سعد السامرائي
مدخل 1,2 يسعدني ان اقدم لقرائكم لفتة صغيرة لمنظوري حول جانب مهم من ضرورات المرحلة التي يمر بها العراق وامتنا العربية .
منذ اواخر الاربعينيات شهدت الساحة العراقية والعربية نمو وتطور الاحزاب والتيارات الفكرية في محاولات العودة للاصل و انتهج البعض من الاخرين اسلوب التخلص من القيود السابقة والاتجاه الى تجربة افكار دخيلة على الامة العربية مثل الشيوعية و الراسمالية والطائفية والعنصرية والولاء لغير العرب وغيرها تمثلت في بعض الاحزاب التي سمت نفسها بانها احزاب دينية وكأن الدين اصبح حزبا يسعى لكسب اعضاء له لا ايمان و عقيدة ومفهوم واتباع .. وبين من يدعوا للتذكير بمجدنا االتليد غير متناسين بيت الشعر الذي يقول :
إِنَّ الفَتى مَن يُقولُ ها أَنا ذا --- لَيسَ الفَتى مَن يُقولُ كانَ أَبي
الاسلام كان ولا يزال الرسالة السماوية الخالدة التي لا تتغير لكن يميزها انها تتطور وانها صالحة لكل زمان كونها صادرة من الخالق عز وجل , فكيف نعود وكيف نستلهم القيم ذلك هو محور حديثي هنا ومحور اختلاف الكثيرين . لكن محاولة تأطير الاسلام بافكار غريبة عليه هي التي تجعله غير مقبولا , تفرغه من محتواه ولا تعطيه حجمه الاصيل , لنرى علاقة حزب البعث والاسلام أولا .
الاختيار :
نشأت فكرة البعث في خضم توافرات وتصارعات فكرية في وقت تسارع الاحداث التي صاحبها التطور العلمي والحضاري السريع وما صاحبه من استمرار المستعمرين وتغيير جلدهم وجنسياتهم وبوادر ظهور مستعمرين جدد يسعون لاعادة مجد مستعمراتهم السابقة وكأن العالم خلق كي نتصارع انا وانت ونتحالف مع هذا وذاك نعطي ولائنا المطلق لذاك ونحتقر الاخر ,, في خضم هذه النزعات الفكرية والصراعات العقائدية التي توالدت نتيجة ما اوجدته تطورات النقل الفكري الحديث السريع نسى البعض او تناسا من هو وما يكون وما هي جذوره التي يمكن ان تمده بالقوة نحو الانطلاق لبناء مستقبل باهر وجميل .
لذلك وجد حزب البعث نفسه في ما اعتقده الطريق الصحيح للعودة للذات العربية كوننا عرب كان لنا مجدا تليدا تحسدنا عليه بقية الامم بما نحمل من معاني انسانية وحضارية كبيرة نستمدها من ديننا الحنيف ذو التناسق الفريد في الصلة بين الروح والنفس التي يمتزج فيها العربي بدينه الاسلامي الى العلو في مكانته بين الامم والشعوب .. فعلى ماذا اختار ولماذا ؟
كانت الفكرة الاساساية لنشأة الحزب قد تبلورت على انه حزبا عربيا يسعى الى توحيد الامة العربية وهذه هي الرسالة الاولى لمدخل كل شي قابل للتطور والانتقال فاليد الواحدة لا تصفق ولو صفقت لكانت نشاز .. ( من كتاب في سبيل البعث) نقتطع هذه الجمل : التقدمية سبيل اتصالنا بماضينا - تفهم التراث بالفكر الثوري والمعاناة النضالية - التراث يعطي الامة شعورا بوحدتها وطموحها الى تجديد رسالتها . هذا كان الاختيار الاول وهذا اذن ما يمثلنا نحن العرب لاننا نملك مقومات الدفع الحضاري الثوري لاعادة تكويننا من جديد بعد المرحلة الظلامية التي سادت علينا نتيجة ابتعادنا عن معتقداتنا ومبادئنا وما يجمعنا كعرب بالتناسق مع سيطرة التخلف وخنوعنا للمستعمرين مبهورين بما قد نما لديهم من تطور علمي .ولما كنا نملك تلك المقومات التي تقوم على مقومات المحبة والسلام وجد الحزب العرب بانهم عرب مسلمون او مؤمنون ينتمون الى ديانات سماوية اخرى لان الامة العربية فيها من الاقليات الدينية والمذهبية وهم اخوتنا في الوطن والدم والمصير فلم ينحاز لغير العرب وتراثنا حاضر ولم يختار ما يفرقنا او يشتت من قوتنا , ولم يعطي ولائنا لغير العرب ؟؟ فبماذاهم يمتازون خيرا عنا ؟ !!
في اجابة للرفيق عفلق عن هذا السؤال :
● ما هو رأي الرفيق القائد المؤسس بما يجري من تسعير لحملة العداء والحقد العنصري على العروبة؟ وضد العراق؟ وما هي حقيقة نظرة الحزب منذ التأسيس للدين ؟
هناك صلة قوية. إن فترة التأسيس فيها ما يتصل بالظرف الحاضر والأزمة الراهنة التي نواجهها، وفي شعوري إن فترة التأسيس تحوي كل شيء. إنها ثرة وغنية، وقد لا تكون عبرت عن نفسها التعبير الكافي، لكن أكثر الأفكار التي جاء بها الحزب على امتداد مسيرته الطويلة، كانت متضمنة في الفكرة الأساسية.
ما أود الإشارة إليه هنا هو التالي: حركة البعث ولدت من نظرة فكرية لنسمها فكرية حتى لا نقول فلسفية على أساس أن فلسفية كلمة ضخمة، أقول من نظرة فكرية ممتزجة بمعاناة وجدانية أرادت ان تجمع شيئين أساسيين هما : الإيمان والعقلانية. التجربة الروحية في حياة العرب، أي الإسلام، وروح العصر هذان هما الإيمان والعقلانية، ووراء هذه الإرادة قناعة بأننا لا نجمع نقيضين، ولا حتى شيئين مختلفين وانما شيئا واحدا يأخذ مظهرين حسب اختلاف الزمان.
ونظرة الحزب إلى الإسلام، كيف كانت منذ البداية ؟
نظرة الحزب إلى الإسلام هي هذه: انه حي في هذا العصر أكثر من أي شيء آخر، عصري، ومستقبلي أيضا، لأنه خالد يعبر عن حقائق أساسية خالدة، لكن المهم هو الاتصال بهذه الحقائق لكي تؤثر وتكون فاعلة ومبدعة. فكان رأي الحزب نتيجة التفكير ونتيجة المعاناة معا، ان هذا الاتصال لا يكون بالنقل الحرفي، ولا بالتقليد وإنما بان تكتشف هذه الحقائق من جديد، من خلال ثقافة العصر ومن خلال الثورة والنضال.
اذن شخص الرفيق المؤسس على وجوب الابتعاد عن انتقاء فئة معينة طائفية كانت ام عنصرية قوية ام ضعيفة ووجد في اعادة تكوين الامة الطريق الامثل والاقوم لبناء مجتمع حضاري قوي ينهل من تراثه الاسلامي الصحيح مبتعدا عما يكون سببا لهدم وتفريق هذا التجمع اذا ما انحاز لفئة معينة او مثلها وانما مثل كل العرب بماوجد لديهم من حاضر متخلف ومختلف سيسعى لتصحيحه في مرور الزمن من خلال حلقات الحوار البناء , وليس من خلال تكفير الاخرين وتقتيلهم !..
كما قال ( نحن أمام حقيقة راهنة هي الانقطاع بل التناقض بين ماضينا المجيد وحاضرنا المعيب. كانت الشخصية العربية كلا موحدا، لا فرق بين روحها وفكرها، بين عملها وقولها، بين أخلاقها الخاصة وأخلاقها العامة، وكانت الحياة العربية تامة، ريانة، مترعة يتضافر فيها الفكر والروح والعمل وكل الغرائز القوية، أما نحن، فلا نعرف غير الشخصية المنقسمة المجزأة، ولا نعرف إلا حياة فقيرة جزئية، إذا أهلها العقل فان الروح تجفوها، وان داخلتها العاطفة فالفكر ينبو عنها: إما فكرية جديبة، أو عملية هوجاء، فهي أبدا محرومة من بعض القوى الجوهرية، وقد آن لنا أن نزيل هذا التناقض فنعيد للشخصية العربية وحدتها، وللحياة العربية تمامها ).
فحدد هنا مؤسس البعث ماهية حاضرنا المعيب وهوفرقتنا وتشتتنا وانقساماتنا فهل كان سيختار ان يكون اعضائه من المسيحيين فقط ام المسلمين فقط ام من الشيعة فقط ام انهم من السنة فقط ؟ واذا اختارا لمسيحيين فانهم لا يصلوا ربما الى 10% من نفوس العرب . او اذا اختار الشيعة فان نسبتهم بين العرب اقل من نسبة السنة بكثير وبذلك فاننا سنعطل الزخم الاكبر منهم اما اذا اختار السنة وهو الاكثرية فأي مذهب سيختار منهم ولماذا نترك بقية المكونات الاخرى و لاننا لو عملنا ذلك فاننا سنعمد على ان نفسح المجال لان تنخر فينا وتتوالد وتتكاثر فايروسات وبكتريا النفوس الكريهة من جهلة الامة كما حدث ويحدث الان ( أي الصراع الطائفي) .. اذن كان الاختيار الصائب وهو اشتراك جميع الاطياف والمسميات وصهرها في بودقة واحدة تتمثل في وعاء الامة العربية فسيفسائها المتعدد للوصول الى مكمن قوتها في التوحيد ثم فتح مجال الحوار الهادف والبناء لازالة وذوبان كل الاختلافات التي تفرق الامة وتجعلها ضعيفة او تشتت ولائاتها بين هذا وذاك عوضا عن التناحر والتقاتل الداخلي فيما بين جميع الاطياف المختلفة فيسهل كسر العصى اذا ما تفرقت ضمتها . لذلك نأى حزب البعث بنفسه عن الطائفية والعنصرية ورفضها وعن أي تكتل اخر حتى وان كان صحيحا بنظره حفاظا على روح الامة ومشاركة الجميع في بناء الوطن وهذا ما اثبته الزمن لنا الان .
الا ان اعداء الامة كانوا قد شعروا بهذا الخطر الكبير فعملوا مجتمعين ومتفرقين على الاساءة للحزب فاخرجوه من محتواه الفذ الصحيح وادخلوه في معارك جانبية حادته عن مخطط طريقه المختار فتوالدت الاخطاء وتعددت النتائج السلبية بسبب التدخلات الخارجية التي شارك بها عدد غير قليل من ابناء العراق والوطن العربي غير منتبهين لما يخطط له اعداء الامة العربية ولما ستؤول اليه هذه الصراعات الجانبية من مشاكل قسمت بين الشعب العربي العراقي الواحد و نمت نوع الكراهية الغريب المستورد من خارج الحدود . لا اقول ان مسيرة الحزب كانت ناصعة ولا انها خلت من الاخطاء ( من لا يعمل لا يخطأ )ولكن اقول ان المسبب الاول والاخير لهذا الاخفاق المؤقت في تحقيق الاهداف سببه تالب الاعداء وجهل البعض واندفاع البعض الاخر للتحزب الطائفي العنصري المحدد بجماعة معينة صغيرة لا تمثل كل مكونات الشعب العراقي ولما كانت المعركة معركة مصير ووجود فانها ولا شك صاحبتها اسالة دماء بريئة لم يكن من ذنبها الا انها تواجدت في موقع وزمن خطأ ذلك ان النار تأكل الاخضر واليابس كما يقول المثل .
لننظر بصدق الى أين اخذنا الجميع الان ,.. ببلدنا العراق والى أين اّلت اليه امور الشعب العراقي وكيف نعيش وكيف نتعاون ونعمل سنجد المستقبل امامنا ظلاميا يلوح بماّسي جديدة واختلافات لن تنتهي وانانية مقيتة .. ومن يعيش معنا في عراقنا المجيد ادرى من قولي او يفهم ما اقول جيدا..
لذلك فاقول ان الشعب العراقي بحاجة لان ينظم من جديد لحزب البعث العربي الاشتراكي ويترك احزابهم الفئوية والعنصرية والطائفية ويسعى لتكوين جبهة حقيقية ضمن الشروط المقبولة تنقذ العراق والعراقيين من مخلفات تأثيرات الاحتلال الامريكي الايراني وأي تأثير لأي دولة من دول الجوار .
تفكير صغير واتخاذ قرار ليس قليلا بحق بلدنا . وللبقية تتمة
وتقبلوا الاحترام .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق