محمد سيف الدولة
لم يكن يخطر لى على بالى إننا سنضطر ، بعد الثورة ، أن نتكلم فى البديهيات ، فلنستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم ارتكبناه فرادى و جماعات فى حق مصر و المصريين او فى حق الثورة والثوريين ، أما بعد ، فيما يلى العواقب المتوقعة فى حالة فوز الفريق احمد شفيق بمنصب رئيس جمهورية مصر ، لا قدر الله :
* ستستمر المرحلة الانتقالية اربع سنوات اخرى بكل سلبياتها واضطراباتها وكَرّها وفَرّها ومناوراتها واعتداءاتها وضحاياها ، فشفيق ليس سوى جنزورى آخر ولكن فى ثوب رئيس جمهورية ، وسيظل المجلس العسكرى وباقى الاجهزة ومن يمثلونهم يحكمون البلاد ويتربصون بالعباد وسيعملون على تفكيك الثورة صامولة صامولة ومسمار مسمار .
* وسيعود كل طيور الظلام من رجال النظام السابق ورجاله الى صدارة المشهد السياسي من رجال الحزب الوطنى ورجال الامن وكبار رجال الدولة وشبكاتهم العميقة ، وسيتمكنون من إعادة تنظيم انفسهم من جديد للانقضاض على الثورة والثوار ، متسلحين بما كسبوه من الشرعية الزائفة التى امدهم بها نجاح شفيق . وسيعملون على اعادة الاعتبار الى مبارك ونظامه ، وسيتم بالتدريج الافراج عن رجال مبارك واحدا واحدا بعد ان تتم تجهيز الساحة اعلاميا وسياسيا . وسيتم اتخاذ كل التدابير للحيلولة دون تكرار هذه الثورة مرة اخرى .
* وسيستمر رجال الاعمال من محترفى النهب المنظم فى الاستحواذ على ما يقرب من نصف ثروات مصر مع بقاء 40 مليون مصرى فى الحياة باقل من عشرة جنيهات فى اليوم ، وسيفلت كل ناهبى مصر وسارقيها من الحساب وتتم تسوية الملفات
* وستستمر مصر تابعا امينا للولايات المتحدة تلتزم بتعليماتها داخليا واقليميا ودوليا، تقدم الخدمات والتسهيلات الامنية والعسكرية لبوارجها وطائراتها الحربية ، محرومة من الاستقلال ومن الاضطلاع بدورها القيادى فى المنطقة تاركة الساحة للامريكان ولاسرائيل لارتكاب مزيد من المؤامرات ومن التقسيم ومن التخريب .
* وستستمر سيناء الغالية محرومة من حماية القوات المسلحة وفقا للمنصوص عليه فى الترتيبات الامنية فى المعاهدة مع اسرائيل ، وستظل اراضيها ملوثة بالقوات الامريكية والاوروبية المعروفة باسم القوات متعددة الجنسية ، وستظل محرومة من التنمية والتعمير وفقا للاوامر الامريكية والاسرائيلية .
* وستستمر مصر مكسورة الجناح و ضعيفة و خائفة على الدوام من العدو الصهيونى بسبب سيطرة واحتكار الامريكان لتسليح الجيش المصرى بما يحفظ التفوق العسكرى الشاسع لاسرائيل على مصر والدول العربية مجتمعة .
* وسيستمر الاقتصاد المصرى يدار من غرف وأروقة صندوق النقد الدولى واخوته الممثلين لنادى الدائنين فى باريس ، بكل ما يعنيه ذلك من استمرار حرية النهب المشهورة باسم حرية السوق ومرورا بضرب الصناعة المصرية وبيع القطاع العام وخصخصته ومنع الدولة من تقديم اى دعم لفقراء المصريين وفرض البطالة على ابنائنا من اجل التحكم فى أجور العاملين . .
* وستفلت وزارة الداخلية من التطهير وسيفلت كل قاتلى الشهداء من العقاب وسيظلون فى مواقعهم وسيكررون جرائمهم ، وستعود قوات الامن المركزى الى ضرب وسحل المتظاهرين ، وسيعود امن الدولة اكثر قوة وسيستعيد ادواره فى الاعتقال والتعذيب ، واختراق ومحاصرة الاحزاب والقوى السياسية والمدنية لحصارها وتصفيتها بالتدريج والتحكم فى تعيين كافة العاملين فى كل مؤسسات الدولة .
* وستضعف جبهة القضاة الشرفاء ويعلو نجم الآخرين من اولئك الذين شاركوا فى فضيحة تهريب المتهمين الامريكان ، وسيتم العصف باحلام الثورة فى قضاء مستقل .
* وستعود للدولة السيطرة الكاملة على الاعلام ، سواء الاعلام الرسمى ، او الاعلام الخاص المملوك لاصحاب المصالح من رجال الاعمال ، سواء بالاتفاق او بالضغط والتهديد كما كان يحدث من قبل .
* وسيعود كل الانتهازيين من الاعلاميين والصحفيين والكتاب والفنانين والساسة الى ادوارهم القديمة فى الدفاع عن فساد النظام واستبداده . وسيتسابق الآلاف من المترددين والمذبذبين الى الانحياز فورا الى معسكر الثورة المضادة بعد ان انتصر واثبت قدرته على العودة والسيطرة والتحكم . وسيكف الالاف من الضعفاء والخائفين عن دعم الثورة هربا من بطش النظام العائد المنتصر .
* وسيدفع اليأس والإحباط الآلاف من شباب مصر الطاهر الى الانسحاب من الحياة السياسية والكفر بالثورة وسيفكر كثيرون فى الهروب والهجرة ، وستتعرض مصر لا قدر الله الى صدمة شبيهة بصدمة 1967 التى لا نزال ندفع أثمانها الى اليوم .
* وستتشجع كل انظمة العربية المستبدة على ردع ثورات الربيع العربى الحالية والمتوقعة ، وستحتفل كونداليسا رايس وزملائها بنجاح مشروعهم الهادف الى دقرطة الشرق الاوسط على الطريقة الامريكية بدون اى سياسات وطنية او اجتماعية مستقلة ومتحررة . وسيكون ما حدث بالفعل هو فوضتهم الخلاقة وليس ثورتنا الخلاقة .
* وسيقاوم الثوار بكل الطرق السلمية الممكنة ، وسيسقط مزيد من الشهداء والمصابين ونعود الى المربع الاول .
***
ان "إنجاح" شفيق فى الجولة الاولى الذى تم تدبيره بالمكر والازمات والانفلاتات والتخويف والحملات الاعلامية والتدخلات الانتخابية التى لم نكتشف كل اسرارها بعد ، هو مقدمة لانجاحه فى جولة الاعادة ، وما يحدث الان ليس سوى اعداد الساحة سياسيا واعلاميا لذلك ، فدعونا نتوحد جميعا فى مواجهته بكل ما أوتينا من حب و انتماء ووطنية وحكمة وبصيرة وايثار .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق