بقلم الناصر خشينى - مفكر تونسي
عشية ذكرى احياء الأمة العربية يوم الأرض تنعقد في الواقع قمتان متناقضتان تماما أولاهما رسمية في بغداد والثانية شعبية على حدود فلسطين وهذان القمتان تنعقدان في تاريخ هام ومفصلي بالنسبة للأمة العربية في أواسط العام الثاني للثورة العربية من ناحية الاصطفاف الجماهيري حولها ومحاولة تدجينها والالتفاف عليها من الجانب المقابل حيث الحكام العرب وبطانتهم . ففي بغداد الواقعة تحت ظلال أكبر سفارة في العالم وشركات أمنية أمريكية وبعد غزو شامل عسكري وثقافي وحضاري وقيمي غير كل شيئ في العراق اذ قتل العلماء والقادة التاريخيون وضباط الجيش فضلا عن الملايين من شعبنا هناك بين قتيل وجريح ومهجر وأسير أو أرامل ويتامى وتحكم بالعراق العملاء والانتهازيون ومزورو الشهادات العلمية والمنحطون أخلاقيا والفاسدون واللصوص وكل حثالات المخابرات العالمية اضافة الى من فرضتهم الدولة المجاورة ايران عبر التدخل السافر في شؤون العراق واستباحته عبر الميليشيات الطائفية فهل الحضور الى بغداد لازالة آثار الهجمة الشرسة والعدوان الشامل على شعبنا هناك تاريخا وحضارة وأرضا وشعبا ومقدرات أم لشرعنة ما فعله الاحتلال وأذنابه.
فهل يتجرأ الحكام العرب اذا كانوا غير قادرين على مواجهة اوباما او كلينتون على الوقوف احتجاجا امام السفارة الامريكية او حتى في الحد الادني توجيه برقية احتجاج او حتى التنديد بالغزو وتداعياته الكارثية في بيانهم الختامي ان لم ياتهم جاهزا من واشنطن وعليهم التبصيم عليه في جوقة احتفالية تتسم بالنفاق من أول القدوم الى آخر التشييع فما ضر لو أنفقت تلك الملايين لمسح دموع اليتامى والثكالى وما أكثرهم في وطننا الجريح
هل يتجرأ الحكام العرب على سحب خيارهم الاستراتيجي في مواجهة العدو الصهيوني ما يسمى مبادرة السلام التي رفضها الصهاينة منذ اطلاقها في قمة بيروت عندما جرفوا جنين ونابلس على رؤوس ساكنيهما وحاصروا ياسر عرفات ولا يزالون يعتدون على شعبنا الفلسطيني ويحاصرونه فهل تصدر منهم بادرة تجاه انهاء الحصار وادانة المعتدين وايقافهم عند حدهم بمواقف حازمة تجاههم على الاقل بالمقاطعة
هل يجرأ الحكام العرب على مواجهة ايران نظرا لتدخلها في العراق ومساندة حكامه العملاء لها وللامريكان وكذلك تدخلها في الخليج وسيطرتها على الجزر الاماراتية الثلاثة وهلا تكون لهم القدرة على النطق بكلمة واحدة تجاه منطقة الأحواز العربية والمطالبة على الأقل من الجانب الايراني التفاوض بهذا الشأن
هل بامكان الحكام العرب ادانة الفساد والسرقات الكبرى في بلدانهم وقمع الحريات التي يمارسونها ولكن دعنا من هذا فانه في غير وارد لهم هل يجرأون على الغاء الجوازات والحدود والسماح بالعبور للاشخاص والبضائع للمرور بين البلدان العربية لمزيد التقريب بين الشعوب حتى لا تنفرد الدول الغربية بنا واحدا تلو آخر ومنعا للانقسام الحاصل في دولنا العربية كما حصل ويحصل في العراق وليبيا والسودان وربما هناك دول اخرى مرشحة لتقسيمها
أبدا لن يناقش الحكام الميامين كل هذه النقاط اطلاقا بل لهم أجندتهم التي يتبعونها حيث يتم استيراد كل شيئ متعلق بالقمة من اول السجاد الأحمر الى بيانهم الختامي الذي يأتيهم جاهزا من واشنطن ولذلك نقول عنها انها قمة السقوط الى اسفل سافلين ولا نرجو منها خيرا لهذه الامة وبالتالي نتمنى للحكام العرب على الأقل عودة ميمونة وسالمين بأرواحهم من التفجيرات أو استهداف مقر انعقاد القمة وهو أمر ليس مستحيلا في عراق محتل من جميع الجوانب ويحكمه عملاء ومجرمون وعصابات اجرامية مسلحة موجودة علنا اضافة الى المقاومة العراقية الباسلة والتي اصبحت رقما فاعلا ومؤثرا في الساحة فهل يعترف بها أهل القمة كممثل شرعي ووحيد للشعب العراقي
وفي الجهة الثانية هناك قمة ستعقدها الجماهير العربية زحفا بالملايين في ذكرى يوم الأرض للاحاطة بفلسطين وتوجيه رسالة واضحة للصهاينة اننا هذه المرة ونتيجة لظروف تعاطي حكامنا السلبي مع قضية فلسطين وخياناتهم وغدرهم فاننا نوجه انذارا اليكم ايها الصهاينة أن هذه الأرض لها أصحابها الشرعيون وعائدون اليها طال الزمن أو قصر وانما هي مسألة وقت حتى نرتب بيتنا الداخلي ونزيل هؤلاء المتربعين على عروشنا وقد أزلنا منهم في سنة واحدة أربعا واننا عازمون على ازالة الجميع دون استثناء والحسم أيضا مع كل القوى العميلة والخائنة وكذلك سنحاسب كل الانتهازيين وسناتي اليكم قريبا وذلك ان امكانيات الصراع معكم معطلة بفعل هؤلاء .
هذا هو المشهد كما هو ماثل في حقيقته الموضوعية وكما أراه وتراه كل القوى الخيرة في وطننا العربي أن الحكام العرب جميعا ودون استثناء وتصطف معهم أحزاب السلطة والبعض من الاعلاميين كأبواق دعاية لهم وقلة من رؤوس الأموال وآخرين انتهازيين بشكل أو بآخروعموما يمثلون جزء بسيطا جدا من الامة العربية بينما تقف البقية وهي الجماهير العربية العريضة بمناضليها ومثقفيها وعلمائها وادبائها وشعرائها وأحزابها التي لها برامج حقيقية في التحرر والوحدة والعدالة الاجتماعية بحيث تقف في الصف المواجه لهم الى غاية تحقيق هذه الامة لأهدافها في التحرر والوحدة .
الناصر خشيني نابل تونس
Email Naceur.khechini@gmail.com
Site http://naceur56.maktoobblog.com/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق