اعتادتْ العربُ جاهليةً وإسلامًا الإفراطَ فى ذكرِ آبائِهم وأجدادِهم تباهيًا وتفاخرًا بالأنسابِ بينهم ، ولم يُنكر الإسلامُ هذا عليهم بل دعاهم إلى ذِكر الله كذكرِهِم آباءَهم أو أشدَّ ذِكرًا ، وقد وردت تلك الدعوةُ فى قولِه تعالى فى الآية المائتينِ مِنْ سورةِ البقرةِ " فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ...." .
ويُؤثَرُ عن العربِ أنَّ كلَّ قبيلةٍ يحفظُ أهلُها عن ظهرِ قلبٍ بُطونَها وفَصَائِلَها وفى أىِّ أرضٍ حلُّوا وإلى أىِّ أرضٍ ظَعَنُوا ، ولا يُعرَفُ عنهم اختلاجُ الأنسابِ وشيوعُها والإختلافُ فى إسنادِها ؛ لما جُبِلُوا عليه من فَراسَةٍ مكَّنتهم من الإلمامِ بتلابيبِ علمٍ يُسمَّى بالقِيافة ، يستطيع العربىُّ بواسطتِه أن يَعرِفَ بنى جلدِتِه من خلال تّفرُّسِه ملامحِ الوجهِ والجسدِ مُتَقَصَّيًا ما يُميِّزُ القبيلةَ عن غيرِها من الصِّفاتِ التى تنفرِدُ بِها وحدَها ، وهذا العلمُ مُعتَبَرٌ شرعًا فى إثباتِ النسبِ ومعمولٌ بهِ فى الكثيرِ من القوانينِ الوضعيةِ كقانونِ الأحوال الشخصيَّةِ المصرىِّ , كما أنَّ العربىَّ يُحصى أجدادَه إلى الجدِّ الأربعين كلٌّ بما اشتُهر بهِ من المكارمِ والفضائلِ بين العربِ ، ويُحصِى - أيضًا – أبناءَ عمُومَتِهِ وأبناءَ خُؤولتِه ، مما يجعلُ اللَّعبَ فى الأنسابِ وتزويرَها أمرًا مُستحيلًا ؛ لأنَّ مَنْ يدَّعى كاذِبًا نَسَبَه إلى بطنٍ من بُطونِ العربِ يلفِظهُ مَنْ يَنْسِبُ نفسهُ إليهِم كما يلفظُ الناسَ الكلابَ الضالةَ ، فلا يجرؤُ أحدٌ على التطفُّلِ بادعاءِ نسبٍ كاذبٍ مخافةَ مغبَّةِ انكشافِ كذبِه وافتضاحِ أمرِه ، فيطالبُه الناسُ بإثباتِ نسبهِ وهويَّتِه وإلا احتُقرَ وأهين .
إن إحجامَ آلِ سعودٍ وآلِ الشيخِ أى الشيخ محمد بنِ عبد الوهاب عن الإفصاحِ رسميًّا عن حقيقةِ نَسَبِ كلٍّ منهما ، وسكوتَهما - على غير المألوفِ فى بلادِ العربِ - عن تبيانِ إلى أىِّ قبيلةٍ أو بطنٍ مِنْ بطُون العربِ ينتسبون ، تاركينَ النَّسَّابِينَ المأجورينَ أوالمُتَطَوِّعِينَ الطامعينَ يتكهَّنونَ بحقيقةِ نَسَبِهما ، أوقعَ الخلافَ بينَ المأجورينَ والمُتَطّوِّعَينَ فمنهم مَنْ ينسبُ آل سعودٍ إلى عدنانَ ومنهم من ينسبُهم إلى قحطانَ ، الأكثر من ذلك أننا نجدُ من ينسبُهم إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم ، ونسبَهم البعضُ إلى ربيعةَ وقيبلةِ عنزةَ وعشيرةِ المساليخِ ، ومنهم من جمع آلَ سعودٍ وآلَ الشيخِ فى نسبٍ واحدٍ ، ولعلَّهما علمَا مغبةَ حملِ نسبيهما على مُعيَّنٍ - قطعًا للخلافِ ودرءًا للشبهةِ وحسمًا لما تفرقَ القومُ قى شأنهِ - مِنْ إنكارِ مَنْ يَحملونَ نسبَيهما عليهم وافتضاحِ كذبَيْهما ومُطالبةِ العربِ لهما بتحديد حقيقةِ هويَّاتِهما ، فضلًا عن أنَّ ما يقولُه النسابُونَ لايُحمَل إليهما تبعتُه ، ولا تَعبَأُ العربُ به ؛ لصدوره عن فضولىٍّ غيرِ أصيلٍ ، فيكونُ سكوتُهما فى ذلك الصددِ أولى منَ الحديثِ .
ويذكرُ الأستاذُ ناصر السعيد فى كتابِهِ " تاريخُ آل سعودٍ " الذى دفعَ حياتَه ثمنًا له أن آلَ سعودٍ ينحدرونَ من رجلٍ من يهودِ بنى قَينُقاعٍ يُسمَّى موردخاى إبراهيم ابن موشى جاء مِنَ العراقِ عام 851 هجريَا صُخبَةَ بعضِ تجارِ عشيرةِ المَسَاليخِ من قبيلةِ عنزةَ بعد أن أوهمَهم أنه ابن عمِّهم وأنه فرَّ مع والده لخلافٍ نشبَ بينَه وبين أبناءِ قبيلتِه قبيلةِ عنزةَ بسببِ قتلهِ أحد أبنائِها ، وأنه اضطُر لتغيير اسمهِ على ذلك النحوِ خوفًا من تتبعِ ذوى القتيلِ بالثأرِ منهما ، واصطحبَ ذلك اليهودىُّ ابنه " ماك رن " الذى أصبح فيما بعدُ على لسانِ العربِ " مُقرن " ، ومقرِن هذا هو جدُّ سعودٍ الذى يُنسَبُ إليه آلُ سعود .
كما يُذكَرُ أنَّ آل الشيخِ ينحدرونَ أيضًا مَنْ أسرةٍ يهوديَّةٍ من اليهودِ الدونمةِ فى مدينةِ بورصة بتركيا اندست فى الإسلامِ بقصدِ الإساءةِ إليه وهربًا من ملاحقةِ بعض سلاطينِ البلاطِ العثمانىِّ ، كان جدُّهم الأكبرُ تاجرَ بطيخٍ يسمى شولمان قرقوزى ، وكلمة قرقوزى بالتركية تعنى بطِّيخًا ، استقرَّ بهِ المُقامُ فى منطقةٍ تُسَمَّى العينيةَ بنجدٍ حيث عُرِفَ باسم سليمان ، وادعى هناك أنه من ربيعةَ وأن والده سافر به صغيرًا إلى المغربِ العربىِّ ، وانجب فى العينيةِ ولدًا أسماه عبدَ الوهابِ هو والد الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذى يُنسَبُ إليه آلُ الشيخِ .
بدأت الكارثةُ بالحِلفِ الذى أبرمَه محمد بن عبد الوهاب بن شولمان قرقوزى مع محمد بن سعود ابن محمد بن مقرن موردخاى إبراهيم موشى على أنْ يقتسِما السُّلطةَ فى جزيرةِ العربِ فيكونُ للأولِ ولذرِّيَّتِه من بعدِه السلطةُ الدينيةُ فيها ويكون للأخيرِ السلطةُ الزمنيةُ ، وبدأ الحليفانِ سلسلةً مَنَ الأعمالِ الوحشيةِ التى لا تقلُّ فظاعةً عما ارتكبَه أبناءُ عمومتِهما مِنَ الصهاينةِ فى صبرا وشاتيلا للسيطرةِ على مقاليدِ الحكمِ في أرضِ العربِ ، وقد أسفرَ ذلك الحلفُ الدموىُّ عن قيامِ الدولةِ السغوديَّةِ الأولى( 1157 ـ 1233هـ / 1744 ـ 1818م ) والتى استمرت حتى دخلَ الجيشُ المصرىُّ بقيادةِ إبراهيم باشا نجلِ محمد على والى مصرَ الدرعيةَ عاصمةَ السعوديينَ بأمرٍ من السلطانِ العثمانىِّ خليفةِ المسلمينَ - آنذاك - ودكَّها دكًّا ، وسيقَ عبد الله بن سعود الذى تقلَّدَ الحكمَ بعد وفاةِ والدِه سعودٍ الأول بن عبد العزيز بن محمد بن سعود على أثرِ الإسهالِ و حُمَّى الخوفِ التى انتابته مِنَ الجيشِ المصرىِّ قبلَ وصولِه الدرعيةَ وهى ذاتُ الأعراضِ التى ماتَ بها جدُّه محمد بن سعود حينما حاصرَه أهالي نجرانَ في الدرعيةِ عام ( 1178 هـ 1765 م ) ، يبدوا أن ذلك المرضَ وراثيٌّ فى تلك العائلةِ - سيقَ آخرُ حكامِ الدولةِ السعوديَّةِ الأولى إلى القاهرةِ مُكبَّلًا حيثُ حُملَ إلى اسطنبول وذُبِحَ هناكَ وقُطِعتْ رأسُه ووُضِعَتْ فى مِدفعٍ جزاءَ ما اقترفَ فى حقِّ الإسلامِ والمسلمينَ .
وفى عامِ ( 1252هـ/ 1836م ) وجه محمد على حملةً جديدةً للقضاءِ على فلولِ ألِ سعودٍ الذين عادوا لتأسيسِ الدولةِ السُّعوديَّةِ الثانيةِ ( 1240 ـ 1309هـ / 1824 ـ 1891م ) بقيادةِ إسماعيل بك انتهت بهزيمةِ السعوديينَ ودخولِ عاصمتِهم الحديدةِ الرياض وأسرِ أميرِهم فيصل بن تركى الذى فرَّ هاربًا إلى الجنوبِ بعد ملاحقتهِ وهزيمتِه على أيدى الجيشِ المصرىِّ هناك ، و فى عام ( 1259هـ / 1843م ) تمكن فيصلُ مِن الهربِ من سجونِ مصرَ عائدًا ليحكم من جديدٍ ، واستمرت الدولةُ السعوديَّةُ الثانيةُ مترنِّحةً حتى اكتمل سقوطُها في صفر عام ( 1309هـ / سبتمبر عام 1891م ) على يد محمد العبد الله الرشيد حاكمِ حائل - آنذاك - بعد هزيمةِ عبدُ الرحمن بن فيصل بن تركي بن عبد الرحمن بن محمد بن سعود فى موقعتى المليداء وحريملاء ، ففرَّ عبدُ الرحمن إلى قطر ثم استأذنَ السلطانَ العثمانىَّ فى الإقامةِ بالكويت فأذنَ له ، وفى شهرِ شوال عام 1319هـ الموافق الخامس عشر من شهر يناير 1902م حتى عاد نجله عبد العزيز من المنفى فى شهر شوال عام 1319هـ الموافق الخامس عشر من شهر يناير 1902م ليؤسسَ الدولةَ السعوديَّةَ الثالثةَ بمعاونةٍ وتخطيطٍ من التاج البريطانى شريطةَ ألا يُبرِمَ أمرًا دونَ الرجوعِ للحكومةِ البريطانيةِ ، وهو ما أظهرته الوثائقُ البريطانيةُ - فيما بعد - وقد استمرَّ أبناءُ عبد العزيز آل سعود أو إن شئتَ قُلْ آل يهود على نهج أبيهِم إلى يومِنا هذا ، وسوف أتناولُ ما وردَ إجمالًا بذلك المقالِ بشيئٍ مِنَ التفصيلِ فى مفالاتٍ أخرى تتحدثُ عن الصهاينةِ العرب .
لقد كتبَ شاعرٌ عربىٌ مَحلىٌّ يُسمَّى حميدان الشويعر أن آلَ سعودٍ وآلَ الشيخِ ينتسبانِ إلى اليهودِ - كما أسلفنا - فى قصيدةٍ قُتلَ بسببِها ، تناقلتها العربُ فى بوادِيها ، واعترفَ الملكُ فيصل بن عبدِ العزيز بيهوديةِ أصلِه لصحيفة واشنطن بوست في (17) سبتمبر (1969 م) حينما قال : " إنَّ قرابةَ آلِ سعودٍ لليهودِ هي قرابةٌ ساميةٌ !.. "
بَقِىَ أنْ أقولَ لكم إن أرضَ العربِ بما فيها مَنْ مُقدَّساتٍ وبِمَنْ فيها من مسلِمينَ قد أصبحت أرضًا يهوديَّةً أو سعوديَّةً ، فَمَنْ سُعودُ هذا الذى أصبح بيتُ الله الحرام قبلةُ المسلمين وقبرُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم يُنسَبَانِ إليهِ ؟ الحجازُ ليس سُعوديًّا بل إسلاميًّا ، لايُنسَبُ لأحدٍ ، بل يَنْتَسِبُ الناسُ وتَنتَسِبُ الأماكنُ إليه ، وكما ذكرَ ناصر السعيد فى كتابِه " تاريخُ آلِ سعودٍ " عن سببِ تسميةِ أوَّلِ عاصمةٍ للسعوديينَ بالدِّرْعِيَةِ - أنَّ جدَّهم الأكبر موردخاى بن إبراهيم موشى أطلقَهُ نِسْبَةً إلى دِرعٍ بِيعَ ليهودِ قينقاع ادعى بائُعُه كَذبًا أنه درعُ الرسولِ صلى الله عليه وسلم فى غزوةِ أُحدٍ التى ظاهروا فيها عليه وانهزمَ المسلمونَ بعد تخلِّى الرماةُ عن مواقعِهم طلبًا للغنائمِ ، فإنه لا شكَّ أنَّ اختيارَهم اسمَ سعودٍ قُصدَ فى ذاتِه لقُربِ لفظِه من لفظِ يهود .
إنَّ حماقةَ آلِ سعودٍ وتجرأَهم على الشأنِ الداخلى فى مصر بمُظاهرَتِهم العسكر فى انقلابِهم ضدَّ الشرعيةِ ومُساعدتِهم على قتلِ الأبرياءِ فى مصرَ وفى غزةَ سيكون ثمنُه عرشَ آلِ سعودٍ ، إنَّ الماردَ الغاضبَ الذى سيخرجُ من بلادِ المسلِمينَ لن يقفَ قى وجهِه حلفاؤُهم فى إسرائيلَ والغرب ، الغاضبُ - هذه المرة - ليس المسلمينَ فحسب ، إنهُ الإسلامُ ، إنَّ التاريخَ سيُكرِّرُ نفسَهُ ، وإنْ شاءَ الله سيُسُاق مَنْ يبقَى على قيدِ الحياةِ مِنْ أبناءِ سعودٍ وعلى رأسِهم عبدُ الله إلى القاهرةِ فى القيودِ مُكبَّلين ، كما جئنا بأجدادِهم سنأتى بِهم ليُحَاسَبُوا بشرعِ اللهِ ، كما أذلّهمُ المصريونَ بقوةِ الحقِّ مرّتينِ ستكونُ الثالثةُ والأخيرةُ قريبةً بإذت الله ، وإنِّى والله لأعلمُ مِنَ اللهِ ما لا يعلمون ، فيا أيها المُسلمونَ الطريقُ إلى القدسِ يبدأُ مِنْ مَكةَ والحِجاز ، حرروا مكةَ والمدينةَ من اليهودِ أولَا ، هزيمةُ إسرائيلَ لن تأتىَ إلا بعدَ هزيمةِ الصهاينةِ العربْ
* رئيسُ محكمةِ المنصورةِ الإبتدائيةِ عضوُ المكتبِ التنفيذىِّ لحركةِ قضاة من أجلِ مصرَ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق