07 يونيو 2012

نصيحتى للإخوان .. بقلم د . رفعت سيد أحمد



بعد الأحكام الصادمة على الرئيس المخلوع (مبارك) ووزير داخليته ، والتى برأت ولديه ومساعدى الوزير الستة ، فى الوقت الذى أدانت فيه مبارك والعادلى ، خرج الإخوان المسلمين بقوة يدعون إلى الثأر لدم الشهداء وللتظاهر المليونى المستمر ، حتى موعد جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة، مع دعوة الناس – وهنا مربط الفرس الإخوانى الذكى – لانتخاب د. محمد مرسى لأنه مرشح الثورة الذى سيقتص لدم الشهداء (!!) . ولاشك أن الثأر لدم الشهداء هو دعوة حق ، ولكن هل أراد بها الإخوان بالفعل ، تحقيق العدالة ، أم أنهم أرادوا – كما أشاع مخالفيهم – (الباطل) وهو هنا الانتهازية السياسية وركوب لحظة الغضب الشعبى من الأحكام وتجيرها لمصلحة مرشحهم للرئاسة ؟! ، وبعد أن يفوز ساعتها لن يلتفت لا إلى دم الشهداء ولا إلى الثورة ، فقط سيلتفتون إلى جماعتهم غير المرخصة ، وغير الشرعية .. هكذا يقول أعداء الإخوان ، ومخالفيهم ، فأين الحقيقة ؟ وبماذا ننصح الإخوان ، ونحن من المحبين لهم ؛ فى هذا المنعطف التاريخى الكبير الذى تمر به مصر ، وجماعة الإخوان ؟ .
دعونا نسجل الآتى :
أولاً : إننا ممن يؤمنون يقيناً أن الإخوان فصيل وطنى مهم ، لا تستقيم الحياة السياسية بعد الثورة ، من غير مشاركته الرئيسية فى صناعة القرار ، وتنفيذه ، وهو فصيل ضحى بالمال وبالنفس وقدم تضحيات مشهودة فى عهد الرئيس السابق سجناً وحصاراً بل واستشهاداً ، ومن هنا نحن نرفض تماماً الدعوات المطالبة بإقصائهم،إذ فضلاً عن كونها غير واقعية لأننا نتحدث هنا عن فصيل وطنى له شعبيته وحضوره ، فهى دعوات غير أخلاقية وغير منصفة ، وتسىء إلى الثورة التى شارك فيها الجميع ، ومن حق هذا الجميع أن يجنى ثمارها وفى مقدمته الإخوان بشرط أن يكون هو الآخر على نفس الدرجة من الوعى والإيثار وحب رفاق الثورة وألا تغلب عليه روح الاستحواذ ، كما بدت فى العديد من المواقف خلال الـ 18 شهراً التالية لثورة يناير .
ثانياً : إذا كنا نؤمن بوطنية الإخوان وشعبيتهم وأحقيتهم فى جنى ثمار الثورة مع كافة القوى الوطنية ، فإن من واجبنا تجاههم كرفاق معارك وطنية ضد استبداد النظام السابق أن ننصحهم بالآتى :
1 – لا داعى لأن يتذاكى الإخوان على الشعب وقوى الثورة ، وأسر الشهداء ، بإدعاء أن نزولهم الجديد للميدان هو من أجلهم وليس من أجل الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة ، فكل الشواهد تؤكد ذلك ، وهذا بالمناسبة ليس عيباً ، فإستثمار الأحداث الطارئة فى معركة انتخابية شرسة مع أحد رموز النظام البائد ، أمر جائز ، شريطة الصدق فى قول ذلك ، والوفاء بالعهود ، وهو أمر لن يتحقق من غير أن يعتذر الإخوان عن أخطائهم السابقة داخل وخارج مصر ، داخلها مع كافة قوى الثورة التى استبعدوها ولم ينسقوا معهم إلا عند الحاجة ، وخارجها مع أخطائهم بتأييد ثورات الـ C.I.A فى المنطقة والتى لم يكتفوا بتأييدها المعنوى بل ودعموها رغم علمهم أن الله لم يجعل للمؤمن من قلبين فى جوفه ، فإما أن تكون ثائراً وأما أن تستقبل جون ماكين وكيرى وتدعم ثورات حلف الناتو فى ليبيا وسوريا ويخرس ضميرك ولسانك أمام ثورات اليمن والقطيف والبحرين ، إن نقد الذات وأخطائها هو أول طريق التصديق لتصريحات الإخوان بأنهم سيقتصون لدم الشهداء ويحكمون مصر بالعدل والمشاركة وليس المغالبة وركوب موجات الغضب الشعبى كل حين .
2 – ثم إن توقيع الإخوان على ما سمى بـ (وثيقة العهد) التى أعدتها القوى الوطنية المصرية ونشرت بنودها مؤخراً ، ينبغى أن يسبق الجولة الثانية للانتخابات ، فكل تصريحات ومليونيات وألعاب الفهلوة السياسية لن تجدى أمام شعب ، وقوى ثورية لُدغت من جحر الإخوان خلال الـ 18 شهراً (بدء بالإعلان الدستورى ومروراً بمجلس الشعب وانتهاء بالدستور) ، إن التوقيع على شروط الحركة الوطنية المصرية مع الدراسة الجادة لفكرة (تشكيل مجلس رئاسى حقيقى) ، مستقل من رموز وطنية مصرية مشهود لها بالكفاءة وحب الوطن ، لا حب (الفضائيات) ؛ يعد من الأمور المهمة التى على الإخوان أن يبادروا بالأخذ بها ، وألا يتذاكوا على الناس ، ويبيعون لهم الكلام فقط دون التوقيع الكتابى على (وثائق) ، فى ظنى ، بقدر ما ستطمئن الشعب ، ستخدم الإخوان أنفسهم، لأن التركة ثقيلة ، ومن الذكاء السياسى إشراك كل القوى الوطنية فى حملها مع الإخوان .
3 – على جماعة الإخوان أن تجد وفى أسرع وقت ، حلاً لشرعية وجودها كجماعة غير مرخصة ، ولا داعى للتلاعب بالألفاظ والتخريجات القانونية عن (جماعة) أكبر من الوطن؛ فإن هذا لم يعد يقنع أحداً ، فى بلد شب شعبه عن الطوق ، وبلغ فى وعيه مقاماً عالياً .
* ثمة نصائح أخرى ، كثيرة ، يحتاج الإخوان إلى أن يسمعوها خاصة من محبيهم ، سنعلنها لاحقاً ، فصديقك من صدقك لا من صدقك ، كل أملنا أن يتلقى الإخوان النصيحة بتواضع الثوار وحكمة الشيوخ ويعملون بها قبل يوم السبت القادم (16/6/2012) ، يوم انتخابات الرئاسة وإذا ما تم ذلك ، فإننا بالتأكيد يوم الاثنين 18/6/2012 سنبارك لمحمد مرسى رئاسة مصر ..اما اذا حدث العكس فأبشروا بمحنة  وفتنة تصغر  امامها كل محنكم السابقة، فهل يدرك الإخوان دلالة اللحظة التاريخية ، وأهمية قبول النصح !! .  

E – mail : yafafr@hotmail.com


ليست هناك تعليقات: