ها نحن نحيل إلى المستقبل الأمل فى إقرار حقوق وحريات المواطن واستعادة المجتمع لتسامحه واكتساب مؤسسات وأجهزة الدولة لصفات العدل والتزام سيادة القانون. ها نحن نحيل إلى المستقبل أيضا حين نلقى بمهام الانتصار للحقيقة وكشف وتوثيق المظالم والانتهاكات وجرائم الفساد التى يتعرض لها الوطن وإثبات عدالة المطالبة بالديمقراطية على عتبات تدوين وقائع الحاضر وكتابة تواريخه الراهنة بأقلام الغد، ونحمل أقلام المستقبل هذه ما لا يطيق الكثير منا اليوم من جهر صادق بالحق ودفاع نزيه عنه فى وجه حسابات القوة والحكم والسلطة.
فهل لنا أن نتمسك الآن بقيمة المعرفة والعلم والعقل فى وجه الظلامية التى تتكالب على الترويج لها بعض مؤسسات وأجهزة الدولة وبعض المصالح الاقتصادية والمالية وبعض النخب المجتمعية الباحثة فقط عن حماية امتيازاتها، وفى وجه الجهل الذى تمكن من المجال العام على وقع ضجيج إعلامى متصاعد وبسبب تغليب نخب الطقوس السياسية والاحتفاليات الانتخابية لمصالحها الضيقة على صالح المواطن والمجتمع والدولة، وفى وجه التطرف الذى ينشر كراهية الحياة وازدراء الإنسانية والعبث بحقنا فى الاختيار الحر وفى الاختلاف دون إلغاء ويعتاش على غياب العدل وتراكم المظالم والانتهاكات وتختزل منظومة الحكم/السلطة سبل القضاء عليه فى معالجات أمنية ليست بكافية وإن كانت ضرورية وفى مقولات خطاب دينى تتعدد تناقضاته وتتردى مصداقيته ويفتقد الاستقلالية اللازمة لتحديد موقعه إزاء مواطن يعترف له بالحق فى الاختيار ومجتمع يريد له السلم الأهلى والتسامح.
هل لنا أن نتحصن الآن بالمعرفة والعلم والعقل وحب القيم الإنسانية والحق فى الاختيار الحر لكى لا نستسلم للهجمة السلطوية الراهنة التى تمتهن حياة بعضنا الشخصية ومساحاتنا الخاصة بادعاءات زائفة بشأن الدفاع عن الخير/الفضيلة إزاء شيوع الشر/الرذيلة وبممارسات تورط فى رداءتها بعض مؤسسات وأجهزة الدولة وبعض المؤسسات الدينية وبعض وسائل الإعلام، ولكى لا نستسلم لذات الهجمة السلطوية وهى تعصف باستقلالية وفاعلية تنظيماتنا الوسيطة، التى نودع بها كمواطنات ومواطنين اهتمامنا بالشأن العام ورغبتنا فى شراكة مع مؤسسات وأجهزة الدولة والمصالح الكبرى والنخب المجتمعية تستند إلى الشفافية والنزاهة والتوافق وتستهدف الصالح العام وبحثنا عن منظمات مجتمع مدنى وجمعيات أهلية تطالب دوما بحقوقنا وحرياتنا وتجتهد لحمايتها فى كل الظروف والأحوال، ولكى لا نستسلم لاستعلاء مؤسسات وأجهزة ومصالح ونخب هذه الهجمة السلطوية حين تمنع عنا المعلومات والحقائق ويطلب منا التأييد الأحادى للحكم/ السلطة باسم أخطار ومؤامرات لا قبل لنا بإدراك مضامينها ولا بالإسهام فى التغلب عليها.
هل لنا أن نغرس المعرفة والعلم والعقل وحب القيم الإنسانية والحق فى الاختيار الحر ونمكن بعض المصريات والمصريين من التعرف على طاقات كل ذلك التنويرية والتقدمية عبر العمل الدؤوب والجهود الفردية والجماعية للارتقاء بخدمات التعليم المدرسى والجامعى المجانية (وشبه المجانية) الموجهة إلى القطاعات الشعبية الفقيرة ومحدودة الدخل، وعبر المبادرات التنموية لمنظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية للقضاء على الأمية ومواجهة الفقر والبطالة ومكافحة الفساد (خاصة فى السياقات المحلية وفى الخبرات اليومية المباشرة) وحماية الفئات المستضعفة مجتمعيا كالأطفال والنساء وكبار السن وذوى القدرات/الاحتياجات الخاصة، وعبر نشر الوعى بين الناس بأن السبيل الوحيد للتنوير والتقدم والتغلب على الظلامية والجهل والتطرف وأزمات اليوم يمر بمحطات الارتقاء بالتعليم وتنشيط التنظيمات الوسيطة وإدراك حتمية تفعيل دور المواطن والشراكة مع المجتمع ونحن نحلم بالمستقبل الذى سيأتى بالحقوق والحريات كاملة وينتصر للحقيقة ولعدالة المطالبة بالديمقراطية؟
هل لنا أن نضطلع بذلك لدفع اليأس ولمقاومة الاستسلام ولإنقاذ إنسانيتنا؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق