المصريون
بقلم جمال سلطان
بقلم جمال سلطان
في صناعة الأوهام والخرافات التي انتشرت في الإعلام المصري بعد 3 يوليو كانت هناك محاولة حثيثة لشيطنة حركة حماس التي تدير قطاع غزة ، دون أي سابق إنذار أو مبرر منطقي ، كانت الدوافع في جوهرها هو تصنيف حماس بوصفها فصيلا إخوانيا ، ولما كانت هناك حرب على إخوان مصر والعالم كله بعد الإطاحة بهم في مصر كان من الضروري أن تشمل الحرب حركة حماس ، رغم كل المحاذير الأخلاقية والوطنية التي تجعل هذه المنطقة منطقة حرام شديدة الحساسية ، لم تتدخل حماس في أي شأن من شؤون مصر وكانت حذرة جدا ، ولم يكن هناك أي تعليق من قيادات حماس على ما يحدث في مصر ، لا هجوم ولا انتقاد ولا تأييد ولا اعتراض ، هم يدركون حساسية وضع مصر بالنسبة لهم وأنه لا يجوز الخلط بين الملفات ، وأن قضية فلسطين وتحريرها تبقى أسمى من أي خلافات عربية إقليمية أو داخلية ، ومع ذلك نشطت أجواء إعلامية سوداوية في مصر لتشويه حماس ، ونشطت معها غرف عمليات ولجان سرية لاختراع قصص وحواديت أشبه بحواديت ألف ليلة وليلة ، بلا مبالغة ، عن مؤامرات حماس على مصر ، وحماس التي قتلت جنود مصر ، وحماس التي تورطت في مذبحة رفح ، وحماس التي خطفت الجنود المصريين وما زالت تعتقلهم في أقبية مجهولة في غزة ، وحماس التي اخترقت سيناء أثناء ثورة يناير وضللت المخابرات الحربية والعامة والجيش كله ووصلت بآلياته وكتائبها حتى ميدان التحرير حيث قامت بوضع قناصتها في الفنادق المحيطة وأعلى المباني لاغتيال الثوار في ميدان التحرير ، أي والله ، وحماس التي أرسلت فرقا عالية التدريب لاقتحام السجون المصرية في ليلة واحدة ، من سجون وادي النطرون إلى محاولة اقتحام أبو زعبل إلى سجون الفيوم وأسيوط إلى سجن برج العرب إلى آخره ، وتم نشر هذه الخرافات على نطاق واسع وبإلحاح غريب ، مع استغلال موجة غضب من الإخوان واتساع نطاق الفوضى والهموم فلم يعد أحد ينتبه إلى مثل هذه الترهات التي تنشر عن حماس واعتداءاتها وجرائمها المزعومة ضد الشعب المصري والقوات المسلحة المصرية ، وأصبحت تلك الخرافات مرجعية ذهنية لقطاع كبير من النخبة الموالية للنظام الجديد والمؤيدة للسيسي ، لدرجة أن أي حادثة تقع في أي مكان لأي مصري تنهال اللعنات والسباب بشكل تلقائي على حماس ، فإذا استشهد جندي في سيناء أو في الحدود الليبية فإن حماس ستكون متهمة أو لها صلة ما بالجريمة ، وأي حفلة إعلامية على أي واقعة إرهابية لا بد أن تستحضر بشكل تلقائي "جرائم" حماس ضد الشرطة المصرية والجيش المصري والشعب المصري ، ولم يعد مستغربا أن يستدعي الإعلام المصري الرسمي والخاص الموالي كل ميراث قاموس الهجاء والغضب والكراهية الذي كانت مصر وشعبها تعبر به عن العدو الصهيوني قديما لكي تصبه ـ بنصه وحرفه مع زيادات وتوابل جديدة ـ على حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين . وعلى الرغم من أن من يرددون هذا الغثاء والخزعبلات بينهم شخصيات من العيار الثقيل وبعضهم كانوا قيادات رفيعة في الحملة الرئاسية للسيسي وبعضهم صحفيون وإعلاميون كبار ، إلا أنك لا تسمع أي إجابة عن السؤال البديهي : أين هو الدليل على تلك الجرائم المزعومة التي ارتكبتها حماس ، أين هم شهود كل تلك الجرائم ، أين هي الحجة أو المنطق الذي يتيح لك إلصاق جريمة قتل الجنود أو اختطافهم بحماس ، كيف استقام في عقلك أن حماس تستبيح سيناء خلال ساعات وتقتحم كل حواجز الجيش وتضلل كل شبكات المخابرات من أجل أن تزحف على القاهرة والدلتا فتقتحم السجون وتقتل المتظاهرين في الشوارع والميادين ثم تعود إلى قواعدها في غزة سالمة ، لا تجد أي إجابة ولا رد ، ومع ذلك لا يتوقف الهراء والكذب والبهتان ، ولا أحد يفكر في وقف هذا التدهور المخيف في مستوى الإعلام المصري ، حتى بعد أن استبان تحوله إلى ثقل كئيب في قدم الديبلوماسية المصرية يعوقها عن النجاح في أخطر ملفاتها التي ينتظرها العالم منها عادة ، وبعد أن حولت تلك الأجواء مصر إلى خصم وعدو لحماس ففقدت أي قدرة على أداء دور الوسيط ، مما استدعى وزير الخارجية الأمريكي أن يأتي بنفسه ليقوم بالدور . أمس ، نفس هذه المجموعات "المهرتلة" والشخصيات فاقدة العقل والمروءة ، تداولت على شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي خبرا مفاده أن حركة داعش في العراق قررت أن تغطي صدور الأبقار باعتبار أن الكشف عن أثدائهن فتنة للرجال !! ، وقد توقعت أن هذه العقول الفذة ستتداول غدا الخبر الجديد عن قرار داعش بفرض النقاب على إناث البقر لأن بعضهن يسر الناظرين !! .
almesryoongamal@gmail.com
twitter: @GamalSultan1
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق