يبدو أننا سنتعايش مع زمن السرد "التنكيتي" على غرار شر البلية!
قلبوا كل الأمور، وركبوا مسميات على وجه المشهد المزيف لتجعله حقيقة. إنهم باختصار تخصص "تقلبات"!
محمد مرسي رجل مصري. قدره "التعيس" كما يبدو واقعاً. نصبه أول رئيس منتخب لمصر. مصر التي منذ سقوط الملكية تعاقب عليها حكم عسكر. سواء جاء ببدلة "ميري" أم خلعها قبل أن يُقسِم. أم رئيس للواجهة ويُدار من الثكنات. تلك مصر قبل ثورة 25 يناير!
جاءت الثورة بمرسي ليكون نقطة تحول تاريخ الحكم في مصر من عسكري ذا وجوه إلى مدني تام فماذا حدث؟!
إنه يحاكم اليوم الاثنين الرابع من نوفمبر لعام 2013 فقط لأنه لم يأت على هوى النظام المتغلغل في مؤسسة الحكم التي لا تنفصل في الطاعة عن المؤسسة العسكرية، يحاكمونه لأنه أراد أن يحكم مصر ما دام حصل على ثقة الشعب الذي اختاره بمنظومة الدستور والديمقراطية وجاء بأغلبية تمكنه من إدارة البلاد وتشكيل حكومتها. يحاكمونه بتهمة قتل أتباعه. والتخابر مع حماس المسلمة. وتهم أخرى ساذجة!
قلبوا المعايير فصارت إسرائيل دولة جارة. وغزة عدوة فهدموا أنفاقاً كانت رئة تتنفس من خلالها غزة كلها لخنقها وقتلها لتحقيق أمن اليهود وحفظاً للعهد مع أميركا المنافقة التي كان أول ما صرح به رئيسها المؤقت أن "ما يهمنا التزام رئيس مصر الجديد باتفاقية كامب ديفيد" وأعطوا هذا الأمان وانتهى. ولكن الغدر من سمات أهل الشقاق والكفر فبدأت حياكة الانقلاب من البيت الأبيض والاستخبارات الأميركية ليسوا برءاء، فقد فعلوها قبلاً بفنزويلا وكوبا وفي كل فتنة وفوضى في دول العالم لهم يد.
اتخذو مرسي قرباناً لتنفيذ مخططات إعادة هيكلة الخارطة الدولية والتحالفات. وحفظ أمن الشوكة التي زرعوها في حلقوم الأمة العربية والإسلامية. كل ذنبه أنه أراد أن يحكم مصر بناءً على خطة الحزب الفائز الحاكم "ويحب البعض تسميته حكم الإخوان" لا بأس فلا فرق بين المسميات. نعم. من حق حزب الحرية والعدالة التي تمثل أغلبيته جماعة الإخوان المسلمين، أن يحقق رؤيته ويدير عبرها البلاد. يجب أن يأخذ فرصته كأي حزب سياسي أتى بالطريق المشروع لسدة الحكم، ولكن لأنه حزب يرفع شعار الإسلام السياسي. اقتلعوه.
تاريخ المحاكمة هذه سيكون فارقاً في الخريطة السياسية ليس لمصر فحسب، بل للإقليم والمجتمع الدولي والأيام ستثبت ما نقول.
كل من كتب في أحداث مصر لم يتجرد. والعدل يتطلب التجرد ما استطعنا. وفصل جماعة الإخوان المسلمين عن الحدث ونقده كمشهد سياسي بحت بصرف النظر عن الشخوص والأيديولوجيات.
وهذا ما عجز الجميع من الطرفين مؤيد للإخوان أو معارض لهم عن فعله. أقلام قليلة جداً استطاعت الاقتراب من الوصف المهني مثل المصريين الدكتور المؤرخ الأديب محمد الجوادي وأستاذ العلوم السياسية الدكتور سيف عبدالفتاح والكاتب الإعلامي التونسي الدكتور محمد الهاشمي الحامدي. وبالطبع أقلام أجنبية مثل المفكر الدكتور تشومسكي والصحافي الكاتب روبرت فيسك. وكذلك افتتاحيات ومقالات وصفية تحليلية لصحف نيويورك تايمز. واشنطن بوست. الجارديان. وصحف بريطانية وألمانية وبرازيلية وإسبانية وإيطالية وفرنسية. بالإضافة للصحف التركية.
الذي حدث في مصر كان غنياً إعلامياً من زخم في الاستقطاب وفقر في الحياد.
مما أدى إلى مبالغة في العداء للإخوان. وفي الدفاع عنهم. فضاع ميزان العدل والحق.
لذلك وضعتُ أمامي تساؤلات لأتمكن بعد إجابتها من قراءة المشهد فيسهل التناول الموضوعي، فما هي تلك التساؤلات؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق