فى جلسة صفاء و مكاشفة، سأل الأسد الجبار الثعلب المكار : صديقى قل لى بكل صراحة ، ما رأيك فىّ؟ ، فرد الثعلب : يمكن أن أجيب، ولكن لى شرطان ، أولهما ألا تغضب منى، وثانيهما أن تعطينى الأمان، فقال الأسد للثعلب : لك ما طلبت ، فتشجع الثعلب، وقال للأسد : أنت لست أسدا، ولا تعرف معنى الأسودية ، ولن تكون أبدا أسدا ، حتى ولو أردت، لأن الأسد كائن طبيعى، ولا يمكن أن يكون "كائن صناعى ! " ,
فغضب الأسد و قبض على رقبة الثعلب بشدة ، قائلا له : ألم تر أنك تعديت حدود الأدب ولم تلتزم معى بقواعد البروتوكول؟ ، فقال له الثعلب وفى صوته إرتجافة خوف: ما فعلته الآن سيدى لدليل آخر على أنك لست أسدا ، وعلى أنك دائما تفعل عكس ما تقول ، قال الأسد: كيف ؟ ، فرد عليه الثعلب : ألم تقل لنا أنك لا تريد أن تكون ملك الغابة ، وبعدها كنت ؟ ، ألم تقل لنا أن الغابة ستتسع بك عندما تصبح ملكا ، وبعدها قلت أنها ستضيق وتختنق؟ ، ألم تعدنى بجزيل العطاء ، ثم فاجأتنى بعبارة " مفيش ، أنا مش قادر أديك ؟" .
فنظر الأسد الى الثعلب وقال له: وهل لديك أدلة أخرى على عدم أسودتى ، فرد عليه الثعلب : نعم لدى أهم دليل ، وهو دليل قاطع ، قال الأسد : و ما هو ؟ ، فرد الثعلب : أنت تأكل العصافير وتسجن الحمام واليمام وتستعدى كل الطيور، وهذا شىء لم يفعله أسد فى أى غابة قبلك ، ألم تسأل نفسك أيها الأسد؟ ، لماذا لم تعد تقترب من أسنانك عصافير الغابة؟ ، ألم تشعر بألم لهذا السبب فى أسنانك يؤثر بشدة على مخ سيادتكم؟
نظر الأسد للثعلب وقال له : أنا أعطيتك الأمان لذا أوفى لك به ، لكن دعنى أسالك ، لماذا قلت أنت للناس أنى رجل الأقدار ؟ ، و أنى مرشح الضرورة لحكم الغابة ؟ ، ولماذا صنعت منى أسدا ، وأنت تعرف أنى لست أسدا؟ ولماذا لم تصنع منى طيرا ، ما دمت أنت تحب الطيور و تتعاطف معها؟
وقبل أن يرد الثعلب ، قال له الأسد: إنتظر فأنا لم أكمل كلامى ، ألم تكن أنت صاحب نظرية أنها كانت مؤامرة على أبى، ولم تكن أبدا ثورة عليه ؟، ألم تقل أنت لى فى الغرف المغلقة : لكى تستقر المملكة لابد من سجن الطيور وتشويه رموزهم عن طريق القرود ؟ ، ألم تقل لى أن الطيور هم مصدر الخيانة ، و أن وجودهم خارج السيطرة فيه خطر شديد على أمن المملكة ؟ إرتعد الثعلب وإنكمش وأحس بالخطر ، و أخذته نوبة تفكير ، ماذا سيحدث لى لو سرب الأسد ما دار بينى وبينه فى الغرف المغلقة ؟ ، فأنا لم أترك أحدا فى الغابة ،إلا وعليه حرضت وأوشيت ، وفى شرفه السياسى خضت وشوهت ، ليس بعيدا أن يحدث ذلك ،
فمنذ أن وصل الأسد للحكم والتسريبات من قصره تتوالى على الجميع ، وبعد أن فاق الثعلب من نوبته، نظر الى الأسد وقال : سيدى، كنت أقصد من البداية أنك أسد بحكمتك ولست أسدا بقوتك ، والحكمة تغلب القوة ، والدليل على ذلك ، هو ما سوف أقوله لمواطنى الغابة غدا ، فسأله الأسد وماذا ستقول ؟ ، فرد عليه الثعلب : سأقول لهم : كان أسدا، لذا كان مرشح الضرورة ، والآن صار حكيما ، لذا أصبح رئيسا بالإختيار ، وهو إختيار من كل أسود الغابات فى كل ممالك العالم الذى ننتمى إليه وينتمى لنا ، فنظر الأسد الى الثعلب وقال: وماذا عن العصافير والطيور؟ ، فقال الثعلب: دع أمرهم لقرودك على فضائيات الغابة ، واطلب منهم إيهام الشعب بأن كل طير بمنقار خطر ! ، عندها قال الأسد للثعلب : ونعم المستشار ونعم المشورة ، فالقرود أفضل لنا من ضرب الطيور بالرصاص !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق