نور الدين الجمال
كشف مصدر دبلوماسي عربي عن أزمة لدى الولايات المتحدة الأميركية وبعض حلفائها الأوروبيين والعرب بعدما نجحت سورية إلى حد بعيد في إفشال المخطط الذي كانت تعده الإدارة الأميركية وتنفذه أدوات عربية وتركية و”إسرائيلية”، حيث بات معروفاً الهدف الحقيقي لهذه الدول من وراء افتعال الأحداث في سورية منذ 15 آذار من العام الماضي تحت شعار وهمي وهو الحرية والديمقراطية، وذلك بهدف إسقاط النظام السياسي وكيان الدولة في سورية وتفتيتها وضرب كل مؤسساتها السياسية والدبلوماسية والعسكرية والأمنية.
ويؤكد المصدر الدبلوماسي العربي أنه على الرغم من الفشل الذريع الذي أصاب المشروع والمخطط الأميركي ـ “الإسرائيلي” ـ العربي ما زالت تلك الجهات تدعم المجموعات الإرهابية والتكفيرية بالسلاح والمال، وحتى إرسال المقاتلين من تنظيمات متطرفة إلى داخل سورية لاستمرار حالة النزف، إلا أن الأميركيين لن يسلموا أوراقهم بهذه السهولة لأنهم كانوا يراهنون ويبلغون كل من يهمهم الأمر بأن النظام في سورية أيامه معدودة ولكن مر على الأحداث في سورية حوالى 15 شهراً وما زال النظام قوياً ومؤسساته متماسكة وقوية وغالبية الشعب السوري تلتف حول النظام بشخص الرئيس بشار الأسد.
ويضيف المصدر الدبلوماسي العربي، أن الأميركيين يصعّدون من مواقفهم تجاه سورية وإن كانت في معظم الأحيان تتسم بالتناقض بين المواقف التي تصدر عن وزارة الخارجية والمواقف التي تعلنها القيادة العسكرية والاستخبارات الأميركية، وفي المقابل الأوروبيون يفاوضون الروس وبعلم وتوجيه من الإدارة الأميركية، لأن معظم الدول الأوروبية إن لم نقل كلها أصبحت في حكم التابعية للولايات المتحدة الأميركية وخصوصاً فرنسا وبريطانيا، وتفاوض الأوروبيين مع القيادة الروسية يهدف الى تدوير الزوايا في كيفية معالجة الملف السوري بطريقة تحفظ ماء الوجه للإدارة الأميركية في الدرجة الأولى ومن ثم لحلفائها من دول المنطقة، خصوصاً بعدما أصبح الموقف الروسي واضحاً جداً من زاوية رفضه لصدور اي قرار عن مجلس الأمن يجيز التدخل العسكري في سورية وفرض عقوبات اقتصادية ومالية عليها.
وأشارت المصادر الدبلوماسية العربية، الى أنه تأكيداً على الموقف الروسي الحازم من الأحداث في سورية والتمسك بمبادئ معلنة لا تراجع عنها، فقد كانت زيارة الموفد الأميركي فريدريك هوف الأخيرة إلى روسيا في إطار التنسيق والتشاور مع المسؤولين الروس أولاً حول وضع جدول أعمال للقاء المرتقب بين الرئيسين أوباما وبوتين، وثانياً بحث الوضع في سورية، إذ عندما طلب هوف مناقشة تفاصيل الوضع السوري كان الجواب الروسي مقتضباً وواضحاً، وهو أن هناك مبادرة كوفي أنان وأي حديث آخر يتناقض مع مضمون هذه المبادرة هو مرفوض من قبل روسيا وإذا كانت النوايا صادقة، عليكم أن تساعدوا في تطبيق بنود هذه المبادرة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة القائمة في سورية.
وترى المصادر أن سورية ومن خلال الوقائع على الأرض والمواقف السياسية التي تعلنها فهي متمسكة بخطة كوفي أنان وحريصة على نجاحها والعالم كله يعرف تماماً جدية موقف القيادة السورية، لأن لا مصلحة حقيقية في إيقاف العنف ومن ثم إلقاء السلاح من قبل المسلحين، وصولاً إلى عقد حوار حقيقي بين الحكومة والمعارضة، وهذا ما تضمنته مبادرة كوفي أنان والتزمت بتطبيقه الدولة السورية الوطنية في حين خرقتها المجموعات الإرهابية المسلحة آلاف المرات من خلال الوثائق التي قدمتها الخارجية السورية إلى الأمين العام للأمم المتحدة وكذلك إلى الموفد الدولي أنان.
وتقول المصادر الدبلوماسية العربية إنه في مواكبة تعثر تنفيذ خطة أنان ومحاولة إفشالها من قبل الدول الداعمة والراعية للإرهابيين وللعصابات الإجرامية، بادرت القيادة الروسية إلى طرح فكرة عقد مؤتمر دولي من أجل سورية تشارك فيه الدول المعنية بهذه الأزمة، وذلك من أجل وضع الدول التي تساعد في تمويل وتسليح المجموعات الإرهابية أمام مسؤولياتها لكي توقف كل عمل سياسي ومالي وتسليحي، لأنه إذا تحقق هذا الهدف يصبح بالإمكان إيجاد الحل الحقيقي للأزمة في سورية، بدلاً من أن تبقى بعض الدول المعنية تمارس سياسة مزدوجة بخصوص خطة أنان، وفي الوقت نفسه للتأكيد أن سورية ليست دولة فاشلة كما يحاول الغرب تسويق ذلك لخلق ذريعة للتدخل العسكري، لأن سورية وباعتراف الجميع ما زالت دولة قوية ومتماسكة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق