بعد تحرير نينوى كلها وبدء عملية تحرير صلاح الدين وكركوك لأجل إحكام القبضة الحديدية حول مقتربات بغداد وأسوارها فأن الخطوات الآتية هي أهم ما تتطلبه مرحلة التقدم الشامل نحو الهدف الأسمى: تحرير كل العراق وبلا استثناء اي جزء محتل منه:
1 – إن تعدد مراكز القتال الثابتة، وهو أحد أهم شروط النصر الحاسم، أصبح أمراً واقعياً، فلم تعد الأنبار وحدها مركزاً يتعرض للهجوم الشرس الآن نينوى دخلت خط المواجهة العسكرية الشاملة. لكي تنتصر الثورة في مواجهة أي احتمال لهجمات أمريكية أو إيرانية يجب إجبار الأعداء على توزيع جهدهم القتالي على عدة جبهات وليس على جبهة واحدة، لهذا فأن تحرير الموصل جعل منها مركزاً أساسياً للثورة يكمل الدور الذي تقوم به الأنبار وتوسعه، والأنبار أصبحت منذ انطلاق الثورة مركزاً قتالياً رئيساً، في هذه اللحظات التاريخية أصبح استنزاف إيران وعملاءها ومن يدعمهم يتم في الأنبار ونينوى بشكل خاص، وحزام بغداد بشكل أخص. المطلوب الآن تحرير ديالى بالكامل أو على الأقل تحرير أقسام منها تسمح بجعلها مركزاً آخراً لجذب الجهد القتالي للأعداء.
2 – تعدد المراكز القتالية الثابتة والقوية أصبح أكثر ضرورة بعد إعلان أمريكا أنها ستدعم حكومة المالكي ضد الثوار بـ(عمل منسق قوي) وهذا الأمر متوقع تماماً لأن ما يجري في العراق والوطن العربي عبارة عن تنفيذ لمخطط صهيو-أمريكي يقوم على تقسيم وتقاسم الأقطار العربية لذلك فتحرير العراق يعد طلقة قاتلة في رأس المخطط، الأمر الذي يجبر أمريكا على زيادة دعم المالكي.
وثمة أمر مهم جداً وهو أن انتصار المقاومة العراقية سوف يوجه ضربة قاضية لمخطط تقسيم وتقاسم سوريا، فهزيمة إيران في العراق سوف تكون مقدمة حتمية لتحقيق انقلاب ستراتيجي شامل في المنطقة والعالم، وهذه حقيقة لابد من تذكرها كي لا ننسى أن معركتنا في نينوى وكركوك والأنبار وديالى وبابل وصلاح الدين وذي قار وغيرها هي معركة الأمة كلها.
3 - تعزيز خط الحياة الموصلي: أن الاستخدام الأمثل للأسلحة الموجودة أصلاً والتي غنمتها الثورة العراقية من العدو الفارسي أثناء وبعد تحرير نينوى يجب أن توزع بطريقة تضمن حماية خط حياة المركز الموصلي للثورة المسلحة من خلال تحويل الخط الواصل بين بغداد والموصل إلى مقابر لأي قوة تتقدم فيه نحو الموصل. السلاح ليس للزينة ولا للوجاهة بل هو للاستعداد لما هو قادم من خطوات معادية سواء كانت إيرانية أو أمريكية، لذلك فحسن توزيعه وإعطاءه لمن سيقاتل فعلاً هو أهم ضرورات الاستعداد.
الشعب العراقي الذي ذاق أحقر أنواع الإذلال والاضطهاد وعرف أشنع أساليب القتل والتعذيب مستعد الآن للدفاع عن المدن المحررة بلا حدود وتقديم النفس قبل المال لضمان عدم عودة نغول إيران للتحكم فيهم، لذلك فأن الاعتماد على الجماهير المسلحة هو الضمان الأساسي لديمومة النصر النهائي.
4 – الضرورة الحاسمة الآن هي إكمال تطهير كافة مناطق خط حياة الموصل هذا (بغداد - الموصل) من كافة القوى التي يحتمل أن ترتد أو تدعم إيران فلا مجال لسوء التقدير في هذا المجال، وكما حسمت معركة نينوى خلال يومين يجب ضمان خلو خط الحياة من الألغام خصوصاً وأن الخونة والجواسيس كشفوا أنفسهم خلال العشر سنوات الماضية في مناطق شمال بغداد وصولاً للموصل. ومن يتراجع منهم الآن ويدعم الثورة يجب عدم وضعه في مكان وموقع يؤهله للإيذاء لاحقاً.
5 - القدرة الأمريكية والإيرانية محدودة جداً على زج بشر في المعارك لفترة طويلة وقد تزج أمريكا – وإن كان ذلك مستبعداً - إو إيران بقواتها ولكن بصورة محدودة ولزمن محدود أيضاً، فأمريكا أعجز من أن تقاتل مرة أخرى في العراق لأسباب مالية ونفسية وسياسية، خصوصاً وأنها إذا قاتلت ستؤكد أن تراجعها عن وعودها للمعارضة السورية بشن هجمات على النظام الصفوي في سوريا سببه الخطة الأمريكية التي تقوم على التدمير الشامل لسوريا وطناً وعمراناً وشعباً من خلال عدم حسم الصراع، وليس رغبتها بعدم التورط في حرب أخرى، ولهذا لابد من تبني الرأي القائل بأن أمريكا ستقدم جهداً فنياً عسكرياً واستخبارياً للمالكي ضد الثورة خصوصاً في الموصل.
أما إيران فأنها بتورطها الواسع في سوريا والعراق واليمن ولبنان والبحرين بشكل خاص سوف تجد أنها تقف عند حافة انهيار حتمي لأسباب بشرية واقتصادية. من هنا يجب اعتبار التدخل الإيراني عاملاً إيجابياً مادام يقرب مرحلة الانهيار الإيراني التام مثلما حدث لها في العام الثامن من حربها ضد العراق في عام 1988.
وهذا الاحتمال يطرح بقوة حقيقة أن أهم خيارات أمريكا هو الاستخدام المكثف للطائرات بلا طيار لضرب رموز الثورة ومقراتها في الموصل والأنبار وغيرهما، لذلك فالحذر كل الحذر من التواجد في الأماكن المعروفة كمقرات الدولة الرسمية المحررة واختيار دور عادية كمقرات وتغييرها بصورة دورية والتجنب المطلق لاستخدام التلفونات من قبل القادة العسكريين والسياسيين.
أما إعادة تسليح المالكي وإعادة تنظيم قواته فهو لا يغير المعادلة الجديدة لسببين الأول أن الطائرات المقاتلة والدروع الأمريكية تحتاج لزمن طويل لإتقان استخدامها إضافة إلى عدم موافقة أمريكا على تقديم أسرار أسلحتها إلى إيران، والسبب الثاني هو أنه عبث لا غير إعادة تدريب وإعداد قوات المالكي فالبشر الذين يعتمد عليهم المالكي لا يصلحون للقتال العسكري وإن صلحوا للقتل بصورة جبانة. وتجارب الأنبار والموصل أثبتت أنهم حتى لو أرادوا عاجزين عن التحول إلى مقاتلين في جيش نظامي حقيقي.
لهذا فأن تعزيز قدرة المالكي عسكرياً هدفها ليس استعادة الموصل أو الأنبار بل إطالة فترة القتال وعدم السماح بحسم الصراع في العراق لأجل إكمال تدميره والإعداد لتقسيمه مثلما حدث ويحدث في سوريا، لكن العراق ليس مثل سوريا ففيه جيش عظيم يقاتل منذ الغزو وضباطه وجنوده هم عماد الثورة المسلحة والشعب فيه تنظيم ثوري مجرب ومدرب يشمل العراق كله قادر على إجبار خامنئي على تجرع سم الهزيمة.
6 - أن أهم ما يجب تذكره هو أن انهيار جيش المالكي وجه الضربة القاضية – وليس فقط ضربة قاضية - لكافة عملاء إيران وميليشياتها بما فيهم بقية قواته في بغداد والجنوب، فلقد تيقن كل عنصر في الميليشيات التابعة لإيران بأن المعركة ليست كما صورت لهم أو كما تصوروا، وأن شعب العراق كان ومازال وسيبقى أقوى من إيران ونغولها مهما تغيرت الظروف، والهروب الذليل في نينوى بعد الهزائم المتكررة في الأنبار حسمت أمر المعنويات التي غابت ومن المستحيل إعادة بناءها مهما فعلت إيران وأمريكا.
7 – أن استكمال عملية استقرار الموصل بصفتها مركزاً أساسياً للثورة في الشمال يتطلب إعادة الحياة الطبيعية للموصل وكافة نينوى وتوفير الخدمات والأمن وتصفية جيوب الخيانة من أمثال النجيفيين أسامة وأثيل الهاربين من وجه العدالة، وتنظيم آلاف الشباب في صفوف المقاومة وتدريبهم وتسليحهم لحماية نينوى.
8 – موقف السيد مسعود البارزاني يحسب له ولعدالة القضية الكردية في العراق، وبقدر دعمه للثورة في نينوى وبقية العراق تزداد فرص تعزيز حقوق شعبنا الكردي والمحافظة على ما تحقق منها حتى الآن، ففي النهاية اقتنع أغلب أخوتنا الأكراد بأن العراق فقط هو من اعترف بحقوقهم القومية ودعمها ونفذ متطلباتها بينما القوى الدولية والإقليمية تتلاعب بمصائر الأكراد وغيرهم وتساوم عليها. لذلك فأن كردستان العراق المزدهر والمستقر مشروط بعراق حر ومتحرر وآمن ويحكمه أهله وليس الغرباء.
9 – جنوب العراق، خصوصاً الريف منه، اختمر وأصبح جاهزا للثورة بعد أن اقتنعت الغالبية العظمى منه بأن السيطرة الإيرانية تفككت وأنها على وشك الزوال، لذلك على شعبنا في الجنوب الاستعداد ليوم الشرف الوطني في الجنوب لأن تحرير بغداد يعني بدء عملية تحرير الجنوب وفقاً للعبة (الدومينو).
10 – علينا جميعا تذكر الشرط الأهم المسبق للنصر النهائي وهو أن الانتصار بتحرير العراق وليس الحكم هدفنا الأعظم، فتحرير العراق هو هدفنا جميعاً ولذلك فأن الحكم يحب أن يخضع لتلك الحتمية، والصراع على السلطة لن يكون إلا انتحاراً للجميع، وصورة سوريا وما يجري فيها تؤكد بأن التخطيط المعادي يشجع صراعات الثوار دون أن يسمح لأي منهم بحسم الأمر لصالحه فيدمر الجميع بسلاح الثورة، في النهاية شعب العراق هو من سيقرر من يحكمه عبر صناديق الاقتراع وليس البنادق مهما كانت قوية.
11 - أن هروب أو انسحاب القوات المعادية من محيط الكرمة والفلوجة كما أشارت الأخبار ليس فقط تعبيراً عن تكرس الهزيمة في نفوس سوات وكل نغول إيران بل هي أيضاً محاولة لإعادة ترتيب القوى وتنظيمها، ولكن لنتذكر دائماً أن النفوس المنهارة الفاسدة لن تستطيع تقديم أفضل مما قدمت حينما كانت في ذروة تضليلها. وهذه فرصة كبيرة قد لا تتكرر للقيام بتصفية جيوب العدو في الأنبار تصفية نهائية وحاسمة لإكمال جعل الأنبار كلها وليس الفلوجة والكرمة فقط مركزاً محرراً وثابتاً للثورة.
12 - المدد والترياق سيأتي من العراق ليتذكر إخواننا في كافة الأقطار العربية هذه الحقيقة خصوصاً في الخليج العربي وبالأخص في السعودية. أن إنقاذ الخليج العربي من الطاعون الإيراني رهن بدعمكم للثورة العراقية فهي التي ستعيد بناء جبل النار الذي سيعزل إيران عنكم، وهي التي ستعيد الأمن والاستقرار إلى كافة الأقطار العربية، لأن تعجيز أمريكا مرة أخرى وإلحاق الهزيمة بإيران وإجبار خامنئي عل تجرع السم العراقي كما فعل سلفه خميني هو الطريق الوحيد لتجريد أمريكا و"اسرائيل" من أهم قوة تدمير شاملة للأقطار العربية وهي السلاح الطائفي الإيراني.
عاشت الثورة العراقية المسلحة. النصر أو النصر ولا شيء غير النصر.
Almukhtar44@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق