03 يونيو 2014

بيع قلب القاهرة للأجانب ونقل العاصمة السياسية والإدارية إلى العين السخنة

المشير السيسي ينفذ مشروع جمال مبارك:

بيع قلب القاهرة للأجانب ونقل العاصمة السياسية والإدارية إلى العين السخنة

بقلم: عامر عبد المنعم
من الكوارث التي جاءت في مشروع المشير عبد الفتاح السيسي المتعلق بالتقسيم الإداري الجديد للمحافظات المصرية، نقل العاصمة الإدارية والسياسية للدولة المصرية من القاهرة إلى صحراء العين السخنة، في توجه غير مدروس، ويتناقض مع أي تفكير استراتيجي.
أعلن المشير السيسي وهو يشرح خريطته للمستقبل نقل الوزارات والحكومة والسفارات من وسط القاهرة إلى منطقة العين السخنة بعد مد محافظة القاهرة شرقا حتى خليج السويس.
مشروع السيسي سيعيد تقسيم كامل المنطقة من حدود القاهرة الحالية إلى السخنة وتوزيعها على السفارات الأجنبية ووزارات الحكومة (بعد إعادة هيكلتها وتوزيعها على المحافظات) وفي ظل غياب رأس المال الوطني ستباع الأراضي للشركات الأجنبية والمستثمرين الأجانب أصحاب المصلحة في السيطرة على هذه المنطقة لوقف الزحف السكاني إليها من أجل إبقائها خاوية في انتظار الحلم الصهيوني الخاص بإسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل.
ينفذ مشروع السيسي التصور الجديد للقاهرة الذي ورد في مشروع جمال مبارك الذي أطلق عليه "القاهرة 2050" مع بعض التعديل، وهذا المشروع يهدف إلى وقف التمدد السكاني للقاهرة الكبرى شرقا، وإخلاء وسط القاهرة وتحويلها إلى متحف عالمي، وإزالة الأحياء الشعبية التي يطلقون عليها"العشوائية" ونقل الكثافة السكانية إلى غرب النيل ( بدأت بإنشاء مدينة 6 أكتوبر وستستكمل بمشروع ممر التنمية الذي يقف خلفه الدكتور فاروق الباز).
كان مشروع جمال مبارك يخطط لنقل الوزارات والسفارات إلى أطراف القاهرة مع وضع حزام أخضر وتخطيط هندسي لوقف تمدد السكان شرقا، ولكن يبدو أن الدوائر الصهيونية التي تهيمن على مصر الآن وجدت الفرصة سانحة لوضع اليد على كامل المنطقة الشرقية في ظل مشروع المشير السيسي.
فيما يبدو أن المشير السيسي يريد زيادة الحصيلة التي يستهدف جمعها، برفع قيمة الأراضي في المنطقة الشرقية بالإعلان عن هذه العاصمة الجديدة، ولكي يجد مبررا مقنعا يقدمه للمصريين لبيع ممتلكات الدولة من مباني وعقارات بالقاهرة الكبرى لبناء مقار الحكومة الجديدة، وهو ذات المبرر الذي ورد في تخطيط "القاهرة 2050" . وقد كلف لوبي جمال مبارك من قبل لجنة حكومية بها خبراء من الآثار والثقافة لحصر المباني والعقارات الأثرية بالقاهرة الكبرى، الخديوية والإسلامية والمسيحية، لتحديد المباني التي الأخرى التي سيتم بيعها، و لم تتضمن القوائم الأثرية ماسبيرو الذي سيتم بيعه ولكن التصميمات في المخطط أوضحت أنه سيباع بشرط أن يبقى على هيئته دون هدمه.
المشير السيسي وفقا لتصريحاته يريد الحصول على أكثر من تريليون جنيه لتنفيذ مشروعه لتنمية مصر حسب رؤيته، وقال أنه يريد مضاعفة الناتج القومي الإجمالي السنوي من 1.3 تريليون جنيه إلى 2.6 تريليون جنيه خلال عامين أو ثلاثة من خلال بيع الأراضي بالصحراء الشرقية والغربية والمناجم والمحاجر والجبال الغنية بالمعادن دفعة واحدة في أكبر عملية بيع للأراضي المصرية منذ أيام الفراعنة.
وهذا المبلغ الكبير قد لا يتحقق بالسرعة التي يريدها، لذا هو يعود إلى تنفيذ مشروع جمال مبارك الذي يطرح ممتلكات الدولة داخل القاهرة الكبرى للبيع لليهود والأجانب، حيث يتضمن مشروع جمال مبارك تصورا شاملا لقاهرة جديدة عام 2050 بلا حكومة وبلا أحياء شعبية، يملكها ويديرها رجال الأعمال.
يجب أن نعي أن الذي يخطط لنا دوائر متشابكة من قوى إقليمية وتمرر ما تريد من خلال الاختراقات الواسعة في الدوائر المحلية، فالذي أعد مشروع القاهرة 2050 وقدمه لجمال مبارك لتنفيذه خبراء يهود من خلال "برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية" بمشاركة البنك الدولي وبعض المنظمات الدولية وطرحوه كمشروع حكومي من خلال وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان.
ومن العجيب أن الماكينة تعمل ولا تنتظر التنفيذ الرسمي للمشروع، فأثناء المناقشات حول المشروع منذ سنوات بدأ المستثمرون الأجانب وواجهاتهم ووكلاؤهم يشترون المباني القديمة بوسط القاهرة، بعضها من هيئات حكومية، وزحفوا على بعض الأحياء مثل بولاق أبو العلا.
ما أريد التأكيد عليه أن الدوائر التي وضعت مخطط مشروع جمال مبارك هي ذات الدوائر التي وضعت مشروع المشير السيسي، لكن يبدو أن هناك تغيير في ترتيب المراحل.
فمشروع جمال مبارك كان يخطط أولا لتسليم قلب القاهرة للمستعمرين القدامى من الأجانب وإعادة الوضع إلى ما كان عليه أيام الاحتلال الانجليزي وتمكينهم من كورنيش النيل، ثم الشروع في بناء عاصمة جديدة غرب النيل بين المنيا وأسيوط والواحات فيما بعد، لكن يبدو أن مشروع السيسي يريد تنفيذ فكرة العاصمة أولا ولكن بتغيير مكانها إلى العين السخنة ثم تفكيك القاهرة وخلخلتها وبيع ما تم تحديده من قبل في مشروع جمال مبارك. 
ولم يحدث تغير في باقي السيناريو وهو الاعتماد على مشروع فاروق الباز لنقل الكثافة السكانية إلى غرب النيل. وممر التنمية فكرة قد تبدو جيدة من حيث الشكل، لكن المكان المختار عليه عدة ملاحظات، أهمها أنه يمتص الكثافة السكانية ويركزها غرب النيل، ويساهم في الإبقاء على الصحراء الشرقية بدون سكان، وهذا مطلب إسرائيلي.
ويرتبط بموضوع الكثافة السكانية في مشروع السيسي فصل الواحات كامتداد لـ 6 أكتوبر وضمها إلى الجزء الشمالي من محافظة الوادي الجديد وإنشاء محافظة جديدة باسم الواحات، لوقف حركة الانتشار السكاني المتسارع في أكتوبر ومنعه من الامتداد إلى قلب الصحراء الغربية ( التدفق الحالي معناه وصول المد السكاني إلى قلب الوادي الجديد خلال 10 سنوات بشكل طبيعي) لتظل الصحراء خالية من السكان لتهيئتها لتكون امتدادا لدولة وادي النطرون الطائفية، وهذا ما تناولته بالتفصيل في مقالي السابق (تهيئة الصحراء الغربية لتكون امتدادا للدويلة المسيحية في وادي النطرون ).
مشروع المشير السيسي لبيع الأراضي وممتلكات الدولة يأتي كمرحلة متقدمة لتنفيذ مخطط وضعته دوائر صهيونية وصليبية دولية منذ عقود لتفكيك السلطة المركزية المصرية بتجريد الدولة المصرية من ممتلكاتها لشل قدرتها على قيادة التنمية وإدارة الاقتصاد، بنقل ممتلكات الحكومة إلى مجموعات من اللصوص المصريين والأجانب لتسليم البلاد للسيطرة الخارجية.

ليست هناك تعليقات: