بقلم : على القماش
كثيرا ممن تحدثوا او علقوا على خبر وفاة الفنان سعيد صالح ما بين الدعاء بالرحمه لأنه اسعدهم واضحكهم ، وبعضهم تأسف على حياة الفنانين وقد لا يتنبه كثيرين ان لبعض الفنانين جوانب اخرى بخلاف ما لدى الجمهور من انطباعات سواء الاضحاك الكوميدى ، او ما هو مشهور عن عالم الفنانين من لهو وترف
عرفت سعيد صالح من قهوة حمودة بمنطقة كامب شيزار بالاسكندرية ، ورغم انها مقهى فى شارع جانبى الا انها تجذب وتجمع اكبر عدد من الفنانين والصحفيين حتى كنا نطلق عليها نقابة الصحفيين الرئيسية بالاسكندرية ، ومن اشهر روادها من الفنانين كان سعيد صالح ويونس شلبى رحمهما الله ، ومظهر ابو النجا ، وعدد كبير من فرقة نجم ، ومن الفرق المسرحية التى تعرض مسرحيات فى الصيف بالاسكندرية او يقوموا بتصوير افلام ، اما الصحفيين فجلس عليها العشرات بشكل دائم بل يرسلون اعمالهم للصحف من على المقهى !
وكأى صحفى يبحث فيمن يجلس معه عن جانب يهمه ،فقد تنبهت الى ولع سعيد صالح بالاغانى الوطنية بداية من سيد درويش ، فهو يحفظها وغيرها عن ظهر قلب ، ويدندنها ويلحنها على العود فى جلساته الخاصة
وكان سعيد صالح قريبا جدا من صديقنا العزيز عامر عيد نقيب الصحفيين بالاسكندرية الاسبق ، وعرض سعيد صالح وعامر عيد ان نستضيف فى نقابة الصحفيين عدد من الشعراء الوطنيين ، حيث كنت اشغل وكيل اللجنة الثقافية بالنقابة ،وكان رئيس اللجنة الزميل حمدين صباحى ، وكان وقتها مشغولا بحملة تحسب له ضد قانون المالك والمستأجر فى الاراضى الزراعية ،وقد تم اعتقاله ، وبعدها تولى الموقع الزميل رفعت رشاد والذى اصبح رئيسا لتحرير اخر ساعة
واذكر اننى اختلفت معهما – اى سعيد وعامر - حيث تحفظت على صلاح حجاب بعد هبوطه باغنية " أخترناك " وكنت اراها انها قمة النفاق الرخيص لمبارك فى كلمات عن ما منحه من حريات ! ، كما لا ارتاح الى الابنودى واراه " مغنواتى " السلطان ، أما احمد فؤاد نجم فرغم ان النقابة استضافته كثيرا خاصة مع قربه الشديد من الزميل صلاح عيسى والذى شغل عضو مجلس النقابة مرات عديدة ، الا اننى كنت اخشى مجيئه باسم لجنة اشارك فيها ، بسبب لسانه الزالف والفاظه الخارجه فى وقت يحضر كثير من زوجات وابناء الصحفيين وكثير منهم من اسر محافظة او لا تقبل مثل هذه الالفاظ
وعرضت على سعيد صالح الحضور بنفسه على فترات ليؤدى هذه الاشعار الوطنية بصوته ، فقد سمعت له ، ورغم انه ليس مطربا فى الاساس ، وبصوته " بحه " معروفة ، الا ان صوته وطبقاته اثناء الاداء عندما تسمعه تجعلك تشعر بانك امام مطرب اصيل ، ولعل السبب الاساسى فى هذا الشعور انه كان يؤدى ما يقوله بحب واخلاص فينطق من القلب ، فيأسر من يسمعه ، وكان من العجيب انه يكتب بعض الاشعار الوطنية
الا انه رفض الحضور للنقابة دون ذكر سبب ، وبعدها علمت من الزميل عامر عيد ان السبب يرجع الى تربص الامن به اذ تناول السياسة فى مكان مثل نقابة الصحفيين ، ورغم ان سعيد صالح لم يكن معارضا بشكل جذرى بل كان محبا لمبارك ومعارضا لبعض الامور الا ان الأمن كان لا يطيق اية معارضة ، وكلنا يتذكر القضية التى حبس سعيد صالح بسببها بعد مسرحية " كعبلون " فالأمن يتربص بالمشاهير من الفنانين ولاعبى الكره ، ويمسك عليهم بعض الاشياء ويدخرها حسب الموقف ما بين عمل محضر باحكام يعجز عنه اى محامى بارع من انقاذ موكله حتى لو كان بريئا ، ومحضر " تسالى " لا يجد القاضى امامه سوى الحكم بالبراءة حتى لو كان فى مرتكبه فى الواقع مدانا ، مثلما حدث لفنان صغير تم القبض عليه فى شرم الشيخ ، الا انه من الواضح ان الامن رأى فيه ان المذكور مع النظام اكثر من النظام نفسه ، وايضا كثير منا يرى ان سبب اعتزال اللاعب الفذ ابو تريكه هو لتصفيات حسابات سياسية حتى لو كان ناديه كبير والمنتخب القومى فى حاجة ماسه اليه ، وهو ما حدث ايضا مع عبد الظاهر وقد يكون مع اخرين ، فتعليمات الأمن للرياضين والفنانين الابتعاد عن السياسة ، وكلنا يذكر ما حدث من انتقام وتشنيع بالفنان عبد العزيز مخيون
وقد لا يعرف الجمهور انه بعيدا عن الفن ايضا كان سعيد صالح ويونس شلبى - رحمهما الله - فى السنوات الاخيرة يؤدون الحج ويكررون العمرة ، وان كنت ارى انه لاحديث عن علاقة العبد وربه ، ولانزكى على الله احدا ، لكن من باب انها تطيب الدعاء بالرحمة
أما الأعجب والأطرف ان سعيد صالح فى سنواته الاخيرة كان يقيم " حضره " فى شقته خلف مسجد مصطفى محمود ، وكان يذبح عجول لتوزيعها على الفقراء
رحم الله سعيد صالح فمن الآطيب الدعاء بالرحمة والمغفرة ، فهو فى دار الحق وبين يدى أرحم الراحمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق