برنارد ليفى يقاتل بجوار "ثوار الناتو" فى ليبيا
ادارة المهرجان العريق، فاجأت الجمهور باضافة فيلم برنار هنري ليفي. «الفيلسوف» الصهيوني درج على توظيف الصراعات الدامية في أعماله بطريقة مشبوهة، وهذه المرّة يستعيد «مغامراته» في أتون «الثورة الليبيّة»، مشيراً بيده النتنة في اتجاه... سوريا
عثمان تزغارت
باريس | تضمنت القائمة التكميلية للأفلام التي أُلحقت هذا الأسبوع بالتشكيلة الرسمية لـ «مهرجان كان السينمائي» مفاجأة من العيار الثقيل. أعلن المفوض العام للمهرجان تييري فريمو أن سبعة أفلام جديدة ستدخل البرنامج الرسمي (راجع الكادر)، منها وثائقي سيقدم ضمن عرض خاص في التشكيلة الرسمية خارج المسابقة، يحمل توقيع الفيلسوف الفرنسي المتصهين برنار هنري ليفي.
شريط «قَسَم طبرق» (90 دقيقة) يستعيد مغامرات ليفي في أتون «الثورة» الليبية على مدى ثمانية أشهر. ويروي العمل كيف أدّى «الفيلسوف الجديد» دوراً مركزياً في التحريض والتخطيط للتدخل الأطلسي لعسكرة الحراك الشعبي في ليبيا، تحت مسمى «واجب التدخل الإنساني». ويُعد ليفي ورفيق دربه الوزير الفرنسي المتصهين برنار كوشنير من أبرز دعاة «واجب التدخّل الإنساني» منذ عقد التسعينيات، أي قبل سنوات طويلة من سطوع نجم «المحافظين الجدد» في أميركا البوشية بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001.
لم تكشف إدارة المهرجان أي معلومات مفصّلة عن مضمون الشريط، الذي قالت إنّ ليفي لم يستكمل عمليات مونتاجه بعد. واكتفى تييري فريمو ببيان مقتضب وصف فيه هذا العمل الإشكالي بأنّه «يبين إلى أي مدى تستطيع القناعات الفكرية تغيير مجرى التاريخ، وتحويل مشاريع التدخل الإنساني والسياسي التي كانت تبدو مستحيلة إلى أمر واقع». أما برنار هنري ليفي، فقال في تصريح لوكالة «فرانس برس» إنّ تقديم الشريط في «كان» «لن يكون تحية لثوار ليبيا فحسب، بل أيضاً رسالة أمل إلى ثوار سوريا». ورغم تكتم صاحب «الإيديولوجيا الفرنسية» على مضمون الشريط، إلا أنّ الأرجح أنّ القصد من كلامه ما كشفه سابقاً في كتابه عن ثورة ليبيا La Guerre sans l›aimer. قال إنّه صوّر شريطاً توثيقياً يؤرخ لحظة بلحظة، كلّ المساعي التي قام بها على مدى ثمانية أشهر، بهدف حشد الدعم السياسي والعكسري الغربي للتدخل في ليبيا، بمباركة نزيل الإليزيه السابق نيكولا ساركوزي.
والأرجح أنّ «رسالة الأمل» التي قال ليفي إنّ الشريط سيحملها بخصوص «ثوار سوريا» تتعلق بالاجتماع الشهير الذي زعم في كتابه أنّه عقده في بيته في باريس خلال فترة حملته الليبية، مع عدد من أبرز أقطاب المعارضة السورية، تمهيداً لعقد تجمّعه التضامني الشهير مع «الشعب السوري» في الحي اللاتيني. وأضاف «صديق نتنياهو وليبرمان» في كتابه إنّ ممثلين عن مختلف تيارات المعارضة السورية، باستثناء ممثل «هيئة التنسيق الوطني» في الخارج هيثم مناع، حضروا الاجتماع المذكور في بيته. هناك، وقع تجاذب أثناء النقاش بين المعارضين السوريين بخصوص الانعكاسات السلبية المحتملة على «صورة الثورة السورية» بسبب رعاية ليفي رسمياً لتجمّع الحي اللاتيني بحكم مواقفه المعروفة بالولاء الأعمى لإسرائيل، لكنّ ليفي قال يومها إنّ تلك المآخذ أثارت حفيظته، فأوقف النقاش وخاطب المعارضين السوريين، قائلاً: «من لديه مشكلة حيال انتماءاتي الصهيونية، فما عليه سوى الانسحاب الآن من الاجتماع». وزعم ليفي أنّ أحداً من أقطاب المعارضة السورية الحاضرين لم يجرؤ على المغادرة، بمن فيهم رئيس المجلس الوطني الحالي برهان غليون، لكن هذا الأخير أنكر لاحقاً اشتراكه في أي اجتماع في بيت ليفي. لذا يرتقب أن يكون المشهد المصوّر لهذه الواقعة في شريط ليفي الذي سيقدّم في «كان»، محل اهتمام خاص من قبل وسائل الإعلام.
تجدر الإشارة إلى أنّ برنار هنري ليفي جرّب سابقاً الإخراج السينمائي مع فيلم روائي يتيم هو «الليل والنهار» (بطولة ألان دولون ـ 1997)، لكنه مني بفشل نقدي وشعبي جعله يحجم عن تكرار التجربة. أما في مجال السينما التوثيقية، فيعدّ «الشريط اللييبي» عمله الثاني الذي يعيده الى الكروازيت بعد 18 عاماً على فيلمه الشهير «بوسنة» (1994) الذي أثار زوابع من الجدل. يومها، استهجن النقاد والصحافيون ظهور «الفيلسوف ذي الياقة البيضاء» وسط ضحايا التطهير العرقي في سراييفو الجريحة، مستعملاً معاناة البوسنيين لاستقطاب أضواء الشهرة والنجومية والترويج لأطروحات «التدخل الإنساني».
ولا شك في أنّ إدارة المهرجان شعرت بأن عمله الجديد عن ثورة ليبيا سيثير جدلاً مماثلاً، لذا أرجأت الإعلان عنه الى اللحظة الأخيرة، واختارت توقيتاً غريباً لعرضه في اليوم قبل الأخير من المهرجان (25 أيار/ مايو)، بعد أن تكون عروض المهرجان قد اكتملت وغادر أغلب النقاد والصحافيين عشية الكشف عن نتائج الجوائز!
«مهرجان كان السينمائي»:
من 16 حتى 27 أيار (مايو)
www.festival-cannes.fr
المصدر http://www.al-akhbar.com/node/63757
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق