الكثيرون تنطبق عليهم الآية الكريمة ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ) فالناس أعداء ما يجهلون, ومن أركان الملة العسكرية أن تؤمن بكل ما يحشرونه في رأسك في جريدة الأهرام وفي التليفزيون المصري ومن بعده القنوات الخاصة حتى لو قالوا لك أن هناك كرة أرضية تحت الأرض أو ان الاخوان يقتلون بعضهم البعض, هذه العينات البشرية بالتحديد من الممكن أن تتهم الغير بالكفر, إن قال أن هناك ضابط جيش خائن !
على الرغم مثلاً من أن المقدم فاروق الفقي كان مدير مكتب أحد كبار قادة الجيش وجندته المخابرات الاسرائيلي عن طريق فتاة اسمها هبة سليم, والمعروفة في الفيلم السينمائي الشهير بإسم عبلة كامل, وهو بالمناسبة خال البطة الصهيونية المعروفة بإسم توفيق عكاشة.
وهناك مجموعة من الأسئلة :
الإعلام الرسمي يروج منذ كنا اطفالاً لأن المخابرات الاسرائيلية فشلت في توقع الحرب نتيجة عبقرية المخابرات المصرية .. طيب
ممكن حد يقول لنا بقى لماذا حذر كيسنجر اسرائيل قطعياً من البدء في الحرب قبلها بشهور ؟ ولماذا ارسل رسالة تحذير لجولدا مائير مع سفيره في اسرائيل يطلب منها عدم البدء بأي هجوم صباح يوم 6 أكتوبر 1973 ؟
لماذا منع كيسنجر أي جسر جوي لتعويض خسائر اسرائيل في بداية الحرب, مع العلم أن اسرائيل بدأت تطلب السلاح من أمريكا من اليوم التالي للحرب ؟ ولماذا نفس الكيسنجر ( وهو بالمناسبة يهودي ) يتدخل لبدء الجسر الجوي يوم 13 أكتوبر وهو نفس اليوم الذي كان من المتوقع أن يتم فيه تطوير الهجوم ؟
طيب بلاش دي, لماذا يصر السادات على تطوير الهجوم بحجة تخفيف الضغط على السوريين, مع أنه هو نفس السادات الذي أمر الشاذلي بعرض خطة مزيفة للحرب لإقناع السوريين بدخول الحرب معه وعلى الرغم من أن رئيس الاركان وقادة الجيوش, عبروا صراحة عن رفضهم لتطوير الهجوم الذي يخرج القوات المصرية من حماية مظلة الدفاع الجوي ؟
لماذا كان موشيه ديان وزير الدفاع الاسرائيلي في اجتماع مجلس الحرب يوم 6 اكتوبر صباحاً هو الوحيد الذي قال أنه لن تكون هناك حرب على الرغم من تقارير المخابرات الاسرائيلية وبالتالي لم تتخذ اجراءات جادة لاستدعاء الاحتياطي ؟ ولماذا يتم اختيار نفس وزير الدفاع الفاشل الذي كاد أن يرسل اسرائيل في داهية, ليكون هو نفسه نفس وزير الخارجية الذي يجري اتصالات السلام مع السادات ؟
لماذا يذهب المنتصر إلى المهزوم ليطلب منه السلام ؟ مش غريبة شوية دي ؟
لماذا يوافق السادات على كل طلبات كيسنجر وهو رجل عسكري ويعلم تماماً أن معاهدة كامب ديفيد بشكلها النهائي تعني اخلاء سيناء وجعلها منطقة عازلة بين مصر وبين المحتل الصهيوني ؟
يا ريت حد عبقري يقول لنا ايه هو الانتصار اللي يخلي جيش منتصر يخسر من 5 آلاف إلى 15 الف شهيد امام جيش مهزوم يخسر على الأكثر حوالي 2800 قتيل ؟ وايه هو النصر اللي يخلي الجيش المنتصر يأسر 293 جندي للعدو وفي المقابل العدو يأسر حوالي 8 آلاف من جنوده ؟
وليه المنتصر اللي استرد الأرض كما سيقول البعض, لم يعد الأرض إلى الحالة التي كانت عليها قبل الاحتلال ؟ يعني الجيش المصري موجود حتى حدود سيناء, ولكن كانت هناك قوات دولية, يا سيدي خلي القوات الدولية موجودة لكن منتصر وبتخلي سينا من السلاح ومن الجيش بالكامل ؟ مش غريبة شوية دي ؟
اللي باقوله, ان حرب 67 واللي قام عبد الناصر شخصياً بشهادة قائد سلاح الطيران في عهده ( وهي شهادة صوتية ) بمنع الضربة الاولى ضد اسرائيل, كانت هزيمة مقصودة لصفع الشعوب العربية نفسياً ليدركوا أن اسرائيل حقيقة لا مفر منها ..
ثم بعد أن تعاني تلك الشعوب, ولكي يتم اتفاق سلام بين الجسد الغريب المزروع في المنطقة وبين المحيطين به, كان يجب أن تسترد تلك الشعوب الكرامة المسلوبة بعد العار العسكري الذي لحق بها بعد الهزيمة, وكان لابد من منحهم نصر يجعلهم يتقبلون فكرة السلام, ويجب أن يكون هذا النصر محدوداً حتى يدركوا أنه ليس بالإمكان التخلص نهائياً من تلك الدولة التي هي في الحقيقة قزمة لا حول لها ولا قوة, وكان ذلك النصر مهما ليفيق الاسرائيليين من غرور القوة ووهم الجيش الذي لا يقهر, وليدركوا أن هناك شعوباً أخرى يجب احترام اراضيها وحدودها, وليجلس الطرفان على مائدة المفاوضات ليصنعا السلام الذي عجز عبد الناصر عن صنعه كما قال في خطاباته السرية لموشيه شاريت رئيس وزراء اسرائيل سنة 1954 وانه غير قادر على مواجهة الرأي العام بإقامة سلام مع اسرائيل, فكان لابد من هذه اللطمات للوصول إلى اتفاق سلام ..
واتفاق السلام مهم جداً للحفاظ على الكيان المغروس في قلب المنطقة, لكي تظل الاقاليم الشرقية منفصلة عن الاقاليم الغربية لتلك الدولة التي كانت تعرف بإسم دولة الخلافة, والتي الغى كمال اتاتورك وجودها رسمياً سنة 1924, والتي حتى إن عادت ولو بشكل إسمي بعد ابتلاع ما يسمى بإسرائيل فسوف تهدد عودتها الاسمية بعودة حقيقية وانضواءها تحت قيادة واحدة من جديد وتعود من جديد لتقلق اوربا كما اقلقتها لمدة 1400 عام ولذلك كان لابد من خلق انظمة موالية وعميلة للغرب وغير جادة في قتال اسرائيل حتى وصلنا إلى تلك الحالة المزرية التي يستولي فيها على الحكم عرص يبيع أمن مصر لعدوتها اسرائيل بشوية دولارات !!!
هدم الاصنام أمر ضروري في هذه المرحلة والتفكير المنطقي البعيد عن العاطفة, صحيح أن هناك جنود استشهدوا وقادة خططوا واخلصوا لهذا الوطن لا انكر حرفاً من كل تلك الحقائق ولكنني اقول انهم كانوا جزءاً من مسرحية لم يعلموا عن تفاصيلها شيئاً .. العسكر أقاموا لأنفسهم نظام دعاية راكم حجارة وقمامة في عقول متابعيه من البسطاء من الشعب وصنع عقداً اصبح التغلب عليها عملية شاقة جدا وشديدة الصعوبة ولكن من قال ان البحث عن الحقيقة لا يكلف ؟
المقال على الجورنال
********
********
آيات عرابي تكتب : كذبة أكتوبر!!
نذكر جميعاً حالة الفرح الغامر التي تنتابنا حينما نستمع إلى أغنية بسم الله, ومشاهد الجنود وهم يجرفون رمال خط بارليف, ومشهد الدبابات المصرية التي تعبر على الجسور إلى الضفة الشرقية لقناة السويس, وموسيقى عمر خيرت العبقرية, التي تبدأ متتابعة سريعة كطلقات الرصاص ثم تصاعد في إيقاع عبقري ليصف ثقل حركة جنازير الدبابات التي تتدفق على الكباري, والجنود في زحفهم على الضفة الغربية لقناة السويس, ومن منا لم يشعر بفرح طفولي وهو يرى تلك المشاهد التي ظهرت فيها قوات الجيش تتحرك بإشارات من يد المايسترو ؟ من منا لم يشعر بالفرح الجنوني وهوي يرى مشاهد الأسرى الاسرائيليين ؟ ومن منا لم يكن في أسرته شهيد ؟ ولكن !!!
ارجو أن يحتملني الجميع ويتخلوا عن قناعاتهم السياسية مدة قراءة هذه الكلمات, فما ساكتبه ربما يكون صادماً لكثيرين.
في نفس كل منا هناك تساؤل, لماذا يذهب السادات المنتصر في الحرب على اسرائيل كما قالوا لنا, إلى ( الكنيست ذاته ) كما قال ؟ لماذا يذهب المنتصر إلى المهزوم ؟ ولماذا أصر ذلك الإصرار العجيب على تطوير الهجوم وإخراج قوات الجيش خارج مظلة الدفاع الجوي على الرغم من المعارضة الشرسة التي ابداها الفريق الشاذلي وباقي قيادات الجيوش ؟ لماذا حذر هنري كيسنجر ( اليهودي ) جولدا مائير من البدء بالحرب قبل اندلاع الحرب ؟ ولماذا أرسل سفيره برسالة إلى جولدا مائير يوم 6 اكتوبر يقول فيها لا تبدأوا بضربة وقائية ؟
ما روجه لنا الإعلام المصري هو أن الاسرائيليين علموا بالهجوم صباحاً وهو ما جعلهم عاجزين عن حشد قواتهم لصد الهجوم المصري السوري, فلماذا طالما نجحت المخابرات المصرية في إخفاء نية الهجوم, يقوم كيسنجر بتحذير جولدا مائير من البدء في الحرب قبل الحرب بشهور ؟
للإجابة على كل تلك الاسئلة أعود إلى موقف, ثابت بشهادة الفريق صدقي قائد سلاح الطيران المصري يوم الجمعة 2 يونيو أي قبل الهزيمة بثلاثة أيام, عندما قال له عبد الناصر صراحة << علي فكرة ياصدقي.. انا اتخذت قرار بأنك ما تضربش الضربة الأولي >> !!!!!!!
وأعود إلى ما قاله حسن التهامي في صفحتي 267 و 268 عن الحديث الذي دار بينه وبين عبد الناصر عندما سأله عن كيفية استرداد الدول العربية لحقوقها بعد الهزيمة فرد عليه قائلاً : << علشان العرب يبقوا يقولوا تاني انهم رايحين يرموا اسرائيل في البحر >> !!!!!
ثم أعود من جديد لغرفة عمليات حرب أكتوبر في ليلة الرابع عشر من أكتوبر بعدما غادر السادات غرفة العمليات بعد مناقشة مع الشاذلي حول تطوير الهجوم وهو ما رفضه الشاذلي, ليفاجأ بمن يتصل به, فيجد هيكل يسأل عن السادات, ليروي له هيكل قصة طويل عن لقاء جمعه بالسفير السوفييتي الذي أخبره بحشود اسرائيلية على الحدود السورية وبصعوبة موقف الجيش السوري ويطلب منه تطوير الهجوم لتخفيف الضغط عن السوريين, وهو ما رفضه الشاذلي بعنف, ليفاجأ في اليوم التالي بأن السادات تجاوزه كرئيس أركان واصدر أمراً بتطوير الهجوم, وهو ما قلب الدفة تماماً لينتهي الأمر بالثغرة, وبحصار الجيش الثالث ومدينة السويس وأسر حوالي ثمانية آلاف جندي مصري في مقابل حوالي 300 أسير اسرائيلي نفرح بمشهد جلوسهم على الأرض وقت الحرب !
وهناك سؤالان في غاية الأهمية, لماذا رفض كيسنجر أثناء الحرب امداد اسرائيل بالسلاح الذي بدأت في طلبه منذ اليوم الثاني للحرب بعد خسائرها الضخمة, ثم تدخل ثانية للتعجيل بالجسر الجوي يوم الثالث عشر من أكتوبر وهو التاريخ الذي كان من المفترض أن ينصاع فيه الشاذلي لقرار السادات بتطوير الهجوم وإخراج الجيش خارج مظلة الدفاع الجوي ؟
في اليوم الأول من تطوير الهجوم عوضت اسرائيل نصف خسائرها تقريبا واصطادت في الصحراء 250 دبابة مصرية وتقدمت قواتها باتجاه قناة السويس, لتحاصر السويس والجيش الثالث فيما بعد !!
هناك ثلاثة شخصيات تصرفت بشكل شديد الغموض وغير قابل للتفسير خلال تلك اللعبة !
السادات الذي ضرب بآراء القادة العسكريين عرض الحائط وأصر على تطوير الهجوم لإنقاذ الجبهة السورية كما ادعى مع أنه هو نفسه من أمر الشاذلي بعرض خطة موسعة ( زائفة ) للحرب على السوريين لإقناعهم بدخول الحرب, والذي قال للمصريين أنه بطل الحرب المنتصر ثم ذهب للمهزوم ليعرض عليه السلام !
وموشيه ديان الذي قال في اجتماع مجلس الوزراء الاسرائيلي صباح يوم الحرب أنه لا يعتقد أنه ستكون هناك حرب, على الرغم من التقارير التي وضعت أمامه في نفس الاجتماع والتي تقول بأن الحرب باتت وشيكة, ثم اصبح ذلك المهزوم والذي قال عنه السادات أن دوره انتهى للابد هو وزير الخارجية الذي يعقد السلام مع مصر بعدها بسنوات !
وكيسنجر الذي منع أي جسر جوي لتعويض خسائر اسرائيل وحذر اسرائيل قبل الحرب بشهور من البدء في الحرب, ثم حذرها من البدء في ضربة وقائية صباح يوم الحرب, ثم كان هو نفسه الذي أصر على ارسال الجسر الجوي لاسرائيل يوم 13 اكتوبر !
الفكرة ببساطة هي أنه لإقامة سلام مع اسرائيل كان يجب على المصريين والعرب عموماً أن يفهموا أن اسرائيل لا تقهر وأن وجودها في المنطقة حتمي, فكان لابد من هزيمة مروعة تصفع كل الشعوب العربية في 1967 وخصوصا أن عبد الناصر قال حرفياً لرئيس الوزراء الاسرائيلي موشيه شاريت انه غير قادر على مواجهة الرأي العام المصري وإقامة سلام مع اسرائيل ..
ثم صفعة أخرى للجمهور الاسرائيلي السكران بنشوة النصر على ثلاث دول, ليعلم أن هناك شعوباً أخرى في المنطقة تريد الاحتفاظ بأراضيها, وأنه يجب عليه احترام هذه الشعوب وإرادتها !
والهدف هو ترسيخ وجود الكيان الصهيوني المحتل وإكمال عملية غرسه في المنطقة ليظل يفصل بين دول المنطقة وتظل المفاوضات بلا نهاية .. المهم ألا تعود تلك الدولة التي كانت قائمة ولو اسمياً حتى سنة 1924 والتي الغاها اتاتورك !
تحية من القلب للصادقين فلا يوجد أصدق من الشهداء, تحية لكل من دفع حياته ودماءه ثمناً لحرية مصر وواجه العدو الصهيوني المحتل وتحية إلى القادة العسكريين الصادقين كالشاذلي وقادة حرب اكتوبر المخلصين الذين لم ينشغلوا بالحسابات السياسية والمؤامرات ولم يكن لهم شاغل سوى تحرير تراب وطنهم وتحية لذلك الفصيل الصامد المقاوم الذي يدافع في غزة عما تبقى من شرف تلك الامة الذي فرط فيه حكامها المنبطحون المعينون من واشنطن وتل أبيب.
المقال في الجورنال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق