الذين فرحوا بغارات العدو الصهيوني على سوريا ، ليسوا عربا ، بل ليسوا بشرا من الأصل .
إذا أحسنا الظن ، فإن من أظهر الشماتة سواءا على شاشات الفضائيات أو عبر الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي ، تويتر وفيس بوك ، ليس إلا مجرد ساذج ومأفون يحاول أن يقنع نفسه بأن العدو الإسرائيلي في سبيله لاسقاط النظام السوري ليضع في مكانه ، نظاما آخر يمثل التيار الأيديولوجي الطاغي على المعارضة المسلحة في سوريا .
العدو الإسرائيلي يخطط لتفتيت سوريا ، ولن يرضى بغير ذلك بدلا . إنهم يعملون على تقسيم سوريا إلى كيانات طائفية هشة ومتناحرة ، ويسعون إلى إطالة أمد الحرب هناك إلى أن تعود سوريا إلى القرون الوسطى من حيث الضعف والتخلف ، وإلى أن بصبح هذا البلد العربي الكبير ، ساحة لمعركة يذبح فيها أبناء البلد الواحد بعضهم بعضا ، لمائة عام قادمة .
إسرائيل تتحرك وفق استراتيجيات طويلة الأمد ، ومن يعتقد أن هذا الكيان الذي لا ينتمي إلى الإنسانية ، من الممكن أن يتصرف وفقا لعواطفه الآنية ، لا يفهم طبيعة هذه العصابة التي أعلنت نفسها دولة منذ أكثر من ستين عاما .
الأمن كان وسيظل هاجس الكيان الصهيوني العنصري منذ إنشائه وحتى سقوطه وزواله الحتمي .
نظرية الأمن الإسرائيلي تقتضي إشاعة الفوضى وعدم الاستقرار وصولا لإشعال الحروب الأهلية التي لا يقتصر ضررها على القتل والسلب والنهب والتخريب .. ولكنه يتصمن فوق كل ذلك ، تفتيت كل البلاد المجاورة للكيان العنصري ، إلى دويلات طائفية هشة يحارب بعضها بعضا إلى ما لا نهاية .
هذا ما تقتضيه نظرية الأمن الإسرائيلي ، التي تقتضي ضمن ما تقتضي أيضا ، إضعاف كل دولة عربية وضرب أية محاولة للنهوض فيها مهما كانت المسافة التي تبعد بين هذه الدولة وبين الكيان الإجرامي ، ومهما كان احتمال الخطر الذي قد تشكله هذه الدولة عليها ، ضعيفا أو حتى شبه معدوم في المستقبل المنظور . ألم ينجح الكيان الإسرائيلي في تقسيم السودان ..؟ ألم تحاول إسرائيل وما زالت ، العبث بالأمن المائي لمصر التي تربطها بها اتفاقية سلام ، عن طريق التأثير على دول مصب النيل بغرض التحكم في المياه التي تصل لمصر ..؟ ألم يعتدي جهاز مخابرات العدو على سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة عندما قام باغتيال الشهيد محمود المبحوح في أحد فنادق دبي ..؟ ألم يقم العدو الصهيوني بخرق السيادة التونسية في النصف الثاني من الثمانينات ، عندما ارتكب جريمة اغتيال القائد الفلطسيني الشهيد ( أبو جهاد )..؟ ألم يسعى العدو بكل الوسائل للهيمنة على إريتريا بعد استقلالها عن إثيوبيا ، بغرض إيجاد موطئ قدم له على باب المندب ؟
العجيب أن كل من هلل للغارات التي قام بها سلاح جو الكيان الإسرائيلي على دمشق ، علل ذلك بمناصرته للطائفة السنية في سوريا.. لكن أحدا من هؤلاء لم يسأل نفسه عن أهل فلسطين من السنة والمسيحيين ، الذين تعرضوا لأكبر هولوكوست في تاريخ البشرية !
الغارة التي قام بها العدو قبل أيام ، كشفت مدى السطحية التي تعاني منها قطاعات واسعة في العالم العربي .. فهل تراهن إسرائيل على غبائنا ، أن على ضعف ذاكرتنا ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق