حقيقة علمية جديدة، مفادها أن الطلق الناري الذي أصاب الناشطة السياسية المصرية شيماء الصبّاغ "غير قاتل"، وأن السبب المباشر لوفاتها أنها "جلدة على عظم".
في ظلّ الاكتشاف العلمي الجديد الذي طالعنا به مدير عام الطب الشرعي لدار التشريح في مصر الدكتور هشام عبد الحميد، لا بد من مراجعة حقيقية لجميع المواقف المتضامنة مع الشابة التي سقطت وقوفاً. كيف لأحد أن يتضامن مع أمّ استهترت بالأمن القومي، إلى درجة شكّل نحول جسدها خطراً على الخرطوش وحوّله إلى فتّاك قاتل؟
خلُص عبدالحميد، في مقابلة تلفزيونية، إلى أن وفاة شيماء في هذه الظروف "حالة نادرة وشاذّة"، والدليل أن أحد المشاركين في التظاهرة أصيب برقبته ولكنه لا يزال على قيد الحياة، إذ ساعدت طبقات الشحم المتراكمة على رقبته في إنقاذه من الموت بطلق ناري. هكذا ببساطة، الاعجاز العلمي الجديد يقول إن "طلقة الخرطوش التي أصابت ظهر شيماء محدثة تهتكاً في الرئتين والقلب، والتي انتشرت شظاياها على مساحة 50 سنتمتراً من ظهرها، لم تكن لتقتل الشابة لو لم تكن الأخيرة "نحيلة"، وقد سبب جسدها الضئيل بتسرّب 4 الى 5 شظايا إلى رئتيها وقلبها ما أدى إلى وفاتها". كان يجب على شيماء الصبّاغ أن تتغذى جيداً، قبل أن تفكّر في أن تكون ناشطة سياسية. كان يجب عليها أن تفكّر بوحيدها قبل أن تنزل إلى الشارع في تظاهرة سلمية من دون أن تنتبه إلى أنها بـ"خفة الريشة". كان يتوجّب على الشابة التي هوت بخرطوش الشرطة أن تتحصّن بـ"شطيرة" واقية من الرصاص.
أسهب المتحدث الرسمي بإسم الطب الشرعي في الشرح عن جهود الطب الشرعي والنيابة العامة في مصر في الكشف عن هوية المجنّد الملثّم الذي أطلق النار، واللواء الذي أصدر الأوامر مرتكزاً على تسجيلات فيديو تؤكد أن النار أطلقت من بعد 8 أمتار وهي المسافة التي كانت تفصل بين القتيلة وقاتلها. معطيات تُثبت مهنية وتفاني الطب الشرعي في التحقيق، هو نفسه المصدر الذي يروّج بشكل غير مباشر إلى "القتل غير المتعمّد"، إذ أنه بحسب الفيديو الذي شرح على أساسه الواقعة، فقد "تفاجأ" الضابط من سقوط شيماء لأنه "طبعاً فإن من هذه المسافة من المستحيل أن يقتل الخرطوش". كم سيتمنى طفلك يا شيماء لو أنك تغذيت جيداً، كم ستتحسّر والدتك لأنها لم تنتبه أنك خرجت من البيت على معدة خاوية. كم من مصري سيتمنى لو أن جسدك النحيل لم يواجه الخرطوش بهذا العنف، ويضع قضاء بلاده مرّة جديدة في مواجهة مصيرية.
بمقتل شيماء الصبّاغ، التقطت الكاميرات صورة مختلفة للقتيل. فالناشطة السياسية المضرّجة بدمائها، فارقت الحياة وقوفاً، بعينين شاخصتين الى السماء، وفم مفتوح على فراغ راسماً تأوهاً عميقاً. عينا شيماء الصبّاغ اللتان توقّفتا على مشهد ما، ظهرتا أكثر حياة من العيون المحيطة بها. تلك العيون التي أشاحت بنظرها عمّا تراه، راسمة صورة قاسية عن مجتمع بات متخماً بالعنف والظلم والخوف... لَو علِم هؤلاء أن الذي قتل شيماء هو "جسدها النحيل" هل كانوا ليهبوا إلى مساعدتها؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق