09 مايو 2012

هل أنتم حالمون ؟د. ياسر صابر


\

هل أنتم حالمون ؟ د. ياسر صابر
 إن النظام السياسى فى مصر قد أقامته أمريكا وأنفقت عليه المال والجهد ليقوم بالدور المنوط به ، ألا وهو الحفاظ على المصالح الأمريكية فى المنطقة والحيلولة دون نهضة الأمة على أساس الإسلام ، وقد جندت أمريكا لهذا الدور جيوشاً من العملاء السياسيين والفكريين والإعلاميين . وحين خرجت الثورة فى مصر من رحم الأمة ، وبالزخم الكبير الذى أدخل الرعب فى قلوب الكفار ، أدركت أمريكا أن نظامها فى خطر شديد فأعطت المخلوع الضوء الأخضر ليتعامل مع الثوار ، وبعدما عجز عن ذلك ألقت به فى مزبلة التاريخ ، وأسندت الأمر إلى رجالاتها الذين آلت إليهم الأمور . ولم يكن أمام هؤلاء مخرج إلا أن يعلنوا مزعنين أنهم سيعملون على تحقيق مطالب الثورة ، ثم بدأت أمريكا بعد ذلك بالتعامل مع جميع القوى الثورية بأيدى المجلس العسكرى كل على طريقته ، فعملت على تحييد الجماعات المنظمة ذات الوجود الشعبى ، ثم تفرغت إلى شباب الثوار غير المنضوين تحت جماعات ، فشوهت صورتهم وعمدت إلى إستعداء الآخرين عليهم. وفى الوقت الذى كانت تُعرى فيه الحرائر فى ميدان التحرير ، كانت تجلس قيادات الجماعات فى بيوتها ولم تدرك أنها بسكوتها يتم تعريتها من قبل المجلس العسكرى وبالتالى تفقد شعبيتها وبالفعل قد كان ماكان. وهذا الإسلوب الخبيث الذى عمدت إليه أمريكا ، قد إتخذته من أجل أن تنجو من الموجة الثورية الهائجة فى مصر ، ويبدو أنها حققت إلى الأن كثيراً مما خططت إليه ، وهاهى الأن تعيد إنتاج النظام حتى بنفس الوجوه وتتجرأ على الدفع بسليمان وتوجه صفعة قوية للثوار وللحركات التى دفعها جهلها السياسى بالسير فى هذا الطريق .
إن من يظن أنه قادر على تغيير النظام من داخله فهو حالم ! ولايمكن أن يوصف إلا بالسذاجة السياسية ، ومن يظن أن أمريكا يمكن أن تتنازل عن نظامها فى مصر بطوعها وبقوانينها التى صاغتها فهو جاهل ، لأن الأنظمة السياسية لاتسمح لأحد أن يقضى عليها مختارة ، وإن سمحت بمشاركة غيرها فى اللعبة السياسية فيكون ذلك بالشروط التى تفرضها ، حتى تبقى كل أوراق اللعبة بيدها.
إن هذا النفق الذى دخلته القوى الثورية ليس له مخرج إلا أن تدرك حقيقة الصراع وبأن الطرف الأخر فيه هو أمريكا وليس أى فصيل آخر فى الأمة حتى لو تناقضت الأفكار ، وإذا كان طرف الصراع هو أمريكا فإن الحل لايكون بالبرلمان الذى أول خطوة فيه أن يُقسم أعضاؤه على إحترام الدستور الذى وضعه النظام نفسه ، ولايكون بالدخول فى إنتخابات رئاسية تحكمها قوانين نفس النظام ، فكيف نختصم مع عدو ونحتكم فى نفس الوقت إليه ؟
إن تنحية الإسلام ومقاييسه عن الصراع يعتبر إنتحاراً سياسياً ، لأن طرفى الصراع هما الغرب بقيادة أمريكا مقابل الإسلام ، وهذا الصراع حقيقة غير متكافىء ، لأن الطرف الأول فى الصراع يحتضر وقد خسر كل أوراق اللعبة وأنكشف عملاؤه ، فى حين أن الطرف الأخر فى الصراع وهو الإسلام يقف شامخاً يتحدى الغرب وأفكاره ، بقدرته على حل مشاكل البشر فى أى زمان ومكان ، وتحمله أمة قد ولدت من جديد مستعدة أن تموت من أجل تطبيقه ، لهذا لن تحسم القوى السياسية هذا الصراع إلا بأن تكون من جنس الأمة وتكون ثورتها ثورة إسلامية تقتلع بها النظام العلمانى وتنتزع سلطان الأمة من براثن أمريكا وعندها نقيم دولتنا الإسلامية التى تعيد للأمة عزتها ."يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ " الأنفال 27
dr.saber22@yahoo.com
twitter.com/dryassersaber

ليست هناك تعليقات: