"يقف محصلو الكارتة على طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي، ليجمعوا الأموال من سائقي السيارات المارة على الطريق، لتذهب الأموال المجمعة بعد ذلك إلى خزينة وزارة الدفاع المصرية، وليس إلى خزينة الدولة".
بهذه الكلمات بدأت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية مقالها الذي يبرز كيفية توسيع الجيش المصري سلطاته علنًا، حيث اتخذ الجيش مكانة ونفوذًا في مصر عقب عزله الرئيس محمد مرسي مطلع يوليو الماضي، إلى الحد الذي جعل الجيش يشعر بأنه لا يخضع لرقابة أحد.
وأوضحت وزارة النقل أن السبب وراء ذهاب أموال الكارتة إلى خزينة الجيش، هو منح الجيش حقوق تطوير الطريق لمدة 50 عامًا، جاء ذلك في مؤتمر صحفي انعقد في نوفمبر الماضي.
وتحدث المقال الذي جاء تحت عنوان "الثورة المصرية المضادة"، عن أن الجيش الذي يعتبر دولة داخل الدولة، وكان عادة ما يحمي مصالحه من خلف الستار، يقوم الآن باتخاذ خطوات واضحة لتعزيز سلطاته، والتأكيد بشكل متزايد على أنه لا يخضع لرقابة أحد.
وتضيف الصحيفة، أن دفعة الديمقراطية التي بشرت بها ثورة يناير قد انتهت، دون أن تحقق أيًا من مطالب الثورة، ولم تتوقف أي من ممارسات وزارة الداخلية سيئة السمعة التي تتولى مهمة إسكات أصوات المعارضين.
وتشير الصحيفة إلى أن الجيش تعززت قوته من خلال الدعم الذي يلقاه من قطاع واسع من الشعب، كما أن سلطة الجيش المطلقة ستتعزز أكثر في حالة تمرير الدستور في الاستفتاء المقرر في يناير المقبل، حيث يتوقع الكثيرون تمرير الدستور.
ونوهت الصحيفة إلى أن المعلقين السياسيين يمكنهم مناقشة مواد الدستور الـ240 بالطريقة التي يريدونها، لكن كل التفاصيل غير موضحة في المواد التي أضفت حماية على الميزات الخاصة للجيش.
المادة 234، على سبيل المثال تعطي الجيش القرار النهائي حول من يمكن تعيينه وزيرًا للدفاع، أما المواد الأخرى فتقضي بأن يكون للجيش ميزانيته الخاصة المفصولة عن ميزانية الدولة العامة، وتعطي الجيش صلاحية محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، إذا هاجموا أفرادًا من الجيش في محاور قتال أو داخل مراكز يملكها الجيش، تتنوع من محطات الوقود إلى قاعات الاحتفالات.
وتفيد التقارير بأن الجيش يدير اقتصادًا خفيًا، يمثل ربع اقتصاد البلاد، ولا توجد شفافية حوله، بحسب الصحيفة، وهذا يثير المخاوف، خاصة بعدما جاء تصنيف مصر على قائمة (منظمة الشفافية الدولية) في المرتبة رقم 114 من مجموع 177 دولة في مؤشر الفساد الذي تعده كل عام.
وقالت الصحيفة، إن الجيش سعى منذ 3 يوليو الماضي، إلى تحصين قوته بطريقة لم تكن بهذا الوضوح أثناء ذروة عهد الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر، وعلى خلاف آمال قطاع من الديمقراطيين، فالجماهير التي خرجت إلى الشوارع ضد مرسي رحبت بدور قوي للجيش في السياسة المصرية، وينظر الكثير من المصريين إلى الجيش، على أنه المنقذ الوحيد للشعب من "المؤامرات الأجنبية".
علاوة على ذلك، أضافت الصحيفة، أن الجيش استثمر مخاوف الشعب من الإخوان المسلمين، حتى تكشف الوجه الآخر للكثيرين ممن نصبوا أنفسهم كليبراليين، وكانوا لا يترددون في التعبير عن مواقفهم أثناء حكم مرسي، إذ أنهم لا يهتمون بالديكتاتورية أو انتهاكات حقوق إنسان طالما لم تأت من الإسلاميين.
وتابعت الصحيفة أنه مع مرور الوقت، ومع امتلاء السجون بالإخوان المسلمين، سيكتشف المصريون المصدر الحقيقي للشر، إلا أنه هيمنة الجيش، والفساد المتمثل في غياب الشفافية، وانعدام حكم القانون، وانعدام العدالة الاجتماعية، وانعدام الحرية، وانعدام حقوق الإنسان.
وفي النهاية، قالت الصحيفة إنه بالرغم من كل الميزات والسلطات التي يتمتع بها الجيش، إلا أنه فشل في جلب الاستقرار للبلاد، وبالنسبة لهؤلاء الذين رأوا في الجيش خيارًا أفضل من الإخوان المسلمين، سيكتشفون حجم الظلم الذي ستجلبه السلطات الواسعة التي يتمتع بها الجيش على كل ملامح الحياة في مصر.
· الترجمة من موقع " مصر العربية"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق