عزيزى
القارء ارجو الا تتعجل فى اصدار حكمك على المقال وكاتبه فالعنوان ليس من عندى
وانما له حكايه , ففى يوم الخميس وهو اليوم التالى لصدور احكام البراءه على كل
المتهمين فى موقعة الجمل ’ كان على ان اتوجه الى مبنى الاذاعه المصريه لارتباطى
باحد البرامج الحواريه , فكان على ان امر امام دار القضاء العالى ورأيت هناك شاب
اسمر نحيل امام الباب الرئيسى يقف تحت وهج الشمس ويرفع لافته كبيره مكتوب عليها
الاتى " المتهمين فى موقعة الجمل اخذوا براءه... احه ياحكومه... احه يا نيابه
...احه يا قاضى " ويبدو ان الشاب كان
يقف منذ عدة ساعات وهذا ما خمنته لما بدا عليه من الاعياء , وقد استوقفنى المشهد
واستوقفتنى العبارات والتى شعرت فى نفسى من اول وهله ازاءها بألاستياء وروادنى مثل
الشعور الذى روادك حين قرأت عنوان هذا المقال , استوقفنى حال ذلك الشاب وموقفه
الرافض للنتيجه التى انتهى اليها الموقف العام تجاه الشهداء والمصابين اثناء
الثوره , والتى اضحت دماءهم هدرا مابين المنوط بهم جمع الادله من الاجهزه الامنيه
على اختلاف مسمياتها ومواقعها وحساسيتها أوالمنوط بهم ترتيبها من قضاة التحقيق
والنيابه العامه وعلى رأسها السيد الدكتور النائب العام اوالمنوط بهم الحكم من رجال القضاء , وطاف
بذهنى ان الاحداث لم يمر عليها الا سنه وثمانية اشهر وكل من ذكرتهم كانوا موجودين
فى مناصبهم واماكنهم وكلهم كانوا شهودا على ما حدث , مع باقى الشعب , وهذه الاحداث
وقعت على مرأى ومسمع من العالم اجمع وكانت هناك كاميرات الاعلام تصور الاحداث لحظه
بلحظه وخاصة لحظة دخول الجمال والبغال والحمير والمتوسيكلات وركابها يشهرون السيوف
ويعيثون ضربا وقتلا فى المتظاهرين المتواجدين بميدان التحرير , وقد استطاع الثوار
السيطره على الموقف وامسكوا بكثير من بلطجية الموقعه وتم تسليمهم للقوات المسلحه ,
والسؤال الذى لم يطرحه احد حتى الان ماذا فعل من تسلمهم من اجهزة او رجال القوات
المسلحه بالبلطجيه الذين تسلموهم من الثوار , اين هؤلاء المقبوض عليه متلبسين
بالقتل , لماذا لم يبحث قاضى التحقيق المحترم النزيه وراء هذا الدليل ولماذا
النائب العام " محامى الشعب , لم يتتبع هذا الدليل , لقد تم خلال الثمانية
عشر يوما القبض على الكثير من البلطجيه فى
ميدان التحرير وماحوله وقام الثوار بتصوير بطاقتهم الشخصيه وسلموهم للقوات المسلحه
والسؤال الذى يطرح نفسه اين هؤلاء ؟ اختفوا !! فمن الذى اخفاهم ومن الذى قام
بتهريبهم وتستر عليهم ؟, ان الذين تم القبض عليهم فى موقعة الجمل تم تصويرهم
بالصوت والصوره والقى القبض على اغلبهم .. والسؤال موجه الى محامى الشعب لماذا لم
تتبع هذا الدليل ؟ فى كل الدول الديموقراطيه فى العالم ان الموظف العمومى الذى لا
يستطيع اداء مهام عمله يتعرض للمسائله وللعقوبه , لكن هذا المبدأ لم يكن له مكان
فى مصر فى يوم من الايام ويبدو انه سيظل هكذا ابد الدهر , طالما وجد فساد اصيل
ومفسدين متجذرين قادرين على التخندق حول فسادهم وحماية انفسهم مستغلين قصور
القوانين التى وضعت فى زمن الريبه وزمن خراب الضمائر , والغريب ان الكل يتغنى
بالنزاهه ويبكى على الضمير ويثور للقيم وعندما تنظر الى ما يتغنون به وما يتباكون
عليه تجد انهم فى عصر مبارك اول من باعوا الضمير وانتهكوا القوانين واهدروا
المبادىء , اننى اسأل المتباكون على القضاء اين كنتم يوم ان زورت انتخابات 2010
اين كنتم عندما اعتدى على زملاءكم القضاه فى عقر داركم , كنتم تهللون لديموقراطية
مبارك اين كنتم عندما اعتدى على القضاه اما ناديكم كنتم تسبحون بحمد مبارك , افسحوا
المجال للقضاه الشرفاء الذين قالوا لا للظلم فى عهد القهر , افسحوا الطريق لاسود
القضاه من امثال المستشار زكريا عبد العزيز وغيره من الشرفاء وهم بحمد الله كثير ,
ان الادله فى تهم قتل الشرفاء موجوده وواضحه وضوح الشمس واننى على ثقه من ان لجنة
تقصى الحقائق ستقدم الادله الدامغه والتى فشلت الاجهزه سابقة الذكر او تعمدت
اخفاءها وطمسها , وعذرا عزيزى القارىء اننى تركت الموضوع الاصلى للمقال فلقد
استفزتنى كلمة احه فذهبت ابحث عن معناها فى القواميس اللغويه فلم اجد لها اصلا , فعمدت
الى كتب المؤرخين الذين ارخوا لاحداث مصر علنى اجد واقعه ترتبط بهذه الكلمه , وبعد
جهد جهيد وجدت مقاله لاحد الكتاب يدعى ابو سمره على شبكة الانترنت بموقع يسمى ابو
دومه " هذا موقع يمكنكم الاطلاع عليه " ارجع الكلمه الى العصر الفاطمى
والذى كثر فيه ظلم الحكام على المصريين فكان المصريون يواجهون اعوان الحاكم بكلمة "احتج
" فاستصدر الاعوان من الحاكم تحريم كلمة احتج بل تجريمها ( وكم فصل الترزية
المجرمون من قوانين سيئة للحكام الظلمه ) فصدر القرار او القانون وطبقا لمبدأ
احترام القانون حتى ولو كان قانون فاسد ( ومنها القانون المطبق الان فى مصر بعدم احقية
احد فى عزل او اقالة اى موظف عمومى لا يستطيع تحقيق اهداف عمله لانه القانون ويجب
ان نتبع القانون حتى ان لم يعجبك القانون ولم يعجبك من وضعه ) وبما ان الشعب
المصرى ايضا ايام الفاطميين كان يؤمن بهذه المبدأ الديموقراطى فقد امتنع الشعب عن
قول " احتج" ولكنه حرف الكلمه فأصبح المصريون ينطقونها "احتا"
وكانت الكلمه ثقيله فى النطق بعض الشىء فحرف المصريون الكلمه الى " احه"
واستحسنها الناس فصاروا يحتجون بها على الظلمه فى كل العصور واصبحو يحتجون بها
فيما بينهم على بعضهم البعض , وعندها ادركت حكمة ذلك الشاب الحكيم النحيل وانه كتب
كلمة احتج بالعاميه خوفا من بطش الفاطميين واعوانهم ( لانه يحتج على براءة متهمى
قتلة الثوار فى العصر الفاطمى ) , وانه لشاب عاقل يتبع المبدأ الديموقراطى المصرى
الاصيل بعدم مخالفة القوانين الفاسده حتى ولو صدرت فى ازهى عهود الضلال والفساد
وحتى لو كانت من العصر الفاطمى ... لك الله يامصر .
* خبير تنمية بشرية واستاذ فى الجامعة العربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق