الدكتور/ السيد مصطفى أبو الخير
آثارت التسريبات التى تمت إذاعتها لمكتب قائد الإنقلاب ردود فعل متباينة سواء على الصعيد الداخلى والإقليمى والعالمى، وأصابت العديد بالصدمة من المعلومات التى سربت عن قادة الإنقلاب وعن كيفية تدبير الإنقلاب وإظهار كل المشاركين فى الإنقلاب على الشرعية فى مصر بداية من المؤسسة العسكرية وأذرعتها الإعلامية المتمثلة فى فضائيات رجال الأعمال والأذرع السياسية وتتمثل فى مؤسسات مجتمع مدنى منها أحزاب ورموز سياسية وحركات سياسية منها تمرد وجبهة الإنقاذ وقيادات سياسية بارزة كان ينظر لها بعين الأحترام وأبانت كيفية إدارتهم لأمور الدولة بطريقة العصابات لصوص المال العام وشبكات الفساد.
كما بينت أيضا حجم التآمر الخارجى الضخم الذى تم تدبيره وتنفيذه ضد إرادة الشعب المصرى سواء الإقليمى المتمثل فى التمويل والدعم المالى الخليجى الخيالى بمبالغ مالية ضخمة جدا كانت تكفى لحل الكثير والكثير من أزمات مصر الاقتصادية والواضح من التسريبات أن هذه الأموال الضخمة لم تقدم لإنقاذ مصر من عثراتها الاقتصادية المفتعلة ولكن كانت ثمن للإنقلاب على الشرعية فى محاولة مستمية للإبقاء على مصر مهمشة تعانى ضربات اقتصادية مفتعلة لتحجيم دورها الإقليمى السياسى لصالح السعودية والإمارات.
كما أظهرت تلك التسريبات التى تم التأكد من صحتها عن طريق أحد المراكز المتخصصة البريطانية التى تعتمد على مصداقيتها المؤسسات البريطانية وفى مقدمتها القضاء البريطانى مدى أنحطاط العقلية العسكرية فى تفكيرها فى إدارة دولة بحجم مصر وسلوكها المشين فى التعامل مع قضايا مصيرية بل بيع ورهن سيادة واستقلال وإدارة الشعب المصرى مقابل دولارات معدودة للآسف توضع فى بنوك أمريكية لحساب العصابة التى تحكم مصر وتؤكد تلك التسريبات أن ما حدث فى 30/6 و 3/7 هو إنقلاب عسكرى وجريمة قلب نظام الحكم فى مصر كاملة وليس ثورة شعبية على حكم الرئيس المنتخب كما أدعت المؤسسة العسكرية واذرعتها الإعلامية والسياسية لتبرير وشرعنة الإنقلاب العسكرى وتمريره وخداع الشعب المصرى.
وقد بينت تلك التسريبات أن العسكر منذ إنقلاب المخابرات الأمريكية عام 1952م الذى أطلق عليه زورا وبهتانا طه حسين ثورة وأطلق على عملاء المخابرات الأمريكية الضباط الأحرار يقامرون بمركز مصر السياسى والاستراتيجى الهام فى المنطقة وقد فعلها المهزوم دائما عبد الناصر ومن بعده السادات وأجادها المتهم مبارك وعصابته، وذلك مقابل حفنة من الدولارات توضع فى بنهوك يهود فى الولايات المجرمة الأمريكية وعلى هذا النهج مازال قادة الإنقلاب يلعبون ذات الدور القذر ويتآمرون ويتقامرون بمصر لمصلحتهم الشخصية.
كما أتضح للشعب المصرى وللشارع السياسى العربى مدى حجم التآمر الذى تقوم به المؤسسة العسكرية ضد المصالح العليا والأمن القومى المصرى الخارجى والداخلى مما ينفى عن هذه المؤسسة الوطنية تماما بل تشكل التسريبات جرائم جنائية خطيرة سوف نوضحها فى هذا المقال وبداية تشكل هذه التسريبات جريمة خيانة عظمى وجريمة التخابر مع دول أجنبية للإضرار بمصالح مصر السياسية والاقتصادية وجريمة إنقلاب عسكرى على نظام الحكم وجريمة تعطيل الدستور والعمل على الإضرار بمؤسسات الدولة وتعطيلها فضلا عن جريمة المساس بسلامة المجتمع المصرى.
فقد أرتكب قادة الإنقلاب ومن أشترك معهم كافة الجرائم الواردة فى الكتاب الثانى من قانون العقوبات المصرى وهى الجنايات والجنح المضرة بالمصلحة العمومية وبيان عقوباتها بالباب الأول وهى الجنايات والجنح المضرة بأمن حكومة من جهة الخارج فى المادة (77/أ) التى نصت على(يعاقب بالإعدام كل من ارتكب عمداً فعلا يؤدى إلي المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها.) والمادة (77/ ب) والتى نصت على ( يعاقب بالإعدام كل من سعي لدي دولة أجنبية أو تخابر معها أو مع أحد ممن يعملون لمصحتها للقيام بأعمال عدائيه ضد مصر .). والمادة (77/د) والتى نصت على أنه( يعاقب بالسجن إذا ارتكب الجريمة فى زمن سلم ، وبالسجن المشدد (1) إذا ارتكبت فى زمن حرب :1. كل من سعي لدي دول أجنبية أو أحد ممن يعملون لمصلحتها أو تخابر معها أو معه وكان من شأن ذلك الإضرار بمركز مصر الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي. ولا يجوز تطبيق المادة 17 من هذا القانون بأي حال على جريمة من هذه الجرائم إذا وقعت من موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة.). والجريمة الواردة بالمادة (77) / هـ) ونصت على (يعاقب بالسجن المؤبد كل شخص كلف بالمفاوضة مع حكومة أجنبية فى شأن من شئون الدولة فتعمد إجرائها ضد مصلحتها.)
وقد أرتكبوا الجريمة التى نصت عليها المادة (78/1) وتنص على أن ( كل من طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ ولو بالواسطة من دولة أجنبية أو من أحد ممن يعملون لمصلحتها نقوداً أو أية منفعة أخرى أو وعداً بشيء من ذلك بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطي أو وعد به وتكون العقوبة السجن المؤبد وغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطي أو وعد به إذا كان الجاني موظفاً عاماً أو مكلفاً بخدمة عامة أو ذا صفة نيابية عامة أو إذا ارتكب الجريمة فى زمن حرب. ويعاقب بنفس العقوبة كل من أعطي أو عرض أو وعد بشيء مما ذكر بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية. ويعاقب بنفس العقوبة أيضاً كل من توسط فى ارتكاب جريمة من الجرائم السابقة. وإذا كان الطلب أو القبول أو العرض أو الوعد أو التوسط كتابة فإن الجريمة تتم بمجرد تصدير الكتاب.).
وقد أرتكبوا جريمة إفشاء الأسرار العسكرية الواردة بالمادة (80/1) والتى تنص على ( يعاقب بالإعدام كل من سلم لدولة أجنبية أو لأحد ممن يعملون لمصلحتها أو أفشي إليها أو إليه بأية صورة وعلى أي وجه وبأية وسيلة سرا من أسرار الدفاع عن البلاد أو توصل بأية طريقة إلى الحصول على سر من هذه الأسرار بقصد تسليمه أو إفشائه لدولة أجنبية أو لأحد ممن يعملون لمصلحتها وكذلك كل من أتلف لمصلحة دولة أجنبية شيئاً يعتبر سراً من أسرار الدفاع أو جعله غير صالح لأن ينتفع به.).
وما نصت عليه المادة (80/ أ) (يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تجاوز 500 جنيه. 1. كل من حصل بأية وسيلة غير مشروعة على سر من أسرار الدفاع عن البلاد ولم يقصد تسليمه أو إفشاءه لدولة أجنبية أو لأحد ممن يعملون لمصلحتها.2. كل من أذاع بأية طريقة سراً من أسرار الدفاع عن البلاد. 3. كل من نظم أو استعمل أية وسيلة من وسائل التراسل بقصد الحصول على سر من أسرار الدفاع عن البلاد أو تسليمه أو إذاعته . وتكون العقوبة السجن إذا وقعت الجريمة فى زمن الحرب.) والجريمة الواردة فى المادة(80/ ب) التى نصت على (يعاقب بالسجن كل موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة أفشي سراً من أسرار الدفاع عن البلاد وتكون العقوبة السجن المشدد إذا وقعت الجريمة فى زمن الحرب.). والجريمة الواردة فى المادة (80/ و ) التى نصت على أنه (يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تجاوز 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من سلم لدولة أجنبية أو لأحد ممن يعملون لمصلحتها بأية صورة وعلى أي وجه وبأية وسيلة أخباراُ أو معلومات أو أشياء أو مكاتبات أو وثائق أو خرائط أو رسوم أو صور أو غير ذلك مما يكون خاصاً بالمصالح الحكومية أو الهيئات العامة أو المؤسسات ذات النفع العام وصدر أمر من الجهة المختصة بحظر نشره أو إذاعته.).
والمادة (82) ا حددت الشركاء فى هذه الجرائم، والفقرة(82/أ) نصت على محاكمة كل من ساهم فى هذه الجرائم بالتحريض والفقرة (ب) من ذات المادة من ساهم بالاتفاق والفقرة (ج) لكل من ساهم بالمساعدة فى ارتكاب هذه الجرائم، ونصت المادة (83) على تكون العقوبة الإعدام على أية جريمة مما نص عليه فى الباب الثاني من هذا الكتاب إذا وقعت بقصد المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها أو إذا وقعت فى زمن الحرب وبقصد إعانة العدو أو الأضرار بالعمليات الحربية للقوات المسلحة وكان من شأنها تحقيق الغرض المذكور.) وفرضت المادة (84) عقوبة على كل من علم بهذه الجرائم ولم يبلغ عنها وبينت المادة (85/1) ما هى الأسرار العسكرية ونصت على (يعتبر سراً من أسرار الدفاع: 1. المعلومات الحربية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية والصناعية التى بحكم طبيعتها لا يعلمها إلا الأشخاص الذين لهم صفة فى ذلك ويجب مراعاة لمصلحة الدفاع عن البلاد أن تبقي سراً على من عدا هؤلاء الأشخاص. 2. الأشياء والمكاتبات والمحررات والوثائق والرسوم والخرائط والتصميمات والصور وغيرها من الأشياء التى يجب لمصلحة الدفاع عن البلاد ألا يعلم بها إلا من يناط بهم حفظها أو استعمالها والتي يجب أن تبقي سراً على من عداهم خشية أن تؤدى إلى إفشاء معلومات مما أشير إليه فى الفقرة السابقة. 3. الأخبار والمعلومات المتعلقة بالقوات المسلحة وتشكيلاتها وتحركاتها وعتادها وتموينها وأفرادها وبصفة عامة كل ما له مساس بالشئون العسكرية والاستراتيجية ولم يكن قد صدر إذن كتابي من القيادة العامة القوات المسلحة بنشره أو إذاعته. 4. الأخبار والمعلومات المتعلقة بالتدابير والإجراءات التي تتخذ لكشف الجرائم المنصوص عليها فى هذا الباب أو تحقيقها أو محاكمة مرتكبيها ومع ذلك فيجوز للمحكمة التى تتولى المحاكمة أن تأذن بإذاعة ما تراه من مجرياتها.). كما تنطبق عليهم المادة (85/أ).
هذه الجرائم كلها تتعلق بأمن الدولة من الخارج، وهناك أيضا الجرائم الواردة بالباب الثاني الخاصة بالجنايات والجنح المضرة بالحكومة من جهة الداخل من المادة (86 حتى المادة 102) وتلك كلها جرائم يجب محاكمة قادة الإنقلاب وأذرعتهم الإعلامية والسياسية والحكم عليهم بالعقوبات الواردة وعلى رأسها الإعدام رميا بالرصاص للعسكريين والإعدام شنقا حتى الموت للمدنيين، وكل من ساعدهم من أشخاص أجنبية بصرف النظر عن أى حصانات وهذا ما نصت عليه المادتين (27 و28) من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية حتى لو كانوا رؤساء دول أو رؤساء وزراء أو وزراء، وهذا سيحدث قريبا جدا أن شاء الله سبحانه وتعالى.
وطبقا للقانون الدولى فأنه ما فعلته الدول الخليجية وأوربا والولايات المجرمة الأمريكية فى التآمر على الشعب المصرى بسرقة ثورته بإنقلاب عسكرى هو مخالف لمبدأ عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول ، وهو مبدا عام وقاعدة آمرة فى القانون الدولى المعاصر ونصت عليه كافة مواثيق المنظمات الدولية الإقليمية والعالمية وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة المادة (2/7). ولذلك ما حدث من جرائم دولية فى مصر منذ الإنقلاب العسكرى حتى الآن من جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب طبقا للمواد (5 و 6 و7 و 8) من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية كل من دبر وساعد وساهم فى الإعداد وتنفيذ الإنقلاب فى 30/6 و 3/7 هو مرتكب للجرائم السالفة ويجب محاكمته على تلك الجرائم أما أمام القضاء الوطنى المصرى وطبعا فقد عزف القضاء فى مصر على ذلك وأصبح من أهم ,اخطر آليات الإنقلاب مما يجعله بمثابة فاعل أصلى فى تلك الجرائم لذلك ينعقد الأختصاص هنا للقضاء الدولى طبقا لمبدأ التكامل الوارد فى الفقرة العاشرة والمادة الأولى من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية.
ويكون ذلك أما بإحالتهم بقرار من مجلس الأمن إلى المحكمة الجنائية الدولية طبقا للمادة (13/ب) من النظام الأسى للمحكمة الجنائية الدولية. أو يصدر مجلس الأمن قرار بتشكيل محكمة جنائية خاصة مثل يوغسلافيا ورواندا او مثل محكمة قتلة الحريرى بلبنان. وفى حال أستخدام الفيتو يتم اللجوء إلى الاتحاد من اجل السلم بالجمعية العامة للأمم المتحدة الذى ينص فى مادته الأولى انه حال فشل مجلس الأمن فى اتخاذ قرار فى مسأله تهدد السلم والأمن الدوليين تعود اختصاصات المجلس الواردة فى الميثاق إلى الجمعية العامة.
ويمكن أن تقوم اى دولة طرف فى المحكمة الجنائية الدولية بتقديم بلاغ للمحكمة الجنائية ضد المتهمين بإرتكاب الجرائم الدولية فى مصر طبقا للمادة (14) من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية، فضلا عن أن اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949م والبروتوكولين الإضافيين لهم لعام 1977م أعطت حق ملاحقة ومحاكمة ومعاقبة مرتكبى الانتهاكات الجسيمة لهم ومعظم أن لم يكن كل دول العالم مصدقة على هذه الاتفاقيات ومنها مصر فالأختصاص بالمحاكمة هنا من حق الدول الأطراف فى تلك الاتفاقيات والبروتوكولين محاكمة هؤلاء المتهمين وأيضا طبقا للاختصاص القضائى العالمى ومفاده وجود أكثر من خمسين دول فى العالم أعطت لمحاكمها حق محاكمة مرتكبى الجرائم الدولية حتى لو لم تقع الجريمة على أرضها ويقع على رأس هذه الدول الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوربى. ولكن التضليل السياسى والتآمر الدولى يمنعان وصول العدالة الدولية لهؤلاء المتهمين وقد إفلت كثير من المجرمين الدوليين من العدالة نتيجة ذلك، لكن أن ربك بالمرصاد وقريبا جدا نجد على أعواد المشانق أو يتم تنفيذ فيهم حكم الإعدام رميا بالرصاص قصاصا وحكما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق