(شروط أربعة لتأييد الاخوان)
بقلم د . رفعت سيد أحمد
أخشى أن أقول أن مصر ستظل على الأقل لأربع سنوات قادمة تعيش حالة من الفوضى السياسية العارمة ، ومن الاستبداد المقنع الملتحف زيفاً بقشرة زائفة من الديمقراطية والثورية. هذه هى الحقيقة المُرة التى تواجهنا اليوم وعلينا أن نتقبلها بصدور رحبة وأن تبنى دولة ما بعد الثورة على أساس منها وليس على أوهام محلقة فى الهواء .. هواء برامج (التوك شو) خاصة بعد النتائج المخيبة للآمال للجولة الأولى من انتخابات الرئاسة ، والتى أفرزت لنا – وفقاً لآراء الخبراء – حسنى مبارك جديد ، أحدهما (بكاب عسكرى سابق) والثانى (بلحية) لا فرق بينهما فى الجوهر ، وإن بدا أن ثمة فوارق فى الشكل، وفى الضجيج الإعلامى ، الذى يقلب الحق باطلاً وبالعكس ؛ فالجوهر يقول أن الاثنين يوافقان على كامب ديفيد أكثر المعاهدات تكبيلاً لمصر وتهديداً لأمنها القومى منذ 33 عاماً ، وهما متفقين على التعامل الحميم مع الصندوق والبنك الدوليين ، ومع واشنطن العدو الأول للثورة وللعرب والمسلمين ، وهما (شفيق ومرسى) لا يختلفان على الاقتصاد الحر وتقييد العمل السياسى يعنى (الحرية المشروطة) أو الاستبداد المقنع ، هكذا يقول تاريخ كل منهما ، وكليهما ليس حراً فى حكمنا بنفسه بل الذى يحكمنا هو الجماعة التى خلفه ، فالأول شفيق (ستكون جماعته هى بقايا النظام السابق وبعض الأجهزة الأمنية ورجال الأعمال المتوحشين فى رأسماليتهم) والثانى مرسى (ستكون جماعة الإخوان بكل تاريخها وبرجمايتها وعلاقاتها الدولية وتنظيمها الدولى) هى الحاكمة .
* إذن .. نحن أمام إعادة إنتاج لنظام حسنى مبارك ، لكنه هذه المرة يأخذ شكلاً مختلفاً ، فربما سيكون (بكاب) وربما (بلحية) لكن خلف الكاب واللحية ، سيكمن ربما بدون موافقة المرشحين للرئاسة ؛ الفساد والاستبداد ونظرية الحكم الفردى ، هذا طبعاً إذا لم يتم الاتفاق بين القوى الثورية والإخوان وليس شفيق لأن الاتفاق معه أظنه مستبعداً تماماً تحديداً على جملة من الشروط التى تهدىء النفوس ، وتطمئن الناس ، وتدفعهم إلى التصويت الجاد حول مشروع وطنى حقيقى وبعقد مكتوب وليس عبر الوعود الزائفة التى ثبت خلال الـ 18 شهراً الماضية أن الإخوان هم أول من ينقضها . إن الاتفاق الذى تريده الجماعة الوطنية الثورية من الإخوان مكون من أربعة شروط أو مطالب ؛ إذا لم يوافق عليها الإخوان اليوم قبل الغد ، فإن شفيق سينتصر ، وستدخل معه البلاد إلى نفق مظلم من العنف والمليونيات التى ستعيدنا إلى المربع رقم واحد ثانية للأسف الشديد .
والشروط وفقا لما استقيناه من مجمل ما اعلنته القوى الثورية المصرية خلال هذا الاسبوع هى :
(1) الإعلان الرسمى والعلنى على الموافقة على إخضاع (جماعة الإخوان) للقانون وأن يتم تكييف وضعيتها وفقاً لقانون الجمعيات ، هى و(الجماعة الإسلامية) و(الهيئات السلفية) التى لم يندرج نشاطها حتى اليوم فى إطار وزارة الشئون الاجتماعية ، فهذه الهيئات جميعاً تعمل الآن وكأنها دولة فوق الدولة وفوق القانون ، رغم أن لها أحزاباً رسمية ( مثل النور والحرية والعدالة والأصالة وغيرها ) فلماذا لا يطبق عليها القانون مثل غيرها ؟ هذا هو المطلب الأول العاجل والذى بدونه لن يصدق الناس وعود الإخوان والسلفيين !! .
(2) المطلب الثانى : الموافقة عل تشكيل الهيئة التأسيسية للدستور ومعاييرها وفقاً لإرادة القوى الوطنية وبعيداً عن الهيمنة الإخوانية وأن يصدر بها قرار قبل الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة .
(3) المطلب الثالث : الموافقة المكتوبة على تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون الوزارات السيادية فيها لتحالف الثوار وليس للإخوان (مثل الإعلام – الخارجية – الدفاع – العدل – التعليم – المالية) وأن يتعهد الإخوان بعدم التآمر على هذه الحكومة من خلال مجلس الشعب الذى يهيمنون عليه وأن يستمر عمل هذه الحكومة لمدة عامين على الأقل حتى تتمكن فيه من التحرك بحرية وحتى تستطيع أن تفعل شيئاً ذو قيمة للناس .
(4) المطلب الرابع : أن يتوقف الإخوان وحلفائهم من السلفيين عن هذا الإنجرار وتلك التبعية العملياء خلف المخطط الأمريكى – الإسرائيلى شديد الوضوح فى ركوب ثورات المنطقة وتحويلها إلى ثورات للـ C.I.A لتفكيك البلاد وخلق الفتنة كما جرى فى ليبيا وسوريا تحديداً ، والثورة بريئة مما فعلوا ولايزالوا يفعلون ، إن التوقف هنا يعنى الشفافية والوطنية وتفضيل مصلحة الأمة على مصالح الطائفة أو التنظيم.
* إن هذه المطالب أو الشروط لابد أن تكون مكتوبة ، لأن التعهد الشفوى و"التليفزيونى" ، لم يعد يجدى مع الإخوان ورفقائهم من السلفيين الوهابيين ، وإذا لم يتم ذلك – وللأسف أحسبه لن يتم لأن الغرور لازال يركب البعض منهم – فإن الكتلة الثورية وكذلك الصامتة لن يذهبوا للجولة الثانية ، وسيتركون (نظام شفيق) يتصارع مع (نظام الإخوان) وسيشكل الثوار خيارهم المستقل الذى نرى بشائره الآن فى ميدان التحرير وهو خيار سيكون ضد الاثنين معاً : شفيق ومرسى ، لأن كليهما للأسف ، مُر ، بل شديد المرارة !! . والله أعلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق