27 مارس 2012

القمة العربية القادمة في بغداد.. لا أهلا ولا سهلا


هاشم الهاشمي
جاء تعريف "مفردة "جامعة في المورد: إنها المسالة التي يتم تقسيم أسهمها من غير كثرة على أصحاب الحقوق في مسالة المنافسة الأصلية وما يتفرع منها أو نحوها من مسائل.-انتهى التعريف-, المسالة المعنية هنا في مصطلح الجامعة العربية على ما يبدو هم الشعوب العربية, حيث يتم توزيعهم على أصحاب الحقوق المالكين من الحكام, وهذه المسالة ليست جديدة تماما في التاريخ العربي, فلقد ذكر الرواة أن أهل المدينة (بعد واقعة الحرة التي قتل فيها يزيد عشرة ألاف من المسلمين واستباح المدينة بعدها) وقعوا على صكوك تفيد أنهم خولا(أي عبيدا) لولي الأمر, هذه سنة سنها يزيد وعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى هذه الساعة, حيث نرى أن الجامعة العربية لا زالت تتبع سنة يزيد في تحويل الشعوب العربية إلى أسهم مباحة يقتسمها الحكام فيما بينهم, والسؤال الذي ينتصب أمامنا يتعلق بالطريقة التي يتم وفقها احتساب هذه القسمة, ووزن كل حاكم من المنضوين تحت لواء هذه الجامعة , هل أن كل فرد عربي يمكن اعتباره سهما واحدا, أم أن السهم الواحد يضم ألف مواطن عربي مثلا, وإذا كان الاقتسام عادلا كما هو وارد في مفردة جامعة , فان من البدهي أن دولة مثل ليبيا يجب أن تكون أسهمها اكبر بكثير من أسهم دولة قطر التي تحتل اصغر بقعة في الخارطة العربية, وهنا من حقنا أن نتساءل: كيف استطاعت قطر قليلة الأسهم ان تطيح بدولة ليبيا التي تتفوق عليها إضعافا مضاعفة في الاسهم؟, يبدو أن هناك خللا ما في الحسبة أرجو ان ينتبه له الجميع, وهذا ربما يقودنا للاعتقاد أن الحسبة التي تم اعتمادها جاءت مختلفة , وربما كانت تعتمد على وزن الحاكم محسوبا بالكيلوغرامات,(هذا بالطبع إذا كنا سنفترض حسن النوايا في هذه الحسبة), وهنا تنحل المعضلة ويصبح مفهوما أن أمير قطر المنتفخ باللحم والشحم كان سيتفوق على ألقذافي الأقل وزنا, ولا ادري لم غابت هذه البديهية عنا وأوقعتنا في سوء الظن.
سؤال نوجهه للحكام والساسة العرب عند قدومهم للعراق لعقد قمتهم العتيدة في بغداد, ما هي الأجوبة والتبريرات التي تمتلكونها للإجابة على حيرة الأمهات اللواتي ثكلن بأبنائهن, والزوجات اللواتي ترملن, والأطفال اليتامى وملايين المعاقين, بماذا تجيبون العراقيين بعد أن وضعتم مياهكم وأراضيكم وحدودكم وسماءكم تحت تصرف المحتلين الذين فعلوا ببغداد أكثر مما فعله هولاكو, بماذا ستبررون تعاملكم مع المحتل الأمريكي الذي ألقى ستة ملايين طن من الحديد المتفجر على العراق, وهل تعلمون أن نصف مليون شهيد عراقي قد ارتقى إلى السماء بسبب دعمكم اللامحدود للغزو , هل تعلمون ن تاريخنا قد سرق من المتاحف وان ارثنا الثقافي قد نهب, ما هي التبريرات التي ستقدمونها عندما حاصرتم شعب العراق ثلاثة عشر عاما وبقرار وإجماع من الجامعة العربية في قمتها التي عقدت في القاهرة بعد غزو الكويت, هل صدقتم أنكم كنتم تحاصرون نظام الحكم في العراق طوال فترة الحصار, هل سمعتم أن احد أفراد النظام الحاكم قد هلك من الجوع أو المرض, لقد كانت النخبة الحاكمة تعيش في بذخ أسطوري طوال فترة الحصار, وضاعفت من عدد قصورها إبان فترة الحصار أيضا , ولم تغب لحوم الغزلان المترفة عن موائد الطبقة الحاكمة يوما واحدا, وكان ملايين العراقيين يفتك بهم المرض والجوع عندما كان راتب الموظف بضعة دولارات في الشهر, ولا ادري كيف صدقتم كذبة حصار النظام الحاكم.
واليوم يتم رصد ميزانية تبلغ مئات الملايين من الدولارات لهذه القمة العتيدة, ولأننا بارعون في عمليات القسمة والجمع والطرح فإننا سنبلغكم بالنتيجة التي توصلنا إليها, ان هذه الأموال تستطيع أن تسد رمق جياع العرب لسنة كاملة, أو أنها تستطيع إعادة الأطفال المتسربين من المدارس إلى مقاعدهم, هذه الأموال يمكن أن توفر سكنا لائقا لسكان المقابر(من الأحياء طبعا), ما الذي تنتظرونه من الشعب العراقي يا أصحاب الفخامة والضخامة والسعادة , الشعب العراقي سيكون باستقبالكم ولسان حاله يقول –لا حللتم أهلا ولا وطئتم سهلا.

ليست هناك تعليقات: