ينصب اهتمام الولايات المتحدة بشكل متزايد على الأوضاع الداخلية المقلقة لأكبر مصدر للنفط في العالم مع نشر مزيد من التقارير التي توضح أن السلطة في السعودية تعاني حالة قلق مزمن من اضطرابات قد تتطور في نهاية المطاف لتصبح ثورة عارمة تطيح بالأسرة الحاكمة وتدب الفوضى في المملكة ما يشعل حرباً دولية حول أسعار الطاقة. و طرحت مؤسسة "هيريتدج" الأمريكية بعض الأسئلة حول إمكانية قيام ثورة في السعودية لافتة إلى حتمية تعطل إنتاج النفط في الدولة الأولى عالمياً في تصدير النفط.. وحاولت مؤسسة "هيريتدج" اليمينية الأميركية، وضع الخطط لما بعد انهيار إنتاج النفط السعودي، واقترحت على الإدارة الأميركية بعض إجراءات الطوارئ في حال وقوع ما لا يمكن تصوّره، مشيرة إلى أن روسيا وإيران ستسعيان لاستغلال الأزمة وإحكام نفوذهما على العالم، فيما يتضاءل النفوذ الأميركي، وخصوصاً في الشرق الأوسط!.
ووصف الباحثون في "هيريتدج"، أرييل كوهين وديفيد كروتزر وجيمس فيليبس وميكاييلا بنديكوفا، في تقريرهم الذي يقع في ثماني صفحات، هذا السيناريو بأنه أكثر خطراً من إغلاق إيران مضيق هرمز، الذي سيسبّب ارتفاعاً في أسعار النفط، لكن على مدى قصير، إذا ما تمكنت الضربة العسكرية ضد طهران سريعاً من إعادة ترميم الممرات البحرية. واستندت "هيريتدج" إلى تجارب محاكاة كانت قد أجرتها في 2006 و2008 و2010 لتقويم الأثر الاستراتيجي والاقتصادي على إمدادات النفط في حال تعرّض إيران لضربة عسكرية. لكن هذه المرة درست حالة إصابة إنتاج النفط السعودي في العمق، إن طالت الثورة المملكة، ما قد يسبّب توقف إنتاج النفط بالكامل لمدة عام، وانخفاض الإنتاج بنحو 8.4 ملايين برميل يومياً، يليه عامان من التعافي.
ومن بين إجراءات الطوارئ، يقترح الباحثون على واشنطن إطلاق بعض الاحتياطات النفطية الاستراتيجية بالتنسيق مع الدول الأخرى، إضافة إلى استغلال موارد شركة أميركا الشمالية للطاقة، وترشيد الاستهلاك المحلي للطاقة للحدّ من تبعات الأزمة وتسهيل عملية التعافي.
وخلص معِدّو التقرير إلى ضرورة استخدام واشنطن نفوذها ومواردها لمساندة الحلفاء والأصدقاء خلال الأزمة.. وبحسب المصدر نفسه، سيتعيّن على الولايات المتحدة أن تضع في الحسبان، احتمال نشر قوات عسكرية في السعودية ودول خليجية أخرى، بناءً على طلب هذه الدول.. ويبدو السيناريو الذي رسمه الباحثون لـ"الثورة السعودية" أقرب إلى فيلم سينمائي، إذ يبدأ بمطالب حقوقية لليبراليين، قبل أن ينضم إلى الثورة رجال الدين الراديكاليين من السنّة والشيعة.
تردّ الرياض بيد من حديد، وتطلق النيران على الشيعة في المحافظة الشرقية الغنية بالنفط، فيستولي هؤلاء على المنشآت النفطية.. فتتدخل إيران وتزوّد الشيعة بالسلاح والمال والتدريب والدعاية.. عندها يسقط آل سعود، بحسب السيناريو، ويفرّ الأمراء من البلاد أو يُعتقلون أو يُقتلون.. على أثر ذلك، يقوم ائتلاف من الوهّابيين والعناصر المرتبطة بتنظيم "القاعدة" بالاستيلاء على الحكم، ويطردون كل العمال غير المسلمين.
ويتابع رجال مؤسسة "هيريتدج" تصوّراتهم، فيعتقدون أن النظام الإسلامي الجديد سيتردّد في بيع الذهب الأسود للأميركيين والأوروبيين، مفضّلين بيعه للصينيين. وبطبيعة الحال، يعود الإنتاج، لكن منخفضاً إلى 4 أو 5 ملايين برميل يومياً، وهو المستوى الذي بلغه الإنتاج الإيراني بعد سقوط الشاه.
وبحسب التقرير نفسه، سيكون لهذه "الثورة السعودية" تبعات اقتصادية على الولايات المتحدة، إذ يُتوقع أن ترتفع أسعار الوقود إلى أكثر من 6.5 دولارات للغالون الواحد، فضلاً عن ارتفاع أسعار النفط من 100 إلى أكثر من 220 دولاراً للبرميل. وبعد عرض ما سيتعيّن على الحلفاء والخصوم القيام به لمواجهة تداعيات مثل هذا السيناريو، يقترح الباحثون، إذا قررت واشنطن أنّ التدخل العسكري حتمي لحماية مصالحها، ودعم السلطات المدنية، وشن عمليات لمكافحة الإرهاب، وضمان بقاء مضيق هرمز مفتوحاً، وردع إيران عن سد الفراغ في السلطة السعودية، وضمان عدم استيلاء نظام إسلامي راديكالي معادٍ على البنى التحتية النفطية في المملكة أو الخليج عموماً!!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق