بداية القصة كانت من مدينة درسدن شرقي ألمانيا التابعة لولاية ساكسونيا، حيث استجاب المئات لدعوة رجل معروف بتاريخه الإجرامي ومسجّل لدى الشرطة كسارق هو "لوتز باخمان"، بل إن أبحاث لصحيفة "ساكسونيا" أكدت أن باخمان كان تحت الحراسة بسبب قضية الإتجار في المخدرات، ناهيك عن الجرائم الأخرى التي اقترفها في الماضي كالسطو والأقوال الكاذبة، والقيادة في حالة سكر والاعتداء، وغيرها من الجنايات.
يبدو أن الحملة الشرسة على الإسلام والمسلمين لم تعد تقتصر على بقعة جغرافية معينة، بل عمت العالم أجمع شرقا وغربا شمالا وجنوبا، ولا يكاد يمر يوم إلا وخبر اضطهاد أو انتهاك حقوق المسلمين يتصدر وسائل الإعلام بشكل عام.
وإذا كان من أكثر الأخبار تداولا في الآونة الأخيرة خبر تنامي الرهاب من الإسلام في المجتمعات الغربية، حيث تنتقل ظاهرة "الإسلاموفوبيا" من مدينة إلى أخرى في الدول الغربية، فإن ما يحدث في ألمانيا منذ شهر أكتوبر الماضي وحتى الآن يعتبر فريدا من نوعه، ويستحق التساؤل: ماذا يحدث في ألمانيا؟
بداية القصة كانت من مدينة درسدن شرقي ألمانيا التابعة لولاية ساكسونيا، حيث استجاب المئات لدعوة رجل معروف بتاريخه الإجرامي ومسجّل لدى الشرطة كسارق هو "لوتز باخمان"، بل إن أبحاث لصحيفة "ساكسونيا" أكدت أن باخمان كان تحت الحراسة بسبب قضية الإتجار في المخدرات، ناهيك عن الجرائم الأخرى التي اقترفها في الماضي كالسطو والأقوال الكاذبة، والقيادة في حالة سكر والاعتداء، وغيرها من الجنايات.
وبانضمام النازيين الجدد وجماعات مثيري الشغب في ملاعب كرة القدم أو محبي موسيقى الروك في مسيرات الحركة، بالإضافة لحليقي الرؤوس العنصريين والمنحرفين والجانحين، ناهيك عن انضمام الجماعات اليمينية المتطرفة التي وجدت في هذه المظاهرات فرصة للنيل من المسلمين، وإبراز توجهاتهم العنصرية ضد الإسلام، مثل الحزب الوطني الديمقراطي المعادي للمهاجرين، وحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف المعادي للوحدة الأوروبية، ازدادت أعداد المتظاهرين لتصل أمس إلى أكثر من 17 ألف متظاهر.
وما يثير الريبة والقلق من هذه المظاهرات المعادية للإسلام والمسلمين هناك، هو تكرارها كل يوم اثنين في نفس المدينة، وقد ردد المشاركون في المظاهرة أمس والتي أطلق عليها اسم "المسيرة العاشرة ضد الإسلام" ترانيم عيد الميلاد للتعبير عن رفضهم لما سموه "أسلمة الغرب".
لم يكتف هؤلاء بانتهاك حقوق المسلمين من خلال المظاهرات العنصرية، بل مارسوا انتهاكات من نوع آخر، حيث تعرض مسجد في طور البناء في مدينة "دورماغن" غرب ألمانيا إلى تدنيس واجهته برموز نازية كالصلبان المعقوفة، وكتابات معادية للأجانب الأحد الماضي.
وأعلنت الشرطة المحلية في بيان أن مجهولين قاموا بتلطيخ واجهة المسجد ما بين مساء السبت إلى غاية قبل ظهر الأحد الماضي، بحوالي 40 إلى 50 رسما وعبارة معادية للأجانب – والمقصود بهم هنا المسلمين -، وهو ما يجعل الموضوع ينتقل من دائرة التظاهر إلى التعرض لمشاعر المسلمين.
والحقيقة أن أمثال هذه الانتهاكات لم تكن فريدة من نوعها في ألمانيا، إلا أنها في الفترة الأخيرة زادت بشكل ملحوظ، فقد ذكرت منظمات لمساعدة اللاجئين ومناهضة العنصرية: أن الأشهر العشرة الأولى من هذا العام شهدت أكثر من 200 تظاهرة ضد مراكز إيواء طالبي اللجوء، وفي 10 كانون الأول (ديسمبر) هاجم محتجون يمينيون ثلاثة أبنية مخصصة لسكن طالبي اللجوء برسم علامة الصليب المعقوف عليها ثم أضرموا النار فيها.
بل إن الأرقام الرسمية تبين أن يمينيين هاجموا مراكز ايواء طالبي اللجوء 86 مرة خلال الفترة الواقعة بين كانون الثاني (يناير) ونهاية ايلول (سبتمبر) 2014م، واشتملت هذه الاعتداءات على اضرام النار واعتداءات جسدية خطيرة ورسم رموز ممنوعة بموجب الدستور الألماني.
يضاف إلى ذلك أن الانترنت غُمر بعدد لا يُحصى من مواقع الكراهية والعنصرية وجماعات فيسبوك يمينية متطرفة، وتتحدث مدونة واحدة معادية للمسلمين عن زهاء 70 ألف زائر في اليوم، وهو ما يؤكد أن في الأمر حملة منظمة تشن ضد المسلمين في ألمانيا.
ومع وجود تحركات مناهضة لهذه العنصرية المقيتة ضد المسلمين في ألمانيا، كالمسيرات والمظاهرات المضادة، ومع تصريح المسؤولين السياسيين - وعلى رأسهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل - المنددة بهذه التظاهرات التي تحريض على الكراهية والتشهير، والتي تحاول من خلالها حفظ ماء وجه الحرية الدينية المزعومة في ألمانيا، إلا أن كل المؤشرات تؤكد عدم جدية الحكومة الألمانية في استخدام الحسم وتطبيق القوانين على أمثال هذه الانتهاكات.
وربما يكون التساؤل التالي خير شاهد على ذلك: ماذا لو كانت تلك المظاهرات والاحتجاجات ضد اليهود في ألمانيا؟ ماذا سيكون رد فعل الحكومة الألمانية؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق