هشام عودة - عمان
توقف الباحث اسماعيل ابو البندورة عند السيرة الأدبية للمفكر القومي ميشيل عفلق، الذي بدأ حياته أديبا، له اسهامات في الشعر والقصة والمسرح، واذا كان عفلق، حسب ابو البندورة، طوى هذه الصفحة من سيرته بعد ان كرس نفسه مفكراً قوميا، فان عدداً من الدارسين والباحثين اشاروا الى اهمية هذه الصفحة في حياة عفلق بشكل خاص، وفي الحياة الادبية العربية بشكل عام، خاصة في ثلاثينيات القرن الماضي التي بدأ يبرز فيها اسم عفلق، اديبا وسياسياً، جاء ذلك في الحوارية التي نظمتها رابطة الكتاب الاردنيين وعدد من الهيئات الثقافية مساء الثلاثاء الماضي ضمن نشاط صالون الثلاثاء الثقافي، التي بحثت في «ميشيل عفلق مفكر عروبي».
واضاف ابو البندورة ان عفلق، اثناء دراسته في فرنسا، اطلع على مختلف التيارات السياسية والفكرية والفلسفية في اوروبا، منوها الى ان المداخلة التي سيقدمها تتناول اسهامات عفلق في تجديد الرؤية القومية وطرح الاشكاليات التي ما تزال اسئلتها حاضرة حتى الآن، واذا كان ابو البندورة انطلق في مداخلته من البيئة الفكرية التي نشأ فيها عفلق، فانه اشار الى ان مداخلته لن تكون تحليلية، بل تأتي في اطار قراءة جديدة لفكر عفلق وانجازاته التي أسهمت في تحديث الفكر القومي العربي، خاصة وهو القائد المؤسس لحزب البعث العربي الاشتراكي، لذلك كان طبيعيا أن يتوقف ابو البندورة مطولا امام التجربة السياسية للبعث، بعد أن اشار الى البعث في سوريا تم تغييبه والانقلاب عليه منذ العام 1966، وركز حديثه على تجربة البعث في العراق، وقيادة الرفيق الشهيد صدام حسين.
الحوارية توقفت عند عدد من المحطات التي رافقت عفلق او ارتبطت به، من خلال موقعه كقائد للبعث، منها نظرته للحركة الشيوعية، والمسحة الرومنسية الوجدانية التي جاءت واضحة في كتاباته الفكرية، لافتا النظر الى ان عفلق قام بترحيل كثير من المصطلحات الادبية الى كتاباته السياسية والفكرية، متوقفاً عند المصادر التي افاد منها عفلق في كتاباته، وفي مقدمتها التراث العربي الاسلامي، وناقش ابو البندورة الكتابات التي تناولت عفلق وكتاباته، التي كتبها مفكرون وفلاسفة عرب، مؤكداً ان مؤسس البعث وقائده كان يملك استقلالية كاملة وسعى الى تأسيس تيار ثالث في الحياة العربية، لذلك كان حريصا على انتاج فكر قومي مطابق للواقع العربي، ومن هنا جاءت ولادة حزب البعث العربي الاشتراكي.
واشار ابو البندورة الى ان عفلق انتج صيغة ايجابية حقيقية في تفسير العلاقة بين العروبة والاسلام، لافتا النظر الى ان اعتناق عفلق للاسلام كان اعتناقاً رمزياً، من خلال تشبعه بالتراث العربي الاسلامي، وان الروابط التي قدمها حول العلاقة بين الوحدة والحرية والاشتراكية هي روابط متينة،
منوها الى ان البعث هو اول حزب عربي يتبنى الاشتراكية في خطابه السياسي والفكري، وطالب ابو البندورة في مداخلته باعادة افكار عفلق نحو صوابها المعرفي، متوقفاً عند اسهامات القائد البعثي وزملائه امثال ساطع الحصري وانطوان سعادة وقسطنطين زريق وغيرهم من المفكرين القوميين في القرن العشرين، وانعكاسها على الحياة السياسية العربية.
الحوارية التي جاءت متزامنة مع الذكرى الثالثة والعشرين لوفاة الرفيق القائد المؤسس ميشيل عفلق، قدمها رئيس الجمعية الفلسفية الاردنية الدكتور هشام غصيب ودار فيها حوار موسع بين الباحث والجمهور الذي لم يتوقف عند افكار عفلق القومية فقط، بل تعدت مداخلاتهم الى اعادة استحضار جدوى الافكار القومية وراهنيتها في هذه المرحلة، وهو ما اشار اليه رئيس رابطة الكتاب الاردنيين د. موفق محادين الذي أكد ان أهمية الحديث عن عفلق وأفكاره والعمل على استحضاره الآن في الحياة العربية، بوصفه مفكراً عروبياً، لأن معسكر الاعداء يستهدف اليوم الامة وهويتها وموقفها القومي، في مواجهة الخطاب الظلامي، وهي حوارية تاتي ضمن مشروع التنوير الذي تتبناه الرابطة وشركاؤها في الهيئات الثقافية، منوها الى ان الحوارية المقبلة ستتناول محمد علي ومشروعه القومي يقدمها الباحث بسام هلسة.
شبكة البصرة
السبت 3 شعبان 1433 / 23 حزيران 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق