شبكة البصرة
د. أبا الحكم
".. عندما انطلقت الثورة المصرية في أبهى صورها في إعتصامات الشباب في ميدان التحرير، كانت الكتابة بالنسبة إلينا مهمة سهلة، لأن الخيار بين معسكر الثورة وبيننظام الفساد والديكتاتورية والتبعية كان واضحاً، لا يحتاج إلى أي تفكير، ولذلك اخترنا معسكر الثورة دون تردد".!!
كلام صحيح وناضج ظهر في مقدمة مقال للكاتب والصحفي العربي القدير عبد الباري عطوان يوم 27/1/2013.. ولكن، ما نريد قوله إن ما يحصل في العراق حقيقة هو بين معسكرين، معسكر الديكتاتورية والفساد والتبعية من جهة، ومعسكر الشعب العراقي بكل مكوناته، الذي أطلق شرارة الثورة منذ أكثر من شهر، وهي امتداد لمقاومة الشعب العراقي للاحتلال... فما هو خيارك أخي أبا خالد؟!، فإذا كنت قد اخترت معسكر الثورة في مصر على نظام الفساد والديكتاتورية والتبعية للأجنبي، فمن باب أولى أن تختار معسكر الثورة العربية في العراق لكي تكون أكثر عدلاً وأكثر موضوعية، أليس كذلك؟
ثم قال في معرض حديثه عن تدير الدولة وممتلكاتها، "ثورة يوليو عام 1952 لم تدمر قصور أسرة محمد علي، ولم يُحرَقْ يخت الملك فاروق، ولم تعتدِ على المباني العامة، والشيء نفسه حصل في العراق، ومن المفارقة أن الحاكم العسكري الأمريكي الأول "بول بريمر" أقام في قصر الرئيس العراقي صدام حسين".!!
ولكن يا أبا خالد.. هل من المعقول إنك لا تعلم بأن قوات الاحتلال وعملاؤه من الإيرانيين والكويتيين قد دمروا مؤسسات الدولة وبنيتها التحتية وفككوا هياكلها وأحرقوا وزاراتها بمشاعل خاصة واحرقوا المكتبات ونهبوا المتاحف وسرقوا كنوز العراق؟!
وهل من المنطق وأنت الصحفي والكاتب المحترف الذي يرفع راية العدالة والموضوعية أن تسكت صحيفتك العربية الغراء عن ما يحدث في العراق من استلاب للحريات وقتل عشوائي ومنظم وتعذيب في السجون الحكومية والسجون السرية، واغتصاب الرجال والنساء على حدٍ سواء، واحتكار للسلطة في أبشع ديكتاتورية دموية اعترف بها الاحتلال قبل غيره.. والمضحك في الآمر تعلن سلطة الاحتلال أنها تحمل لواء الديمقراطية التي جاء بها المحتل الأمريكي الغازي، وتعلن تشبثها بالدستور الطائفي، الذي كتبه (نوح فيلدمان) الصهيوني المعروف، لإغراض تقسيم العراق وتمزيق شعبه طائفياً وعرقياً؟!
لماذا تسكت يا أبا خالد؟ّ، لا أريد أن أذكرك بما عمله العراق دفاعاً عن عواصم العرب وعن فلسطين الحبيبة، لأنك تعرف ذلك جيداً وقبل غيرك، وليس ذلك منة من العراق وشعب العراق العربي أبداً، إنما هو منهج قومي تمسكت به القيادة الوطنية لعراق ما قبل الاحتلال.
بعد الاحتلال، حيث الكارثة التي حلت بالعراق.. قتلوا العراقيين وقتلوا الفلسطينيين وشردوهم وهم في الشتات.. والغريب في الأمر دعت حكومة الاحتلال مزدوجة الولاء إلى دعم القضية الفلسطينية وعقد مؤتمر لنصرة فلسطين.!!
هؤلاء المجرمين، لماذا تسكت عن جرائمهم؟ أليسوا من صنع الاحتلال الأجنبي الكافر الفاجر؟ أليسوا قتلة وفاسدين ولصوص عاثوا في البلاد فساداً منذ عام 2003 ولحد الآن؟ أليسوا ينفذون توجهات البيت الأبيض تحت وصاية الانتداب الأمريكي المكفول بالاتفاقية الأمنية المذلة؟ أليسوا تابعين؟ أليس رأسهم ديكتاتوراً بامتياز؟!
إذن.. لماذا تسكت عنهم وأنت الوطني القومي الأصيل الذي لا يسكت على ضيم العربي المسلم؟!
الحشود المليونية التي غطت محافظات العراق، ألم تسمع بها تطالب بإطلاق سراح المعتقلين والمعتقلات؟ ألم تسمع باغتصاب نساء العراق في السجون الحكومية والسجون السرية التي يربو عددها على (168) سجناً سرياً؟ ألم تسمع بالفقرة (4) من المادة (13) ارهاب، ذلك السيف الطائفي المسلط على رقاب كل العراقيين المناهضين للاحتلال والتدخل الخارجي والوصاية الطائفية؟ ألم تحرك فيكَ مشاعر الغضب والنخوة العربية والإسلامية الحقة، كما يثير مشاعركَ الشارع المصري والسوري والتونسي والليبي والأفغاني؟
أذكرُ كيفَ انتفضتَ لاغتصاب اللاجئات السوريات الآتي استدرجن في العراق واغتصبن علانية وبدون تحفظ، فلماذا لا تنتفض لنساء العراق وهن يُعانيًنَ من أشد حالات الظلم والاغتصاب والإهانة والتعذيب؟
لا أعلق أكثر أخي أبا خالد.. التاريخ يسجل كل شيء ولا يغفل شيئاً أبداً.. لكن أرجو منك أن تكون مبدئياً وموضوعياً.. حتى لا يقال عنكَ بأنكَ منحاز إلى طرف إنما لحقيقة الشعب وثورته الرائدة، دون أن تضخم ما لا يجوز تضخيمه، وتقزِمْ ما لا يجوز تقزيمه في أمة العرب.!!
28/كانون الثاني/2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق