سألني زميل عن معنى مذكرات التفاهم، التي ترددت كثيرا في المؤتمر الاقتصادي، الذي انقضى مطلع الأسبوع الجاري بشرم الشيخ، وهنا ذكرته حين ذهبت إلى إحدى شركات بيع المطابخ بالمعادى، لاستطلاع منتجاتها من أنواع المطابخ.
حيث قامت مندوبة التسويق بالشركة بفتح ملف لي، تضمن بيانات عديدة عن عنواني وتليفوني وعملي ورغباتي وغيرها من البيانات، أعقبها جولة بالشركة لمشاهدة نوعيات المعروضات، وأسعار كل منها حسب توقيتات التسليم والشرح الفني لمزايا كل نوع.
وبعد عمل مذكرة التفاهم بيني وبين شركة المطابخ، لم أكن ملزمًا بشيء تجاه الشركة، وبسبب أسعارها المرتفعة لم أتردد عليها مرة أخرى.
وما تم مع كثير من الشركات التي حضرت المؤتمر الاقتصادي مشابه لذلك، حيث قامت الوزارات المختلفة من خلال بنوك الاستثمار، بعرض ما لديها من مشروعات، وقامت بعض الشركات بتوقيع مذكرات تفاهم حول رغبتها في شراء أو تنفيذ تلك المشروعات، دون أي التزام عليها باستكمال التوقيع على العقود النهائية.
وهم ما نبهنا إليه قبل المؤتمر، حين وقعت شركات بوزارة البترول مذكرات تفاهم مع شركات كويتية، باستثمارات بلغت 8ر6 مليار دولار، وكذلك عندما قال وزير الاستثمار في تصريحات منشورة قبل انعقاد المؤتمر، أن كل المشروعات التي ستعرضها بنوك الاستثمار خلال المؤتمر ستسفر عن مذكرات تفاهم، يمكن أن تسفر عن توقيع عقود فيما بعد، أو لا تسفر حسب ظروف المستثمرين والسوق.
وبسؤال وزير الكهرباء عن مصير اتفاقات التفاهم، الخاصة بمشروعات الوزارة التي تم الاتفاق عليها، قال إن تحويلها إلى اتفاقيات يتطلب الانتهاء من الإجراءات الفنية والمالية والقانونية المرتبطة بها، تمهيدًا لرفعها إلى مجلس الوزراء لتصبح جاهزة للتوقيع والتنفيذ وفقا لجداول زمنية للعمل.
وقال الوزير إن كل مشروع له توقيتاته، التي تتناسب والتكنولوجيات المستخدمة فيه، فالمحطة الشمسية تحتاج إلى عام، بينما تحتاج محطات الفحم إلى 4 سنوات لتجهيز الموانئ لاستقبال الفحم والطرق وتركيب مكونات المحطة.
نأتي إلى التضارب في التصريحات التي تجعلنا نتشكك في الكثير من الأرقام المعلنة، ففي اليوم الختامي لمؤتمر شرم الشيخ قال وزير الاستثمار، أن المؤتمر أسفر عن اتفاقات موقعة بنحو 33 مليار دولار، بخلاف 2ر5 مليار دولار منح ومساعدات، بالإضافة إلى 92 مليار دولار مذكرات تفاهم مع الشركات قابلة للتحول إلى عقود أو عدم التحول.
وفى نفس اليوم قال رئيس الوزراء أن المؤتمر أسفر عن اتفاقات بنحو 60 مليار دولار، موزعة ما بين 2ر36 مليار دولار توقيع عقود، و6ر18 مليار دولار اتفاق على مشروعات ممولة من الخارج، بالإضافة إلى 2ر5 مليار دولار قروض من صناديق ومؤسسات دولية، وذلك بخلاف 5ر12 مليار دولار من الدول الخليجية الثلاثة السعودية والإمارات والكويت.
- وهكذا اختلف رقم حصيلة المؤتمر ما بين وزير الاستثمار ورئيس الوزراء، كما اختلف تكييف ما تم توقيعه مع المؤسسات الدولية، هل هو منح ومساعدات أم قروض؟ وإن كنا نؤكد أنها قروض، وذلك من خلال أخبار توقيع وزيرة التعاون الدولي لتلك القروض مع البنك الإسلامي للتنمية وبنك الاستثمار الأوربي وصندوق خليفة.
- ورغم أن إجمالي ما ذكره وزير الاستثمار يصل إلى 130 مليار دولار، وإجمالي ما ذكره رئس الوزراء 5ر72 مليار دولار، فقد زادت الصحف المصرية القومية والخاصة الأمر لغطا، حيث اختلفت أرقام الحصيلة فيما بينها مابين 115 مليار دولار و130 و139 مليار و160 مليار و175 مليار دولار.
وكنا نتصور أن الاجتماع الذي عقده رأس النظام مع المجموعة الاقتصادية في اليوم التالي للمؤتمر، سيسفر عن إعلان شامل بحصيلة عقود المؤتمر من خلال إعلان أسماء الشركات الموقعة، وأسماء المشروعات التي ستقوم بها كل منها، وتكلفة كل مشروع، والجدول الزمني لتنفيذه، اتساقا مع شعارات الشفافية التى ترردت كثيرا خلال وقائع المؤتمر.
- ولكن ما نشرته الصحف يوم الثلاثاء زاد الأمر حيرة، حيث فاجأنا وزير الاستثمار بالتصريح بأن إجمالي قيمة المشروعات التي تم التوقيع عليها فعليا (لكل الجهات والوزارات المصرية) يبلغ 15 مليار دولار، بخلاف مذكرات التفاهم البالغة 92 مليار دولار.
لكن وزير الكهرباء في نفس اليوم وفى نفس الصحيفة، خالف بيانات وزير الاستثمار المسئول عن ملف الاستثمار بالحكومة، حين قال إن إجمالي الاتفاقات ومذكرات التفاهم الخاصة بوزارة الكهرباء وحدها، بلغت 70 مليار دولار، موزعة ما بين اتفاقات بقيمة 2ر37 مليار دولار وباقي القيمة مذكرات تفاهم مع شركات.
- كيف يمكن أن تكون قيمة عقود وزارة الكهرباء وحدها بقيمة 37 مليار دولار؟ بينما قيمة عقود كل الجهات حسب وزير الاستثمار، سواء كهرباء أو بترول أو إسكان أو نقل أو غيرها 15 مليار دولار؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق