31 مارس 2012

على هامش "قمة بغداد"... رسالة من صدام حسين


خاص لشبكة البصرة
 بسم الله وبعد :
تحية عربية مباركة لمن يستحقها، وتحية الإسلام العظيم لمن يؤمن به حقا ويتمثله حقا، وتحية لنشامى أمتنا العربية العظيمة وماجداتها، تحية من عند الله طيبة مباركة.
ومفتتحا لابد لي - وأنا رئيس الجمهورية العراقية والقائد الأعلى لقواتها المسلحة- أن أحيي بإكبار شعب العراق العظيم، وقواه الحية، وطلائعه ومجاهديه، من أبناء بعثه الوقور، ورجال قواته المسلحة،... الذين لم يغادروا خنادقهم، ولم يسلموا بنادقهم، وما نكصوا على أعقابهم، وما بدلوا تبديلا.
 أيها الرفاق الأشاوس
يا أبناء المثنى وشرحبيل والقعقاع وعمرو وسعد
يا خلاصة عصر الجهاد والفتوحات
يا سيوف النصر والتمكين ورايات العز والشموخ
أيها العرب الخالدون
شعب الرافدين العظيم
أخاطبكم، وأنا هنا في العالم الذي ذهبت إليه- كما تذكرون- شامخ الرأس، مرفوع الهامة، مؤمنا بالله وبأمتكم، وقد سمعت أن "القادة العرب" يجتمعون عندكم في بغداد الرشيد والكبرياء والعزة والسؤدد، وقد كان من المفترض أن أخاطب "القادة" إذا كانوا حقا قادة للعرب، غير أنني لم أرفى وجوههم نضرة العروبة، ولا ألقها، ولا كبرياءها، ولا نورها الذي تمشى به في الأرض، منذ أن شرف الله الأرض بأن خلق لها أمة كريمة نقية رائعة عظيمة، ختم بأعز رجالها وأغلاهم وأنقاهم وأرفعهم رسالات السماء كلها، لتزداد عظمة مع عظمتها، ما هذه وجوه القادة والزعماء، ولا هذا ماؤها، ما هذه كبرياؤهم، ما هذه أخلاقهم، ولا طينتهم، ولا قاماتهم الفارعة حد المشانق والسماء!!
نعم، قررت مخاطبتكم - أيها المواطنون العرب الشرفاء وأهلي العراقيين الأنحاب- فليس من شيمتي أن أخاطب شذاذ آفاق جمعتهم العمالة والنذالة والخيانة، وصنعهم البترول والدولار، وركبت "رجولتهم" في عواصم الظلم والتعسف والبغي، من واشنطن إلى لندن مرورا بباريس.
إن قيادة قطر عربي تتنافى مع تدميره وإذلاله وتسليمه للأجانب، أيا كانوا وأينما كانوا، وليس عربيا شريفا من يستظل بطائرة أجنبية لاستمطار ثورة وهمية، ولا من أتى على ظهر دبابة ليبيع الأرض والقضية والمبدأ.. وليس زعيما شهما من يدعى تمثيل بلد مدمر، مستباح الكرامة والسيادة، عديم الحرية..

أيها العرب العظماء
أدرك أنكم تعرفون- يقينا - أنها ليست بغداد هذه التي يتنادى إليها اليوم "ملوك الطوائف" ويجتمع فيها أمراء السلب والنهب والقتل، وتدنس أرضها مخالب "العجماوات"، ورطانة "الأعاجم"، وعبدة "النار" والمال والجسد، وأقدام "العلوج"، و"عبيد السخرة"، وتنقل إليها"شتلات" ربيع الدم والعمالة والتعري، الذي يسمونه زورا "الربيع العربي"..!!
ليست هذه بغداد التي يتحكم فيها "المجوس" و"المغول" ويحكمها نيابة عنهم المولدون والمدجنون وباعة الأرض والعرض والدين والانتماء، ليست هذه بغداد، وليست هذه "فراتها" ولا هذا "دجلتها"، لا هذه خيولها المسرجة، ولا هذه سيوفها المسلولة، ولا هذا لبان الكبرياء والشرف الذي ارتضعته سائغا من أيام "الرشيد" الخالد.. ما هذه بغداد التي ألفناها عرين كبرياء، وتهجيناها دارا للحب والسلام..!!

أيتها الجماهيرالعربية العظيمة
إذا كانت هذه حلقة مظلمة دموية من التاريخ العربي، بيعت فيها الأوطان، وقتل فيها الرجال، وأهينت فيها النساء، واحترق النخيل، وأعدمت كل الخيول، وأبيدت الجيوش، و ديست فيها الكرامة، وجلل الذل والقهر فيها بيت المقدس، واغتصبت فلسطين، وحورب حملة الفكر والهم والقضية، وأعطيت "القيادة" لرهط من المنافقين والمشعوذين والشعوبيين والخونة، فإن أمتكم التي عاشت مع كل ظلم مجدا جديدا، وأنبتت دماء رجالها - عبر التاريخ- أجيالا لا تعرف الانحناء لغير الله، ستنهض بدماء رجالها، وأشلاء أطفالها، وركام مدنها، لتكتب فجرا، وتصنع خيوطا لشمس قادمة، فقدر هذه الأمة المناضلة المكافحة أن تكون كالشجرة، تنمو وتكبر وتتمدد وترتفع، مهما كانت درجة التقطيع الذي تتعرض له..

أيها الإخوة
أيها الرفاق
لقد استقبلت الموت - كما تذكرون وكما لن تنسوا أبدا- بوجه صبوح وبنفس مقبلة غير مدبرة، لكي تدرك أجيالكم أن لديكم قيما وحضارة وتاريخا ومجدا وكبرياء، تهون في سبيلها أعناق الرجال كل الرجال، وأن لأمتكم رجالا وقفوا أرواحهم على عليائها ورفعتها، ولقد تعودت - منذ بداية كفاحي في سبيلكم- أن أكون في المقدمة وأن يتساوى عندي- من أجلكم ومن أجل رفعة أمتكم ومجدها- حبل المشنقة مع كل نياشين التتويج والتكريم، وأنا فخور بأن الله جلت قدرته وفقني في لحظات عصيبة هي - في جوهرها - استخلاص لمعادن الرجال، للثبات على كلمة التوحيد، وعلى الشعار الخالد الذي يستحق ليس فقط أن تحترق أوطاننا كلها، ولكن أيضا أن نموت من أجله جميعا رميا بالرصاص، أو بحبل المشنقة، أو حتى بالصلب والتقطيع والصعق، "عاشت أمتنا العربية المجيدة ذات الرسالة الخالدة وعاشت فلسطين حرة أبية من النهر إلى البحر ومن الجنوب إلى الجنوب".

شعب العراق
لقد حاربت من أجلكم بشجاعة، ولست نادما على ذلك، حاربت "الصفويين" و"الشعوبيين"، و"عبدة النفط" في دويلات "المزارع الكرتونية" الخائنة المارقة والمحكومة من عائلات هجينة مستجلبة، استمرأت دوما عقوق الأرض التي آوتها وحضنتها، لتتحول إلى خنجر مسموم ينزرع في خاصرة المشروع القومي العربي الذي بشرنا به حربا وسلاما، في السراء والضراء وحين البأس، ومتنا من أجله، وتلونت أجسادنا وأوطاننا بالدم، وتمنطقت بالحديد والنار دفاعا عنه، حاربت الخيانة والصلف والعربدة، حاربت الكيان الصهيوني البغيض، ودماء رجالي العراقيين الشم رسمت دائما الخط الأحمر – بالأشلاء- من بغداد مرورا بدمشق وعمان وبيروت، وحتى أسوار القدس، وأنا مدين لكتل الرجال واللهب والنار والحديد العراقية التي ضجت حد السماء دفاعا عن الأمة العربية المجيدة أرضا وعرضا وكرامة..
لقد حميت حماكم، شمالا وجنوبا، غربا وشرقا، وحيثما وجد شعب عربي يسام الخسف أو يعتدى على حرماته، واسألوا عنى ضفاف المحيط عند البوابة الغربية، واسألوا "الأحواز" و"الفاو" و"خانقين" واسألوا فلسطين، واسألوا كل شبر عربي، فسيأتيكم الجواب بأننا حمينا المضارب، وانتصرنا للعزة القعساء برجالنا وسلاحنا، وبأصواتنا التي ظلت مرتفعة حتى يوم أزفت آزفة المشنقة، فرأيتمونا- كما يجب أن نكون- صبر عند اللقاء، لا نهاب الموت، لانفرط في حق،ولا نستبدل الخنادق بالفنادق، ولا القبور بالقصور، ولا نسلم أرضنا ولا شعبنا تحت أي ظرف من الظروف، ولقد رأى عدونا منا ما يكره، كما رآه يوم التقى برسولنا العظيم، وصحبه المجاهدين الأخيار..لقد رضينا بقضاء الله ضاحكين مستبشرين بلقائه يوم الحج الأكبر،ولم نجلس مع المخلفين والعاجزين والمرتعشين، في الصفوف الخلفية، فالموت يعرفنا أيام تطاير الرؤوس، وأيام تبلغ القلوب الحناجر، وأيام يميز الله الرجال من أشباههم، ويميز المؤمنين من المنافقين والخونة، وتلك بصماتنا محفورة بدمائنا في ساحات الوغى، وميادين الجهاد، ولقد كتب الله علينا موت الرجال العرب كأحسن ما يكون، كما كتب لنا أن نعيش أحرارا كما خلقنا أول مرة..

أيها العرب العظماء
لا تبتئسوا، احترق العراق، واحترقت ليبيا واليمن وسوريا والسودان، وستحترق كل الأرض العربية، وستسامون الخسف والابتلاء، وتذوقون الذل والظلم والمهانة، باسم التحرر أحيانا، وباسم التدين أحيانا أخرى، بل حتى باسم دولة الخلافة ف"أبو لهب"، و،"أبورغال"، و"ابن العلقمي"، و"أبولؤلؤة"، و"أبرهة"، و"أبوغبشان" و"ابن سلول"، و"مسيلمة"، و"هولاكو"، و"ابن سبأ"، و"الشيخ النجدي"، يتربصون بكم الدوائر منذ الأزل، ولكن دماءكم وأشلاءكم هي السماد الذي سينبت "الربيع العربي" الحقيقي من أرضكم، لا من سماوات "الناتو" ولا من علب النفط في "الخليج"، ربيع أبلج تتوحد فيه الأمة، وتستعيد ثرواتها وثوراتها، وتشرق فوق أرضها شموس الحرية والعدل والوحدة والكرامة..
قد يقهرونكم عاما، أو عقدا من الزمن، أوقرنا كاملا، ولكن ثقوا بأنكم الأعلون إن كنتم مؤمنين بأمتكم ورجالها وتاريخها وعطائها وقيمها المشتركة..
وللمجتمعين في بغداد تحت حراب الأمريكيين والفرس المجوس، أقول لقد ارتقيتم مرتقي صعبا، فتلك الكراسي أكبر منكم، وأرض العراق التي تتسللون نحوها - غيلة وغدرا وسفالة - تحتقركم لأنها معجونة بقرون من الجهاد والتضحية، وتقشعر تحت أقدامكم النجسة عمالة وخيانة وشعوبية، فلتلك الأرض العزة والمجد والخلود، ولكم الخزي واللعنة والزوال.
 وختاما أيتها الجماهير العربية المغلوبة على أمرها مؤقتا اصبري وصابري وجاهدي ورابطي، فما هو إلا صبر ساعة، وتعود كل الخيول، ويعود جيش محمد، وتعود فيالق الرجال العرب متدفقة بنور الله والإسلام الخالد، ومعها وجوه خبرتموها أيام زلزل يقين بعض الرجال، و تشظت الأوطان لهبا وموتا ودمارا، رأيتموها ضاحكة مستبشرة أوقات المشانق والابتلاء، منها وجه الفقير إلى رحمة ربه صدام حسين المجيد، ووجه رائع لعمر المختار، ووجوه مضيئة لرجال عرب آثروا الموت دائما على الذل والقهر والخيانة والتولي يوم الزحف..
ولبغداد العظيمة التي تعرفنا ونعرفها، تحبنا ونحبها، والتي تبكى بصمت شوقا إلينا وترتجف قبورنا حنينا لتحريرها والانتصار لها من بغاث العملاء والخونة والشعوبيين الجدد، أقول اهدئي أيتها الحبيبة والعظيمة واليتيمة... امسحي دموعك حتى لا يراها الغرباء و تحملي وتجملى ف"كل خطب يهون"..
والسلام على من اتبع الهدى
 المهيب الركن صدام حسين المجيد
رئيس جمهورية العراق والقائد الأعلى للقوات المسلحة العراقية
تراب العراق الطاهر/28/3/2012

ليست هناك تعليقات: