يبهج أرواحنا أن نحياه وبين الواقع المغاير له ؟ تلك المساحة المشتركة التي غابت كثير من معالمها عن عقولنا ونحن نبحر في رحلة البحث عمن نحب ، والحق أن كل هذا التردد الفكري والشعوري الذي نعانيه في هذه الرحلة ومحاولاتنا أن نضع نظريات لتكون مرشدنا ومرجعيتنا في هذا التيه النفسي الغريب ما هي إلا من حيل الدفاع النفسي التي نلجأ إليها جميعاً لتقبل هذه الفجوة الرهيبة بين النظرية المثالية التي تخلقها نفوسنا وبين الواقع المغاير لها , وهذا التيه مرجعه للصراع الرهيب بين العقل والقلب والذي دائما وأبداً تدفع أرواحنا فيه الثمن غالياً من هناءتها في محاولتها التوفيق بينهما ، فالعقل إن أمعن النظر في القضية فهو قاضٍ لا يعترف إلا بالمنطق والصواب والخطأ فيحكم على الروح منذ البداية بالشقاء ذلك أنه إن تحكم وقضى فهو لا محالة جالدُ للروح كلما حدثته عن حاجتها لهذا الحب فيلوح لها بسيف العدل وما أشقاه من عدل لا ينصف أرواحنا ، فيلجئها إلى أن ترتمي خائفة في دفء القلب الذي ما يلبث أن يعتصرها اعتصاراً ويخبرها أن شريعته في الهوى هي أن تعيش بين العقل والجنون ، ولأنها حُبلى بالأمل ترضخ وادعة لعله يطبطب على جراحها لكنه ويال الأسى أشد جنوناً من سلطان العقل فلا معقول ولا مقبول في سلطانه سوى ما يفرضه هو ، ولأنه لا يقوى على منازلة العقل ورد حججه فلا مفر من تحمل الروح وحدها كلفة هذا الصراع , وحينها فقط يصدق فيها قول القائل : فلم تفز بلذة الغافلين ولم تنعم بقرب العارفين ، وبين صارم في حكمة ومتهور في هواه تتشكل أرواحنا ،ولعل هذا الصراع أجمل ما يميزنا نحن البشر ففي معظم المواقف ، عِندما تتصرف بناءً على عقلك ستشعر انك "قاسي القلب" ، وعِندما تتبع قلبك ستشعر بأنك "أحمق".!!!وليتهم يعلمون أن نقاء القلب ليس حمقاً إنما فطرة يميز الله بها من أحب، وصدق الإمام عليٌّ حين قال : العشق مرض ليس فيه أجر ولا عوض، وهو المعنى الذي صاغته أحلام مستغانمي حين قالت : أملك قلباً لا يؤذي أحداً ولكنه يؤذيني
a.elhamed29@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق