مناط الاحتجاج الملائكى او الاستفسار الملائكى من الله عن مبررات المسؤوليه الادميه وليست مبررات الاحتجاج على الخلق (اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) (قال انى اعلم ما لا تعلمون ) اذ ما لا يعلمه الملائكه هو الامكانات الادميه الجديده على صعيد التخلق الجسدى عبر الاعتدال والتسويه والتركيب القادر على احتواء الروح الالهيه فى داخله
كانت الملائكه يحترمون انفسهم فصبرو الى ان انكشف الامر امامهم على ادم الانسان القادر على الوعى بجوهر الاسماء وليس الاسماء كمفردات اذ لا يعقل ان ادم كان لديه العلم بكل مفردات الاسماء وبالتاكيد فان الملائكه تعرف بعضها
لكن الفارق هنا فى المعرفه هى القابليه للتطور المستمر والمتراكم عبر الارتكاز على بديهيات العقل وهى ميزة مهمه من اجل ان يتحمل المسؤوليه التى سينوء عن حملها كل مفردات الوجود
اذم من حيث الخلق كان من طين بينما كانت الملائكه ارفع شانا منه من حيث الماده المكونه لخلقها الا انها لاحظت ان ادم ارفع شانا من حيث الطارئ عليه وهى الروح التى هى ارفع شانا من الطين والنار والنور بينما ادركت سر التمايز مجموعات الملائكه فشل ابليس فى الاختبار ونظر النظره الماديه لمكونات الخلق فراي بمنطق المرجعيه الذاتيه ان ناره المخلوق عبرها ارفع من طين ادم فرفض السجود وتمرد على الامر الالهى بينما كان ادم يتهيأ لممارسه دوره الانسانى بعد ان كان بشرا قبل الولوج الروحى فى كيانه
فاذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعو له ساجدين
المهم ان هناك ادم التوراتى الذي سقط فى اختبار التطور العلمى بينما كان ادم القرانى ينظر بنور المنهج القرانى على النظريات العلميه وهى تتجادل ظنياتها بعيدا عن انسانيته دون ان يمسه طائف من النقد او النقض
*مناضل فلسطينى امضى 20 عاما في سجون الاحتلال الصهيونى ولعائلته تضحيات غزيرة

ليست هناك تعليقات: