07 يونيو 2012

«قاضي التوريث» يعلن الحرب على «نواب الشعب»


الشروق - محمد شوشة
«الرجل زجّ بالقضاة في معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل»، هكذا لخّص المستشار أشرف زهران، أحد رموز تيار الاستقلال القضائي، المؤتمر الصحفي للمستشار أحمد الزند، رئيس نادي القضاة، والذي خصصه لإعلان الحرب المفتوحة على «برلمان الثورة»، المنتخب بإرادة شعبية، شهد العالم بحريتها ونزاهتها.

الزند هاجم نواب الشعب على موقفٍ بدا واضحًا مدى اتساقه مع الإرادة الشعبية، الرافضة للأحكام على الرئيس المخلوع ونجليه و7 من أركان داخليته، والتي شعر فيها رجل الشارع بضياع دم الشهداء، لكن رئيس نادي القضاة كان له رأيه الخاص.

مواقف الزند المدافعة عما زعم أنه «كرامة القضاء»، تتسق مع مواقفه المتتالية من حركة الشارع الثائر، فهو الذي نفى نزول القضاة إلى ميدان التحرير أثناء الثورة، وقال في تصريحات تليفزيونية، إنهم لا يمثلون قضاة مصر، ولا يجب مشاركتهم مع «الغوغاء والعامة».

والزند، الذي وقف ليهاجم التيارات الإسلامية المشكلة لأغلبية البرلمان، هو نفسه الذي صرح في فبراير الماضي، خلال لقائه مع الداعية السلفي محمد حسان، بأن: «القضاة يتحرّقون شوقًا لليوم الذي يحكمون فيه بأحكام الشريعة الإسلامية»، مُرجعًا السبب في عدم قدرتهم على فعل ذلك من قبل، بأنهم لم يكونوا أصحاب المجلس التشريعي.

وتواصلت تصريحات الزند ضد الثوار بعد الثورة؛ فاختار «الخيانة» لتكون الصفة التي قرر إلصاقها بكل من يهاجم المجلس العسكري، معلنًا أنه من مؤيديه؛ «لأنه هو الدرع الحامية لهذا الوطن»، على حد تعبيره، لكنه لم يتورع عن الدعوة لتبني ياسر الجندي، أحد نواب الحزب الوطني المنحل، تكريم أسر الشهداء من المواطنين والشرطة، دون أن يوضح إن كان نواب النظام البائد من «الدروع الحامية لهذا الوطن أم لا».

والزند الذي يقف اليوم مدعيًا الدفاع عن استقلال القضاء، هو نفسه الذي تصدى بكل قوة، لمشروع قانون أعده المستشار أحمد مكي لاستقلال القضاء بعد الثورة، ودعا لجمعية عمومية لمواجهة هذا المشروع، رافضًا الاستجابة لمظاهرات نظمها آلاف الثوار أمام دار القضاء العالي ضد تأخر تطهير القضاء، والمطالبة بالاستقلال الكامل له، حيث فضل تقديم مشروع قانون ينظر لاستقلال القضاء على أنه «مجرد مطلب فئوي»، بحسب وصف سعيد محمد، رئيس لجنة الإعلام في مشروع قانون استقلال القضاء، الصادر عن لجنة المستشار أحمد مكي.

ولا ينس المصريون للزند، أنه أبرز المدافعين عن التوريث في السلك القضائي، وشن هجومًا حادًا على أوائل خريجي كليات الحقوق، الذين تظاهروا أمام دار القضاء العالي في سبتمبر الماضي؛ للمطالبة بحقهم الطبيعي في التعيين بالنيابة العامة، مدافعًا عن حصول أبناء القضاة «الأقل منهم في المجموع» على أماكنهم، واصفًا المتظاهرين بـ«الغوغاء»، ووصف من يهاجم أبناء القضاة بأنهم «حاقدون وكارهون»، مؤكدًا أنه «سيظل تعيين أبناء القضاة سنة بسنة، ولن تكون قوة في مصر، تستطيع أن توقف هذا الزحف المقدس إلى قضائها».

مواقف الزند العنترية دفاعًا عن القضاة، لم تظهر عندما تعاملت قوات الأمن مع شيوخ القضاة في وقفتهم الشهيرة أمام جبروت نظام مبارك بإهانة، وكأنهم مسجلون خطرًا، وحشدوا لهم عشرات الآلاف من جنود الأمن المركزي والقوات الخاصة وقوات مباحث أمن الدولة، وقتها اختفى أحمد الزند ولم يكن له أي صوت، إن لم يكن مشجعًا لسلوك النظام ضد القضاة.

كما لم يُدلِ الزند بتصريح واحد في مواجهة تزوير الانتخابات في 2010، ولم يلوح حينها بوقف الإشراف القضائي على الانتخابات، وعندما تعرض المستشار وليد الشافعي، للاحتجاز من قبل رئيس مباحث البدرشين، أثناء منعه تسويد البطاقات في إحدى اللجان بدائرة مركز البدرشين، قال الزند، إنه تصرف «لن يمر مرور الكرام»، لكنه مر، رغم أن الحزب الوطني المنحل كذّب الواقعة من الأساس، كما لم يقف بوجه الحزب، حين وصف في بيان رسمي القضاة الذين تحدثوا عن تزوير الانتخابات بالكذب والتلفيق!
جريدة الشروق

ليست هناك تعليقات: