بقلم/ عماد العيسى
برنامجي الاذاعي الذي أعده أقدمه بشكل أ سبوعي كل يوم خميس, وتحديدآ مع الشيخ بلال شعبان تم تحضيره للهواء وأستمع إلى المقدمة بصوت الزميل أبو عزام, من خلال الجنريك الخاص بالبرنامج, ولقد أختار الزميل بعض الكلمات من أحد المقابلات وفيها .
( ماذا يجري في الشمال ) .
اليوم وعلى وقع الأحداث الخطيرة في شمال لبنان وجدت نفسي ملزمآ أن أخط بقلمي هذه المرة وليس بصوتي وجهة نظري بما يجري, وبالمناسبة فليس من الضروري أن تكون صحيحة .
فمنذ أن اغتيل الرئيس رفيق الحريري, أشعر أن هناك شيء ما يحضر في العالم العربي والغاية واحدة حماية الكيان الصهيوني المصطنع, وطبعا في البداية لا بد من شكر الإدارة الأمريكية لنشرها وثيقة التغيير النظيف (المعروفة بالحرب النظيفة), بالمناسبة هناك من سيقول كيف نظيف وهناك عشرات الآلآف من القتلى سقطوا في الوطن العربي حتى الآن, فأقول أن المقصود بالتغيير النظيف، أن الإدارة الأمريكية, لن تخسر ولا نقطة دم اولآ, ولن تدفع دولار واحد ثانيآ, لأن العرب هم من يقوم بدفع ضريبة الدم, وبنفس الوقت يدفعون مليارات الدولارات للإدارة الأمريكية, وفعلا أنه تغيير نظيف, المهم أنني أعود إلى موضوع الشمال اللبناني تحديدآ، ولبنان خاصة, فهناك وجهتي نظر أراهما أمامي هذه الأيام ترافقت مع التطورات الأخيرة في الشمال.
وجهةالنظر الاولى:
هي أن هناك سعي حثيث من قبل أمريكا وإسرائيل، وبالطبع أعوانهمٍ وعملائهم لإشعال نار الفتنة المذهبية، ومن ثم الطائفية حتما, لذلك كان لا بد من عملية إغتيال كبيرة على مستوى الحريري (كبش فداء), تكون سبب رئيسي بالتخلص من الجيش السوري أولا ومن ثم البدء العمل بإشعال الفتنة, فكان ما أرادوا وتم إغتيال الرئيس الحريري وخرج الجيش السوري من لبنان.
ثم بدأت المرحلة الثانية من مخطط الفتنة وذلك من خلال حرب تموز عام 2006, ولكن كانت المفاجأة أن المقاومة قلبت الموازين وغيرت مجرى الإستراتيجية العسكرية. فكان لا بد من تسعير نار الفتنة في لبنان, فحاولوا بشتى الوسائل الإعلامية, والمالية, وحتى الأمنية ولكن لم ينجحوا بالشكل المطلوب والسبب وعي القيادات اللبنانية بشكل عام, إلى أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه من ربيع وخريف عربي, وأعتقد أن السبب الرئيسي من كل ما جرى هو الوصول إلى سوريا ومن ثم لبنان. لذلك لن أتحدث عن ليبيا, ولا عن تونس, ولا عن مصر, بل أسمحوا لي أن أذهب مباشرة إلى سوريا, فمن المعروف لدى الجميع أن سوريا كانت الداعم الأول للمقاومة الفلسطينية واللبنانية, وهي صمام الأمان لمنع فتيل الفتنة من الإشتعال. على الأقل لسبب بسيط أن القيادة السورية تعرف أن نار الفتنة المذهبية لو أشتعلت في لبنان فحتما ستصل النار إلى سوريا، ومن هنا كانوا يعملون بشتى الوسائل لمنع اشتعال هذه النار, مع الأخذ بعين الإعتبار أن صمود المقاومة في حرب تموز, ومن بعدها صمود المقاومة في غزة, جاء نتيجة جهود المقاومة الجبارة, وبنفس الوقت لا يمكن أن ننسى الدعم السوري وبكل الوسائل المتاحة والغير متاحة. ومن هنا كان لا بد من إلهاء سوريا أو تفجير وتفتيت سوريا, عن طريق نشر الشعارات أن هناك ظلم وعدم وجود حرية وكل هذه الشعارات الرنانة, وبذلك يتحقق أمرين مهمين من وراء ما يجري في سوريا, التخلص من الداعم الأول للمقاومة والمتصدي لمؤامرة الفتنة كما قلنا, وبنفس الوقت ضرب القوة العسكرية السورية الضخمة وبالنتيجة يكون الرابح الأول دولة العدو الاسرائيلي . فحصل ما حصل في سوريا ولن أناقش الموضوع السوري في هذه المقالة لأنني أخصصها للبنان, إذن جرى ما جرى وبدء شمال لبنان نقطة انطلاق لدعم الحراك السوري , ولكن وقبل ذلك يجب أن نذكرأانهم تخلصوا من مخيم نهر البارد القوة العسكرية الفاعلة في تلك المنطقة القريبة من الحدود مع سوريا, والغاية كانت أيضا استغلال مطار القليعات في المعادلة القادمة كمنطلق للطائرات العسكرية تحت مسمى مساعدات إنسانية أو غير ذلك. واستمر الشحن المذهبي إنطلاقآ من شمال لبنان لسبب بسيط أن هناك بيئة حاضنة وجاهزة, فهناك العلوي وهناك السني وهناك بعض القرى العكارية الشيعية, بالتالي فالموضوع بحاجة للتوقيت ليس اإلا. لذلك أعتقد أن التوقيت حان لأشعال تلك النار المذهبية القاتلة والتي لن تحصل في ظل وجود صمام أمان يدعى المؤسسة العسكرية, لذلك بدأوا بتركيز إعلامي, وحملة مركزة ضد الجيش اللبناني والغاية ضرب الجيش مع القوى السلفية في شمال لبنان تحت حجة أن القوة الموجودة في الشمال, هي قوة تابعة للطائفة الشيعية وبالطبع هذا خارج إطار الحقيقة, ولكن هذا ما يعملون عليه ومن ثم ذلك ضرب القوة السلفية السنية مع المؤسسة العسكرية, وحتما تفتيت هذه المؤسسة, ومن ثم تفتيت لبنان, أما ما إشيع عن إعتقال فلان او فلان فهي حجج واهية ليس إلا. والدليل أن المعتقلين الإسلاميين في السجون اللبنانية تم إعتقالهم في زمن أقوى حكم سني في تاريخ لبنان, ومع ذلك ففي تلك الأيام كان رئيس مجلس الوزراء هو سعد الحريري, وكان وزير الداخية بالوكالة النائب أحمد فتفت, ورؤساء الأجهزة الأمنية اللبنانية الأساسية هم من الطائفة السنية, إضافة إلى أن المدعي العام التمييزي الذي كان وما زال مسوؤلآ عن الملف هو أيضا يتبع الطائفة السنية. والسؤال لماذا لم يستطيعوا اطلاق سراح المعتقلين الإسلاميين في فترة الحكم الذهبية ؟ مع العلم أن هناك تنسيق كامل متكامل بين تيار المستقبل السني وبين التيارات السلفية في الشمال, لذلك أعود وأقول أنني أعتقد أن الوقت حان لإفتعال مشكلة مذهبية تكون الشرارة هي الشمال إمتدادا إلي باقي لبنان.
وجهة النظر الثانية:
والتي تم تبنيها بشكل استثنائي بحكم ما جرى على أرض الواقع وهو لم يكن في الحسبان فهو دخول القاعدة على الخط وبقوة.
وهذا أجبر الإدارة الأمريكية ومن معها على تبني الخيار الثاني مع البقاء على الخيار الأول, والخيار الثاني جاء بعد صمود الحكم في سوريا ضد كل ما جرى حتى اليوم ومنذ أكثر من سنة, فالمؤسسة العسكرية متماسكة, والمؤسسة السياسية أيضا متماسكة, والعنف في الأيام الأخيرة أستطيع أن أقول أنه خف بالنسبة لعدد القتل والمظاهرات بشكل عام ولا أقول توقفت .
وعند هذه التطورات كما قلت ومع وجود معلومات أكيدة عن دخول القاعدة إلى سوريا ولبنان الشمالي كان لا بد من إيجاد مخرج على الأرض، فتم الإتفاق بين روسيا وأمريكا على تلزيم موضوع القاعدة إلى القيادة السورية بحكم إنها ملزمة بالدفاع عن نفسها وهو حق دولي وإنساني مشروع, هذا من وجهة نظر دولية, وهنا أيضا يدخل الخيار الثاني في النفق الأخطر وهو اضطرار الجيش السوري النظامي بالدخول الى شمال لبنان للقضاء على القاعدة, الموجودة في شمال لبنان على ذمة المخابرات الأمريكية والعربية, وكما قلت البيئة جاهزة في شمال لبنان, بالعودة إلي ما يمكن أن يجري في الشمال فأننيأاعتقد أنه في حال حصول الإحتمال الأول، فإن المنطقة ستشهد ما لم يكن بالحسبان. فمن يظن أن القوة العسكرية متكافئة بين الأطراف المتصارعة فهو مخطئ, فالقوى الأخرى الموجودة على الأرض في طرابلس وتحديدآ القوى المحسوبة على المقاومة بشكل أو بآخر, لا يستهان بها إن كانت حركة التوحيد الاسلامي بجناحيها بقيادة الشيخ بلال شعبان والشيخ هاشم منقارة, ناهيك عن باقي القوى الموجودة مثل الحزب القومي, والقوى الخاصة لكمال الخير في المنية أو حتى للمجموعات الغير مكشوفة وغير معروفة وهي داعمة لهم في طرابلس. وبالمقابل فإن المجموعات السلفية أن صح التعبير ومع من يدعمها مثل تيار المستقبل وغيرهم من قوى 14 آذار, فهي معروفة ومكشوفة العدد والقوى العسكرية بحكم إنها دخلت في المعارك الأخيرة بكل ما أستطاعت وبذلك فهي مكشوفة فعليآ. لذلك فأن أي معركة في الشمال لا سمح الله ستكون كارثة على الجميع دون استثناء, وأنا هنا لا أخاف من القوى السلفية أو من أهل الشمال بشكل عام, بل أخاف من القوى المستوردة على شاكلة فتح الإسلام وهؤلاء لا يعرفون, زيدآ ولا عمراً. لذلك فإن الوضع خطير جدا جدا ووصل إلى حافة الإحتراق، ولم يبقى الا شعرة أخيرة تربط ما بين السلم والإحتراق, مع العلم أنني أخاف في التطورات الأخيرة, أن تحصل عمليات تفجير أو إغتيال لا سمح الله تنهي كل عمل يمكن أن يطفئ تلك النار المحرقة .
ولكن ورغم كل تلك الصورة الظلامية فأنني أرى أن الحل بسيط, فالحل يكمن في القيادات الإسلامية السنية وغير السنية في شمال لبنان, الذين يجب أن يجتمعوا ويتفاهموا على أن طرابلس والشمال هو لأهله وليس لمن يريد أن يشعل النار هذا.
اولا : يجب الطلب بشكل فوري من كل الأطراف في الشمال بل في لبنان, عدم الظهور الإعلامي ولمدة لا تفل عن الثلاثة أشهر .
ثانيا : على المؤسسة العسكرية الحرص كل الحرص على عدم الإنجرار إلى الاستفزازت التي ستمارس عليهم وبكل الوسائل وعدم الصدام مع القوى السلفية تحت أي ظرف كان .
ثالثا : يجب أن يعرف الجميع وعن قناعة أن مؤسسة الجيش هي خط أحمر يمنع المساس بها تحت أي ظرف كان , لأنها صمام الأمان في لبنان .
رابعآ : الدعوة فورآ إلى اجتماعات خاصة بالوزارات المعنية بالإنما في القصر الجمهوري وتحت رعاية فخامة الرئيس وبحضور دولة رئيس الحكومة، و حكومة مجتمعة والبدء فورآ بتنفيذ خطة إنماء طارئة لمنطقة الشمال على أن يتم التنفيذ خلال أيام إذا لم يكن خلال ساعات .
خامسا: عليهم أن يتحلوا بالصبر والحلم رباطه الجأش، ويعلموا بأن المستفيد الوحيد من الفوضى وهذه الفتنة هو إسرائيل وأمريكا وعملائهم في إشعال الفتنة وحرق البلاد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق