عبد الحافظ الصاوي-القاهرة - الجزيرة نت
شهدت العقود الخمسة الماضية علاقات متميزة على الصعيد الاقتصادي بين مصر وليبيا، وإن تخللتها بعض الضبابية في أوقات قصيرة لأسباب سياسية.
ومع نجاح الثورة في البلدين كان المتوقع أن يزيد حجم العلاقات الاقتصادية بأشكالها المتعددة، من وجود الأيدي العاملة المصرية بالأسواق الليبية وكذلك الصادرات المصرية، وحصول شركات المقاولات المصرية على حصة كبيرة من مشاريع إعادة الإعمار.
غير أن البيانات المنشورة على موقع وزارة التجارة والصناعة المصرية تظهر عكس ذلك، حيث تراجعت الصادرات المصرية مع نهاية عام 2011 بنحو 52% عما كانت عليه عام 2010.
والجدير بالذكر أن الصادرات المصرية عام 2010 كانت في حدود 1.2 مليار دولار، وبلغت الواردات المصرية من ليبيا 360 مليون دولار.
تحديات
وصرح وكيل اتحاد الغرف التجارية المصرية محمد المصري، للجزيرة نت، بأن الصادرات المصرية سوف تواجه تحديات كبيرة في الأسواق الليبية خلال المرحلة المقبلة، بسبب انفتاح السوق الليبية بعد الثورة على المنتجات الأوروبية والصينية، وبالتالي سيكون تحدي السعر والجودة هو الفيصل أمام المستهلك الليبي.
غير أن المصري يطالب بدور للإعلام لإقناع المستهلك الليبي والعربي عمومًا بأن المنتج الأوروبي ليس بالضرورة الأفضل دائمًا. وبين المصري بألا يتم قصر الصادرات المصرية إلى ليبيا في الجانب السلعي فقط فهناك جانب الصادرات الخدمية والتي يأتي على رأسها التدريب والتأهيل، وهي مجال مفتوح للخبرات المصرية، وتمثل مطلبا مهما للجانب الليبي.
وتوقع المصري عودة الصادرات المصرية إلى طبيعتها لليبيا بعد الاستقرار السياسي والأمني بمصر، وبخاصة في ظل وجود خدمات النقل البري الميسرة بين البلدين.
وأشار المصري إلى مزاحمة الأتراك لقطاع المقاولات المصري في السوق الليبي بعد الثورة حيث حصل الأتراك على عقود كبيرة في مشروع إعادة الإعمار، بينما مصر شُغلت بحالة عدم الاستقرار السياسي والأمني الداخلي. ولكن يمكن من وجهة نظر المصري أن تتم مشاركات مع الجانب التركي لكي يساهم قطاع المقاولات المصري في تنفيذ مشروعات الإعمار بليبيا.
العودة
من جانبه أشار رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس الشعب المصري صابر أبو الفتوح، إلى أن السوق الليبية كانت تستوعب نحو مليوني عامل مصري قبل الثورة، وأن العدد الكبير منهم رجع مع تصاعد المواجهات بين الثوار ونظام القذافي.
ويتوقع أبو الفتوح أن تعود العمالة المصرية بقوة إلى ليبيا في ظل مشروعات إعادة الإعمار، ولكنه يشترط وجود بروتوكول بين الدولتين ينظم حركة العمالة المصرية للحفاظ على حقوق العمال، وعدم تعرض هذه العمالة للمشكلات التي كانت تعاني منها قبل الثورة الليبية.
وأوضح للجزيرة نت بأن ملف إعادة الحقوق المالية للمصريين العائدين من ليبيا مع أحداث الثورة مازال مفتوحًا في إطار من التعاون بين وزارتي الخارجية المصرية والقوى العاملة، لاسترداد هذه الحقوق.
وبسؤال أبو الفتوح عن تقديرات العمالة المصرية التي سافرت إلى ليبيا بعد الثورة، أجاب بأنها محدودة جدًا لأن ليبيا الآن تشترط حصول المصريين على تأشيرة دخول لأرضيها.
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإسكندرية عبد الفتاح ماضي أن ضعف الطرفين ووجود حكومات غير مستقرة لا تملك زمام المبادرة، والانفتاح على العلاقات الخارجية، هو الذي أدى إلى برود العلاقات الاقتصادية.
ويضيف ماضي بأن وجود مجموعة من العوامل السياسية الأخرى تسبب في هذا الواقع، منها إيواء مصر لفلول نظام القذافي، والاعتراف المتأخر من طرف مصر بالمجلس الانتقالي الليبي.
هناك تعليق واحد:
موضوع ممتاز جدا شكرا لكم
إرسال تعليق