لي كتابات تنتقد بعض سياسات وأفكار حركة حماس لكني لم أنس يومًا أنها فصيل فلسطيني مهم يقاوم الاحتلال، ويواجه الحصار الظالم على قطاع غزة، كما أنها فصيل وطني لا يمكن التشكيك في أهدافه وإخلاصه للقضية، ولذلك تبذل الدماء الزكية رخيصة في سبيل تحرير فلسطين حيث قدمت طوابير من الشهداء متوجين بشيخ المقاومة والأب الروحي لها أحمد ياسين، ولا يمكن في سياق الخلاف مع الإخوان أن يناصب مصريون أي فصيل فلسطيني العداء مثل حماس لمجرد أن لها علاقة فكرية أو حتى تنظيمية مع الإخوان، بل يصل العبث إلى إطلاق حملات كراهية ضد غزة الأبية العظيمة الصابرة الصامدة بدل تسيير حملات إغاثة وتضامن. غزة والضفة شعب مجاهد مرابط له علينا حق المساندة والمساعدة والدعم ولا نقول له كما يقول الأنانيون عديمو البصر والبصيرة: "ما يحتاجه بيتك يصير حرامًا على الجامع"، بل نقول كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم "ليس بمؤمن من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم"، وأهل غزة جار عزيز يواجه أبشع حصار واحتلال ولا يجب أن نتجاهل أن غزة كانت في عهدة الإدارة المصرية حتى احتلتها إسرائيل في حرب 67 التي هزمت فيها مصر عبد الناصر، وبالتالي هناك مسئولية مصرية معنوية مازالت قائمة لليوم عن القطاع، ويجب أن نتذكر أن كل الاحتلالات جاءت لمصر من الشرق حيث غزة، وأن مصر نجحت في صد المغول والصليبيين في غزة وما وراءها من أراض فلسطينية وبالتالي لا يجب ترك غزة تواجه وحدها الجحيم والموت جوعًا، ولا يجب تركها فريسة للاختراقات الإيرانية أو التنكيل من جانب الاحتلال فهي ساحة أمن قومي لمصر بكل معنى الكلمة، وإذا كان مبارك قد قال إننا لن نسمح بتجويع غزة فهل بعد الثورة تشن حملات عنف وكراهية مجنونة ضد غزة تكون إسرائيل المستفيد الأول منها، هنيئًا لإسرائيل بأعداء الإخوان لأنهم يصطفون إلى جانبها ويحققون لها أكثر مما تحلم به، ولو دفع الكيان الصهيوني ما في الأرض ما عثر على أمثال ذلك الخليط من تيارات تزعم إيمانها بالقومية وبالعروبة وبالدفاع عن القضية المركزية للعرب حتى صاروا ردفًا للمتصهينين، فقد ألف بين قلوبهم العداء للإخوان ليكونوا رأس حربة ضد غزة وحماس.
تسقط الأقنعة وتزول الماكياجات لتظهر الوجوه المزيفة الكئيبة الكالحة الخادعة، فغزة ليست خطرًا على مصر، بل الخطر هو إسرائيل أولًا وأخيرًا، وأمس واليوم، وحماس ليست عدوًا لمصر، بل العدو هو الأحزاب والمنظمات والحركات الصهيونية.
قتل حماس لجنودنا مستبعد حتى تظهر نتائج التحقيقات التي طالت، وحماس ليست بهذا القدر من الغباء وقصر النظر السياسي والاستراتيجي، وقد كتبنا لحظة وقوع الجريمة أن إسرائيل هي المستفيد الأول حيث لا فائدة واحدة ستجنيها حماس من ارتكاب هذا العمل الإرهابي الجبان المدان. وليس شرطًا أن تنفذ إسرائيل العملية بنفسها إنما من خلال عملائها وهم كثيرون في غزة والضفة وفي بلدان عربية وأجنبية.
يفترض أن هناك تحقيقات جادة بشأن ما حصل، فأين النتائج حتى لا يكثر اللغط؟ ولماذا تصمت القوات المسلحة وأجهزة المخابرات؟ ألم تنتهي التحقيقات بعد؟ أليست هناك مؤشرات أولية تزيل بعض الغموض بدل الاجتهادات الصحفية، أو الأخبار المدسوسة والموجهة لإحداث بلبلة وفتنة؟.
مع ذلك إذا أدانت التحقيقات عناصر من حماس فإنها ستكون قد ارتكبت خطأً جسيمًا بحق مصر، أما إذا كانت بريئة فهل سيكون لدى المتصهينين بقية من حمرة الخجل لتقديم الاعتذار؟!.
tmyal66@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق