بقلم/ توفيق أبو شومر
نشرت بعض الصحف خبرا يفيد بأن إسرائيل قررتْ مقايضة هجرة يهود العالم العربي بقضية اللاجئين الفلسطينيين، وأن خمسة وثمانين ألف يهودي قد تركوا أملاكهم في الدول العربية، وهاجروا إلى إسرائيل.
وأشارت صحيفة جورسلم بوست الإسرائيلية يوم 29/8/2012 إلى الخطة الإسرائيلية الجديدة في هذا الموضوع وتتمثل الخطة الإسرائيلية فيما يلي:
أولا:
تكليف ثلاث مؤسسات إسرائيلية بالتعاون لإنجاز مشروع توثيق وإحصاء أملاك اليهود الذين عاشوا في العالم العربي، ثم هاجروا إلى إسرائيل، وهي وزارة الخارجية، ووزارة شؤون المتقاعدين، بالتعاون مع المؤتمر اليهودي العالمي، وقد جرى توثيق عشرين ألف حالة من المهاجرين اليهود حتى الآن.!!
ثانيا:
القيام بحملة إعلامية كبيرة في الداخل والخارج، ففي الداخل تقوم المؤسسات الثلاثة برفع شعار الحملة[ أنا لاجئ] للحصول على شهادات اللاجئين اليهود من العالم العربي، وعلى صورهم، ومستنداتهم، وذكرياتهم، وفي المقابل تتولى المؤسسات الثلاثة إعداد مؤتمرات صحفية وندوات دولية في شهر سبتمبر الحالي، بمناسبة انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وزعيم هذه الفكرة هو وكيل وزارة الخارجية داني أيالون!!
ثالثا:
تخصيص يوم احتفالي وطني إسرائيلي يُخصص للمهاجرين اليهود من الدول العربية.
رابعا:
إصدار لوائح وتشريعات قانونية من الكنيست الإسرائيلي، تُلزم المفاوضين الإسرائيليين، بأن يطرحوا في مفاوضاتهم النهائية قضية اللاجئين اليهود من الوطن العربي كشرط لإتمام أي مشروع سلام، أو توقيع أية اتفاقية، تعزيزا للقانون الذي أصدرته الكنيست عام 2010 والذي ينص على ربط كل اتفاق نهائي بحل مشكلة أملاك اللاجئين اليهود وحقوقهم كلاجئين.
خامسا:
ربط قضية اللاجئين اليهود بمبادرة السلام العربية التي أعلنها العاهل السعودي الملك عبد الله عام 2002 ، التي نصتْ على إنشاء دولة فلسطينية على حدود 1967، وعودة اللاجئين والانسحاب من هضبة الجولان، كشروط لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، مما يعني تسوية حقوق المهاجرين اليهود ضمن بند التطبيع.
سادسا:
إدماج قضية اللاجئين اليهود في ملف كل مباحثات مع دول العالم، وكذلك ملفات الأمم المتحدة والمطالبة بأن تتبنى دول العالم هذه القضية ضمن قوانين وتشريعات جديدة، كما اقترح منسق المؤتمر اليهودي العالمي داني ديكر.
سابعا:
ربط قضية المهاجرين اليهود من الدول العربية بالهولوكوست، واعتبار ترحيلهم من الدول العربية إبادة جماعية، لذا يجب أن يخلدوا كضحايا في النصب التذكاري ياد فاشيم!!
وهذا البند من (إبداعات) وزيرة شؤون المتقاعدين ليئة ناس!!
إن مقارنة قضية اللاجئين الفلسطينيين باللاجئين اليهود من الدول العربية، هي مقارنة باطلة، وليس فيها شيء من الصواب، فالفلسطينيون تركوا موطن ولادتهم وأملاكهم، وهم اليوم ما يزالون يعيشون النفي والإبعاد!!
أما يهود العالم العربي، فقد استولوا على بيوتنا وممتلكاتنا، وعادوا إلى وطنهم المزعوم!! فما تركوه وراءهم من متاع أقل بكثير مما سرقوه من متاعنا وممتلكاتنا وأرضنا!!
كما أن ربط هجرة اليهود بالمحرقة اليهودية استفزاز لعقول البشرية جمعاء، فلم تحفظ الوثائق التاريخية أية مجزرة(بوغروم) جرت في حق يهود العالم العربي، كما أن كثيرين منهم ما يزالون يعيشون في دول عربية كثيرة كمواطنين محترمين، بالإضافة إلى أن يهود العالم العربي الذين هاجروا إلى إسرائيل، ما يزالون يحتفظون بذكرياتهم الجميلة في العالم العربي الذي استضافهم سنواتٍ طويلة، ولم يرحلهم، فكثير من يهود إسرائيل ما يزالون يرفعون في بيوتهم صور الملك المغربي محمد الخامس، وقد رأيت بالفعل بيتا يرفع هذه الصورة، كما أن يهود العراق ومصر، ما يزالون يشعرون بالحنين إلى هاتين الدولتين، يسمعون الأغاني العربية ويتحدثون في بيوتهم بالعربية، وليس بالعبرية، وينشرون الثقافة العربية والفن العربي!!
إن معظم مؤسسات ومنظمات وجمعيات اللاجئين الفلسطينيين، وهي أكثر من أن تُحصى، ما تزال عاجزة عن تكوين أرشيفات توثيقية شاملة، بالصوت والصورة لحقوق اللاجئين وتسلسل أجيالهم ، وما يترتب على هذه الحقوق من مضاعفات حياتية وتعليمية!!
وكل ما تنجح فيه هذه المؤسسات والجمعيات، هو إصدارها لأوراق وقصاصات في المناسبات، وتوزيع الكتيبات والخرائط والحقائب والوجبات الساخنة، أو عقد مؤتمرات مخملية في مناسبات اللجوء المأساوية، بدون أن تتمكن من القيام بجهد مركزي عن طريق تكثيف الجهود بين كل الجهات المختصة باللاجئين، لغرض إنجاز توثيق الحقوق الفلسطينية كاملة بالصوت والصورة وإبراز الوثائق الفلسطينية، وأعتبرُ هذا المشروع أهم بكثير من الخطابات السياسية الفارغة، والشعارات الحزبية المُكررة ، والخلافات على تشكيل الحكومات والوزارات!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق