امريكا مع من ، الاسلاميين ام نظام 30 يونية ؟ ، سؤال مهم والاجابة عليه تحتاج لدلائل منطقية، فانا لست معنيا بتصريحات الطرفين التى يؤكد فيها كل طرف انها تتآمر ضده وتلعب مع الطرف الآخر ، خاصة واننى معنى فى الاساس بحقائق التاريخ وليس بما يصدر عن ابواق الدعاية السياسية .
لكى نجيب على السؤال بحقائق التاريخ، وليس بهلوسة المنافقين فلابد وان اعود بكم الى حادث 11 سبتمر 2001 وتبعاته ومبررات امريكا آئنذاك لضرب افغانستان والعراق و اتخاذها قرارا استراتيجيا بضرورة نشر الديمقراطية فى العالم العربى .
التوجه الرئاسى الامريكى الذى اتخذته ادارة بوش الابن عقب انهيار برج منظمة التجارة العالمية بنيويورك فى حادث ارهابى كان احد مبراراته الاساسية ان انظمة العالم العربى ديكتاتورية، و تستخدم العصا الامنية بقسوة ضد تيارات الاسلامى السياسى ، وتكون النتيجة شعور عناصر الاسلام السياسى باليأس والكبت ، وينعكس ذلك لكراهية شديدة لامريكا كداعم لتلك الانظمة ، ويتم ترجمة هذه الكراهية فى شكل عمليات ارهابية تستهدف الحضارة الغربية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية.
على ذلك الاساس تخلصت امريكا من صدام حسين ، و كشفت عن نيتها فى التخلص من بشار الاسد لولا تعقد الامور فى العراق بداية من 2004 ، فغيرت اسلوبها ليكون نشر الديمقراطية فى العالم العربى بوسائل سياسية وليس بالقوة ، مأخوذة فى ذلك بان قسوة الديكتاتورية فى العالم العربى تنعكس عليها فى شكل عمليات ارهابية .
هذا التوجه الرئاسى مازال معمولا به فى امريكا ، وكان يستوجب على ادارة اوباما ، بل ويلزمها بأن تفكر على الاقل فى نتائج ضرب الاسلاميين فى سوريا وبقسوة شديدة وصلت الى حد استخدام الاسلحة الكيميائية واقصاء الاسلاميين فى مصر.
بالتأكيد لو فكر اوباما والفريق المعاون له سيجد ان الحالة فى سوريا ومصر ينطبق عليها ما حذر منه التوجه الرئاسى الامريكى ، وبالتأكيد ايضا انه تدارس الموقف مع معاونيه ، وكانت النتيجة هى تضحية الادارة الامريكية بالتوجه الرئاسى فى سبيل ضمان مصالحها وضمان امن اسرائيل .
قد يتساءل البعض هنا ، كيف يغض اوباما الطرف عن شىء خطير حارب من اجله سلفه جورج بوش الابن فى دولتين لكونه يمثل خطورة على الامن القومى الامريكى ؟ ، وهذا الشىء هو بالطبع اليأس والكبت للاسلاميين وترجمته لارهاب يستهدف الولايات المتحدة وحلفائها .
من كل ماسبق ذكره اعتقد وصلت الفكرة بالدليل والمنطق ان امريكا مع المشير السيسى ومع نظام 30 يونية ، ولكن المفزع فى الامر هو لماذا اتخذت امريكا هذه الخطوة على الرغم من انها وفقا لتقديراتها وحساباتها ستكون نتيجتها كبت يمكن ان يولد ارهابا يستهدف الامريكيين فى الداخل ؟
الادارة الامريكية ممثلة فى اوباما مطالبة الآن امام العالم كله بالاجابة الجامعة المانعة عن هذا السؤال ، خاصة وانه يوحى بأنها ادرات وحكومات كاذبة ، وان كبت الاسلاميين على ايدى انظمتهم برىء تماما من كذبة 11حادث سبتمر 2001 وكل الاكاذيب التى اعقبته.
الاجابة الجامعة المانعة هى الاخرى تصب فى اتجاه ان امريكا تؤيد السيسى ولم تكن فى يوم من الايام مع مرسى ، لان تبرير ما يحدث لا يمكن ان يكون الا درء خطر اكبر بتقبل خطر أقل والاستعداد للتعامل معه فى حينه ، بمعنى ان ادارة اوباما رضيت بتقبل خطر نتائج اقصاء الاسلاميين لانه اقل بكثير من نتائج سيطرة الاسلاميين على الحكم فى اهم دولتين فى العالم العربى وهما مصر وسوريا ، بحكم انعكاس ما يحدث فى هاتين الدولتين على اسرائيل.
تلك التحليلات والتقديرات تجد فى جعبة السياسة الامريكية ما يؤكد انها قريبة من الواقع ، فبعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتى السابق صدرت تقارير كثيرة تداولتها وسائل اعلامية كثيرة عقب غزو امريكا للعراق ، تؤكد ان امريكا وضعت الخطر الاخضر المتمثل فى الاسلام السياسى وامكانية نجاحة فى انشاء كيان سياسى مترامى الاطراف حتى ولو بعد حين ، عدوا لها ، بدلا من الخطر الاحمر الذى كان متمثلا فى الشيوعية والاتحاد السوفيتى السابق .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق