بقلم الدكتور عبد المجيد الرافعي
نائب الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي
بقدر ما أسعدتنا الأرقام المليونية التي حصل عليها المرشح العربي الناصري لرئاسة جمهورية مصر العربية الأخ المناضل حمدين صباحي، بقدر ما ساءنا قرار اللجنة العليا للانتخابات برفض الطعون التي تقدم بها الأستاذ حمدين، والتي لو تم القبول بها، لفُتحت له أبواب التأييد الجماهيري على مصراعيها، بعد المأزق الانتخابي الذي آلت إليه نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات، والشعور الجامع والعارم لدى غالبية المصريين أن حمدين صباحي هو القاسم المشترك لطموحاتهم وصاحب الخطوط الأوفر بالنجاح.
ومع ذلك، فما حصل ليس نهاية المطاف، سواء للمناضل حمدين، أو للملايين الذين أولوه ثقتهم، وإنما هي البداية الحقيقية والعملانية لهم ولسائر أبناء الكنانة لوضع مداميك النهوض الحقيقي لمصر العروبة، وطنياً وقومياً ودولياً، وهي تمسح عن جبينها اليوم، أخطاء وخطايا نظامي السادات ومبارك الذين خلفا عهد القائد الراحل جمال عبد الناصر ووصلا في بعضها إلى حدود الخيانة العظمى بالاعتراف بالكيان الصهيوني وتطبيع العلاقات معه وتأليبه على شعبنا المقهور والمعذب في فلسطين، مستفيدين من التضييق الممنهج على الحركة الوطنية المصرية، ولإرث جمال عبد الناصر، ولإنجازات الناصرية التي بفضلها دخل فلاحو مصر وفقراؤها وكادحيها وعمالها، ومنهم حمدين صباحي، إلى المدارس والجامعات والمعاهد العليا، وهي الحقائق ذاتها التي رفعها المرشح حمدين في حملته الانتخابية، حاملاً شعار الوفاء لعبد الناصر وللفكر التحرري الوطني والقومي العربي، مستقطباً في ذلك الشرائح العظمى من مثقفي مصر وفنانيها والمتنورين فيها إلى جانب الفقراء و"الغلابة".
لم يكن مفاجئاً لنا ما حققه حمدين من انتصار رفعه إلى مستوى الزعامة الوطنية وان لم يصل به إلى موقع الرئاسة، وهو الذي حاز احترام المصريين ودخل قلوبهم منذ كان يافعاً وعلى مقاعد الدراسة حين اُعتقل على أيدي نظام السادات عام 1981، ليلة القبض على قادة ورموز الحركة الوطنية المصرية المعارضين لسياسات الصلح والاعتراف بالكيان الصهيوني، وكان حمدين أصغر هؤلاء المعتقلين سناً، والأكبر حمية وحماسة وصلابة.
ونحن في حزب البعث العربي الاشتراكي لا يمكننا إلا أن نسجل للمناضل حمدين مواقفه القومية المسؤولة بالنسبة لقضايا الأمة والتحرر العربي، خاصة أثناء حصار العراق الوطني التقدمي في خضم الحرب الأميركية، الصهيونية عليه، ولم يُشفع له كونه نائباً في البرلمان المصري، أن يعتقل على أيدي نظام مبارك وهو يشارك في قيادة التظاهرات الشعبية ضد السماح للسفن الأميركية الحربية بالمرور عبر قناة السويس للمشاركة في الحرب على العراق عام 2003.
حمدين صباحي، الذي أتاحت له ثورة يوليو الناصرية في العام 1952، أن يدخل المدرسة والجامعة ويحيا حراً كريماً هو وسائر أقرانه الفقراء، يفتح أبواب التغيير الجذري في مصر العروبة اليوم، متشبثاً وأنصاره، بالمبادئ والثوابت الوطنية والقومية الهادفة إلى تحقيق حلم الشباب العربي المصري نحو الاستقلال الوطني ونبذ التبعية للخارج، وتحقيق العدالة الاجتماعية والتقدم، مثيرين في جماهير أمتهم العربية. هذا الحنين الدافق إلى زمن العروبة الجميل ومتحفزين لحماية الثورة وأهدافها، وعدم التفريط بمكاسب جماهيرها، على أيدي فلول الثورة المضادة، مطمئنين إلى زعيم وطني صنعه الشعب من خلال المعاناة، اسمه حمدين صباحي.
في 30/5/2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق