عامر عبد المنعم
قرار حكومة الكيان الصهيوني بإخلاء مقر السفارة الإسرائيلية بالقاهرة يلفت الانتباه إلى أن مصر مقبلة على جولة جديدة من صراع الإرادات، وأن عملية انتقال السلطة وتأسيس الحكم الجديد لن تتم في هدوء.
فالتطورات التي شهدتها البلاد منذ ثورة 25 يناير ليست شأنا داخليا يخص المصريين وحدهم، وإنما هناك قوى معادية لا يمكن أن نتغافل عنها، ونقلل من خطرها.
بالتأكيد خروج الصهاينة من مصر وإغلاق سفارتهم مطلب شعبي بامتياز، لكن علينا أن نرصد تحركات العدو وننظر إلى ما وراء كل خطوة حتى لا نفاجأ بتطورات غير محسوبة، تعرقل مسيرتنا من أجل الاستقلال واستكمال مؤسساتنا المنتخبة.
كلما اقتربنا من انتخاب الرئيس الجديد كثرت المؤامرات وزادت الضغوط الداخلية والخارجية. وما رأيناه من فتن قبل انتخابات مجلس الشعب ثم مجلس الشورى سيتكرر كلما اقتربنا من الانتهاء من انتخابات الرئاسة، بل سنرى ما هو أشد. وهذه المرة ستكون التهديدات الخارجية أكبر، لما يمثله منصب الرئيس من أهمية بالنسبة لسياسة مصر الخارجية.
في الفتن السابقة كان الخارج يحرك أتباعه وأذياله، وبفضل الله تم إفشال كل المخططات، وتمت الانتخابات بحماية الشعب المصري الذي خرج بالملايين يحمي تجربته الرائعة، وتم فضح "الطوابير" التي وقفت ضد المسار الانتخابي، وتم الكشف عن الشبكات المرتبطة بالخارج وإبطال تأثيرها، وبلغت قمة التحدي في الهجوم على مقار المنظمات الأجنبية فيما عرف بقضية التمويل الأجنبي. ورغم الإفراج عن الجواسيس الأمريكيين والأجانب فيما بعد، فلا يزال الرعب يسيطر على "البؤر النائمة" ويشل حركتها مؤقتا.
إن انتخاب الرئيس الجديد عبر انتخابات حرة نزيهة يفتح الطريق أمام الاستقلال الحقيقي، ويزيد من صلابة مصر أمام أعدائها، وهذا هو الذي يجعل عملية التغيير تواجه صعوبات وعراقيل وتهديدات خارجية علنية وليست سرية ومبطنة، كما في السابق.
من المنتظر أن نشهد خلال الفترة القادمة الكثير من الأزمات الداخلية والخارجية، وسنواجه سلسلة من الفتن والتحديات التي تقتضي أن نستعد لمواجهتها، بالتكاتف والاتحاد، وليس بالفرقة والتصارع والتنازع.
التحديات التي تواجهنا تحتاج إلى حكمة وروية والإحساس بالمسئولية، وأن نغلب روح التواصل والتسامح والاعتصام بحبل الله، والبحث عن نقاط التلاقي والابتعاد عن موضوعات الخلاف.
على القوى السياسية أن تتنافس بشرف وبروح لا تعرف التعصب، ومن يريد أن ينحاز لمرشح فله ذلك دون أن يحول خلافه السياسي مع غيره إلى صراع وكراهية، ولا يبني على الخلافات السياسية أحكاما شرعية تزيد من الانقسام وتفكيك الصف المسلم.
مصر تحتاج كل أبنائها، فليتنافس الجميع دون أن ينسوا الفضل بينهم ويحتكموا إلى الصندوق الانتخابي ويرتضوا الاختيار الشعبي، ويكونوا يدا واحدة ضد أعدائنا.
مصر محاطة بقطعان من الذئاب التي لا تريد لنا الخير، وهذه الوحوش تعادينا جميعا، تحاصرنا، وتحبسنا وتمنعنا من الخروج من القفص الحديدي، وستظل هذه الضواري تنهش جسد الوطن لتمنعه من أن يسترد عافيته.
لكي تستقل مصر وتنهض، علينا أن نستعد لمواجهة بعض المتاعب، بروح تتسم بالصمود والتفاني، والإيثار، وإنكار الذات، والاتحاد، والتفكير الجماعي وتوحيد الصفوف.
علينا أن نعرف أن عدونا الحقيقي إسرائيل وأمريكا، ومعرفة العدو وتحديده هو البداية الصحيحة لحشد الطاقات في الاتجاه الصحيح.
مصر بمن فيها على موعد مع فتن كقطع الليل المظلم، وتحتاج إلى جيل فريد، يتحمل الأمانة، ويضحي بالمال والنفس من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق