مرَّ عام على الانقلاب العسكري الغاشم على أول رئيس مدنى منتخب في تاريخ مصر، وكان الشعار المعلن لهذا الانقلاب الدموي حماية مصر من الانقسام، وهو هو الانقسام الذى صنعته أجهزة المخابرات وأذرعها الإعلامية والنخبوية ق تعمق وتجذر في المجتمع، بفضل آلة عسكرية وأمنية وقضائية وإعلامية ونخبوية، اختطفت البلاد، ولا تراعي مصلحة الوطن، ولا تحترم حق المصريين في تقرير مصيرهم.
لقد شهدت مصر خلال عام واحد عاشته في ظل هذا الانقلاب ما لم تشهده طيلة تاريخها، وحتى فى أعتي عصور الاستعمار، إذ أهدرت كرامة المواطن، وحقه في الحياة، والرأي والمشاركة السياسية، بل أُهدرت قدسية دور العبادة، وارتقى آلاف الأبرياء شهداء، واكتظت السجون بأكثر من 40 ألف معتقل سياسي، وشُرد عشرات الآلآف من أعمالهم وبيوتهم، واغتصبت الحرائر في السجون، واُستحل الدم الحرام، واُنتهكت الشرعية الديمقراطية.
عام سقطت فيه كل أقنعة الانقلاب، فالنظام الذي يقول إنه جاء بالتظاهر، يجرم التظاهر، والنظام الذي يقول إنه جاء ليحترم حرية الرأي والتعبير، يقتل من يمارس حقه في الرأي والتعبير، والنظام الذي يزعم أنه جاء تلبية لغضب شعبي من ارتفاع الأسعار خاصة فى المحروقات والكهرباء، نرى الأزمة قد تفاقمت في عهده أضعاف ما كانت عليه، والنظام الذي يقول إنه جاء لمنع إقصاء تيارات المجتمعالمتنوعة من العمل السياسي يكاد يُقصى أكثر من نصف المجتمع، ويطارد أبناءه بمحاكمات صورية، وقضايا ملفقة.
والنظام الذي قال إنه جاء ليحمى الديمقراطية يسجن كل من يخالفه في الرأي بمن فيهم أولئك الذين استطاع خداعهم، فشاركوا معه في "مؤامرة 30 يونيو" التي استمرت ست ساعات، وُزعت فيها على "الثوار" (!) المثلجات والهدايا بالطائرات بينما كان نصف الحضور جنودا، وكان المخطط لهذه الثورة (الوهمية) أجهزة مخابرات وشرطة وقضاء وعسكر وإعلام، على عكس طبيعة الثورات التي تقوم عادة ضد تلك السلطات.
والآن، مضى قرابة عام على هذا الانقلاب الفاجر، وقد قُتل على إثره أكثر من عشرة صحفيين وإعلاميين، وسجن قرابة 40 صحفيا وإعلاميا بينهم صحفيات، واقتحمت أجهزة الأمن المدججة بالبلطجية الصحف والمنابر الإعلامية المعارضة لها كأنها أوكار للجريمة، وأغلقتها، وشردت العاملين فيها، كما جري تكميم الأفواه، وكل منافذ الرأي، مع مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبار كل أشكال التجمع والاحتجاج السلمي أعمالا إرهابية منافية للقانون، وهى الإجراءات التي لم تحدث طيلة تاريخ مصر الحديث، و حتى في أثناء الحرب مع العدو الصهيونى.
والأمر هكذا، تؤكد حركة "صحفيون ضد الانقلاب" (صدق) موقفها السابق من أنها لا تعترف بهذا الانقلاب، ولا ما ترتب عليه من آثار، وتحمل المسئولين عن القيام به، الثمن الباهظ الذي دفعته مصر ثمنا له، من سمعتها وتقدمها وأرواح أبنائها ودمائهم وأرزاقهم وأعمارهم، وتشدد على أن القائمين بالانقلاب لن يفلتوا بجريمتهم من العقاب مهما طال الزمن.
وتدعو "صدق" سائر المواطنين الأحرار والشرفاء إلى مواصلة ثورتهم السلمية ضد هذا الانقلاب الدموي، وتوجه الدعوة إلى المشاركين فيه، والساكتين عنه، إلى مراجعة مواقفهم، والتطهر منه، والانضمام إلى صفوف الثوار، في مواجهة أكبر نكبة منيت بها مصر في تاريخها الحديث، وهل هناك أكبر من قطع المسار التنموي الديمقرطي، وإجهاض التجربة الديمقراطية الوليدة، وممارسة سياسات الإقصاء والتمييز والعنصرية، واستحلال أرواح المواطنين وكرامتهم، باتهامات ملفقة وواهية؟
كما تطالب "صحفيون ضد الانقلاب" بالعمل على وحدة قوى ثورة 25 يناير من جديد، على قواسم ومباديء مشتركة، أبرزها استرداد المسار الثوري الديمقراطي المدني، وإبطال كل آثار الانقلاب، كالتلاعب بنتائج الانتحابات الرئاسية في عام 2012، والعبث بالدستور، وإطلاق سراح المعتقلين، والقصاص من القتلة، والامتناع عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية المزمعة، ووقف العمل بالقوانين الفاشية التي صدرت كقانون "منع التظاهر"، وقانون "مد الحبس الاحتياطي"، وقانون قصر الاعتراض القانوني على العقود على طرفي التعاقد.. إلخ.
وتدعو الحركة الشعب المصري إلى وحدة الصف، وتقوية اللحمة، والاجتماع على كلمة سواء، كما تدعو سائر الإعلاميين والصحفيين إلى التحرك القوى لدعم الحراك الشعبي المطالب بعودة المسار الديمقراطى، والإفراج عن مصر، وإطلاق سراحها من ربقة التنظيم العصابي الذي اختطفها، ولا يكاد عدد أفراده يزيد على الألف، موزعين على أجهزة الدولة المختلفة كالعسكر والشرطة والقضاء والإعلام ورجال الأعمال.
وعاشت مصر حرة ديمقراطية.. يسقط يسقط "حكم العسكر".
حركة "صحفيون ضد الانقلاب" (صدق)
القاهرة - الثلاثاء 1 يوليو 2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق