لو كنا فى دولة محترمة ، يحترم مسئولوها القانون ، ويحترمون عقول مواطنيها ولا يستخفون بها ، لكنا وجدنا تدخلا فوريا من مؤسسة الرئاسة أو من رئاسة مجلس الوزراء قد تم بالفعل ، وألغى مسابقة الـ 30 ألف معلم المزورة ، أو على الأقل شكل لجنة محايدة من خارج وزارة التربية والتعليم لمراجعة ما حدث وتقييمه للوقوف على مدى التزوير الذى شابها ، والرشوة والمحسوبية والوساطة التى تخللتها ، و رسمت فى أذهان جميع المصريين صورة ذهنية لنظام السيسى بأنه أسوأ عشرات المرات من نظام مبارك ، وذلك من منظور التلاعب فى مسابقات تعيين الموظفين فى الحكومة .
وقد تكون الصورة الذهنية مغايرة للواقع ، وقد يكون فيها تجنيا على نظام السيسى ، وقد يكون الرئيس السيسى برىء منها ، مع تحفظنا الشديد على نظامه فيما يتعلق بقمع الحريات، ولكن عدم إهتمام الرئيس بهذا الموضوع الخطير ، برغم تعهده باقصاء أى مسئول فساد مهما كان حجمه ، يثير علامات إستفهام أخطر بشأن مدى التقارب والتباعد بين تصريحات الرئيس وبين ما يحدث على أرض الواقع ، فالتصريحات خيال وردى لدولة عدالة ، والتصرفات واقع سىء لدولة ظالمة ، ولذا لابد و أن يتخذ الرئيس السيسى القرار المناسب الذى يمسح تلك الصورة الذهنية من أذهان المواطنين.
ما دفعنى للتحدث فى هذا الموضوع ، هو أن الأمر خطير للغاية ، وتعكس معالجته سبهللة ادارية من جانب وزارة التربية والتعليم ، فالوزارة ممثلة فى وزيرها الدكتور محب الرافعى ، تتبع المراقبة اللاحقة للتزوير ، بدلا من المراقبة السابقة ، بمعنى أنها تعاقب المتقدمين المزورين بعد إنتهاء المسابقة وبعد إعلان نتيجتها ، وليس فى بدايتها ، فأى سخافة وأى استحمار للشعب أكثر من ذلك ؟!.
وقد يرانى البعض متحاملا على مسئولى وزارة التربية والتعليم ، لكنى فى حقيقة الأمر لست متحاملا على أحد ، فمن بين قرابة 1200 فائز فى المسابقة بالجيزة وحدها تبين أن هناك 35 متقدما زوروا أوراقهم وفازوا فى المسابقة ، وهذا فى حد ذاته كفيل بالغاء المسابقة بكاملها ، وباقالة وزير التربية والتعليم وبتطهير الوزارة من كل المسئولين الفاسدين فيها ، فما الذى يفيد المتقدمين الذين لم يفوزوا فى المسابقة من الرقابة اللاحقة للتزوير فى المسابقة .
وأود هنا أن أسأل الوزير كيف لخريج حاصل على جيد جدا ، يصدق الدولة أو يشعر بالإنتماء لها ، وهو يرى حاصل على مقبول يفوز فى المسابقة بالتزوير وبالوساطة ، وكيف له أن يصدق الدولة وهو يرى حريجون فى 2014 فازوا لأنهم حاصلون على ماجيستير ، وخريجين فى 2012 حاصلين على دكتوراه ، وما أود أن اقوله هنا للوزير أيضا ، كفى إستخفاف بعقولنا بتصريحات مفادها أن أبناء مسئولين كبار رسبوا فى المسابقة كدليل للشفايفة ، لأن الدلائل الدامغة على الفساد الذى طال المسابقة لا يمكن تبريره أو التغطية عليه بمجرد تصريحات خيالية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق