في الوصايا والنصائح التي أعطاها (بول بريمر) ، الحاكم المدني للعراق بعد الاحتلال، إلى من خلفه (جون نيغرو بونتي) قبيل التحاقه سفيرا للولايات المتحدة في بغداد وقائدا لجمهورية المنطقة الخضراء،
تتبدى بنحو واضح عقلية المحتلين وكيف ينظرون إلى أزلامهم، وعندما تطلـّع على هذه العقلية تتبين لك حجوم أولئك الأزلام.
وحسب ما أوردته الواشنطن بوست والصحف الامريكية الاخرى ان بريمر لم ينسى أن يسدي لزميله الدبلوماسي الثعلب العريق نيغرو بونتي بعض النصائح الضرورية ويطلب منه ان يدوّن في مفكرته الشخصيةكيفية التعاطي مع الثعالب الحليفة التي أوكلت إليهم واشنطن إدارة العملية السياسية من خلال اعتماد الوصايا الآتية:
1 ـ إياك ان تثق بأيّ من هؤلاء الذين آويناهم واطعمناهم، نصفهم كذابون، والنصف الاخر لصوص.
2 ـ مخاتلون لا يفصحون عما يريدون ويختبؤون وراء اقنعة مضللة.
3 ـ يتظاهرون بالطيبة واللياقة والبساطة، والورع والتقوى، وهم في الحقيقة على النقيض من ذلك تماما، فالصفات الغالبة هي: الوضاعة والوقاحة وإنعدام الحياء.
4 ـ إحذر أن تغرك قشرة الوداعة الناعمة فتحت جلد هذا الحمل الذي يبدو حميميا وأليفا ستكتشف ذئبا مسعورا، لا يتردد من قضم عظام أمه وأبيه، ووطنه الذي يأويه، وتذكر دائما ان هؤلاء جميعا سواء الذين تهافتوا على الفتات منهم أو الذين التقطناهم من شوارع وطرقات العالم هم من المرتزقة ولاؤهم الاول والأوحد لانفسهم.
5 ـ حاذقون في فن الاحتيال وماكرون كما هي الثعالب لاننا أيضا دربناهم على ان يكونوا مهرجين بألف وجه ووجه.
6 ـ يريدون منا أن لا نرحل عن العراق ويتمنون أن يتواجد جنودنا في كل شارع وحي وزقاق وأن نقيم القواعد العسكرية في كل مدينة وهم مستعدون أن يحولوا قصورهم ومزارعهم التي اغتصبوها إلى ثكنات دائمية لقواتنا، لأنها الضمانة العملية الوحيدة لاستمرارهم على رأس السلطة، وهي الوسيلة المتوفرة لبقائهم على قيد الحياة، لذلك تجد أن هذه الوجوه تمتلئ رعبا ويسكنها الخوف المميت لانها تعيش هاجسا مرضيا هو (فوبيا انسحاب القوات الامريكية) الذي لا ينفك عنها ليلا ونهارا، وقد أصبح التشبث ببقاء قواتنا أحد أبرز محاور السياسة الخارجية لجمهورية المنطقة الخضراء..
7 ـ يجيدون صناعة الكلام المزوق وضروب الثرثرة الجوفاء مما يجعل المتلقي في حيرة من أمره، وهم في الأحوال كلها بلداء وثقلاء، ليس بوسع أحد منهم أن يحقق حضوراً حتى بين أوساط زملائه وأصحابه المقربين.
8 ـ فارغون فكرياً وفاشلون سياسياً لن تجد بين هؤلاء من يمتلك تصوراً مقبولاً عن حل لمشكلة أو بيان رأي يعتد به إلا أن يضع مزاجه الشخصي في المقام الأول تعبيراً مرضياً عن أنانية مفرطة أو حزبية بصرف النظر عن أي اعتبار وطني أوموضوعي.
9 ـ يعلمون علم اليقين بأنهم معزولون عن الشعب لا يحظون بأي تقدير أو اعتبار من المواطنين لأنهم منذ الأيام الأولى التي تولوا فيها السلطة في مجلس الحكم الإنتقالي المؤقت أثبتوا أنهم ليسوا أكثر من مادة استعمالية وضيعة في سوق المراهنات الشخصية الرخيصة.
10 ـ يؤمنون بأن الاحتيال على الناس ذكاء، وأن تسويف الوعود شطارة، والاستحواذ على أموال الغير واغتصاب ممتلكات المواطنين غنائم حرب، لذلك هم شرهون بإفراط تقودهم غرائزية وضيعة، وستجد أن كبيرهم كما صغيرهم دجالون ومنافقون، المعمم الصعلوك والعلماني المتبختر سواء بسواء، وشهيتهم مفتوحة على كل شيء: الاموال العامة والاطيان، وإقتناء القصور، والعربدة المجنونة، يتهالكون على الصغائر والفتات بكل دناءة وامتهان، وعلى الرغم من المحاذير والمخاوف كلها .... فايإك أن تفرّط بأي منهم لأنهم الأقرب إلى مشروعنا فكراً وسلوكاً، وضمانةً مؤكدة، لإنجاز مهماتنا في المرحلة الراهنة، وإنحاجتنا لخدماتهم طبقا لاستراتيجية الولايات المتحدة،مازالت قائمة وقد تمتد إلى سنوات أخرى قبل أن يحين تاريخ انتهاء صلاحيتهم الافتراضية، بوصفهم (مادة استعمالية مؤقتة) لم يحن وقت رميها أو إهمالها بعد..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق