بقلم: أحمد عز الدين
2012-05-26
في العاشر من ديسمبر 2010، أي قبل ثورة 25 يناير 2011 في مصر بشهر ونصف الشهر نشرت صحيفة " وول ستريت جورنال" الأمريكية تحقيقًا كتبه تشارلز ليفنسون بعنوان "منافس جديد يظهر في القاهرة".
قالت الصحيفة إنه لقرابة عقد من الزمان، كان هناك إثنان من المرشحين المفترضين لخلافة مبارك؛ جمال مبارك وعمر سليمان مدير جهاز المخابرات آنذاك. .. لكن بعض الدبلوماسيين الغربيين وأعضاء كبار في الحزب الوطني ومحللين سياسيين في القاهرة يقولون إن منافسًا جديدًا ظهر، هو أحمد شفيق وزير الطيران المدني (آنذاك)، والقائد السابق للقوات الجوية.
ونقلت الصحيفة عن العديد من المراقبين أن عمر سليمان كان الخليفة المرجح لمبارك، فهو أقرب مساعدي مبارك، المكلف بالتعامل مع أكثر قضايا البلاد حساسية، كما أن له علاقات عمل وثيقة مع الولايات المتحدة و"خبرة عمر" داخل الجيش وأجهزة الاستخبارات، لكن في الأشهر الأخيرة، تضاءلت صورته العامة، مما أثار تكهنات بأن نجمه قد أفل، كما أن سنه (74 عاما) قد يكون عقبة.
أما شفيق (69 سنة)، فيبدو قادرًا على التنقل بين مركزي القوى داخل الحزب الوطني (مجموعة الحرس القديم ومجموعة جمال مبارك)، وهو واحد من كادر محدود نسبيًا من الجنرالات المتقاعدين الذين يعملون في أدوار مدنية مؤثرة.
وقد جاءت الإشارة إلى أحمد شفيق في إطار الحديث عن الفراغ المتوقع حدوثه في السلطة بعد تواتر الأنباء عن مرض مبارك وكبر سنه، وتلاشي فرص جمال مبارك في تولي السلطة، حسب رأي الصحيفة، وعلى عكس ما كان سائدًا في مصر.
كان شفيق، تحت المجهر قبل الثورة باعتباره البديل القوي المحتمل لمبارك، فلم يكن غريبًا إذًا أن يأتي به مبارك رئيسًا للوزراء في 29 يناير 2011 في خطوة تمهيدية، تقربه من كرسي الرئاسة، أو ربما أراد بها مبارك المتشبث بالسلطة إرضاء الجهات التي كانت تدفع بشفيق، لكن الثورة الشعبية الطاغية أفشلت كل الخطط، وجرفت شفيق إلى خارج السلطة في مارس 2011، ولعل هذا يفسر لنا معنى الكلمة التي صدرت عن شفيق – ربما دون وعي - حين قال "الثورة نجحت .. للأسف"، وكيف لا يأسف وقد أطاحت الثورة بآماله وأحلامه؟!.
لكن ما لم تتح الثورة تحققه في 2011، لم يمنع القوى الداخلية والخارجية التي توافقت على ما يبدو على شخص شفيق من أن تعيد الكرة، وتحاول اقتناص المنصب، وبطريقة ديمقراطية تبدو سليمة تمامًا!.
ما يثير التساؤل حقًا .. كيف سارت الأمور لصالح عودة شفيق للمسرح السياسي، بدءًا من ترشح عمر سليمان وشفيق، لتتوجه ثورة الغضب ضد سليمان بشكل أكبر، فيخرج سليمان لسبب يبدو غير مقنع، ويبقى شفيق في سباق الرئاسة، ثم "ينفد" من تطبيق قانون العزل السياسي عليه، ويُقبل طعنه على قرار اللجنة العليا للانتخابات باستبعاده، ويتأخر صدور حكم المحكمة الدستورية حتى إجراء الجولة الأولى من الانتخابات، ويحقق هذه المفاجأة ويحصد هذا الكم الوافر من الأصوات..
هل من عقل مدبر وراء ذلك كله؟.
كانت حيل مباحث أمن الدولة حين تفشل في منع مرشح للإخوان من الفوز من الجولة الأولى أن تكسره على مرحلتين: الأولى بالأخذ من أصواته وزيادة أصوات خصمه، والثانية بإنجاح الخصم في جولة الإعادة .. فهل نحن أمام حالة مماثلة ولكن بطريقة ناعمة بدلا من غشم أمن الدولة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق