لم تكتب إلى الآن الورقة الأخيرة فى قضية منظمات المجتمع المدني التى بدأت مع نهاية العام 2011 بمداهمة قوات من الجيش لعدد من المنظمات بعضها يدار بواسطة أمريكيين، وبعدها صدر ضد الأمريكيين المتهمين فى القضية قرارا بالمنع من السفر، ثم رفع الحظر بشكل مفاجئ ليغادروا إلى الولايات المتحدة.
وفى عام 2009 كانت بعض الوثائق التى تم تسريبها إلى موقع WikiLeaks كانت قد صدرت عن السفارة الأمريكية فى القاهرة، تشرح – تفصيلاً – حجم المعونة الأمريكية التى ترسلها جهات أمريكية إلى مصر لمنظمات المجتمع المدنى فيها، ومن بين الجهات الأمريكية المانحة “مؤسسة فريدوم هاوس” كأهم مانح أمريكى لمنظمات المجتمع المدنى التى تعمل بمصر.
الوثيقتان اللتان تحملان الترقيمين 09CAIRO3343 و 09CAIRO3420 أكدتا أن حجم المنحة الأمريكية التى تقدمها الولايات المتحدة خلال عدد من المؤسسات غير الحكومية تخطى فى عام 2009 حاجز الـ 75 مليون دولار – حوالى 420 مليون جنيه مصرى وقتها – بزيادة كبيرة عن العام السابق له 2008 بحوالى عشرة ملايين دولار أمريكية، وهى زيادة مستمرة تقدمها الولايات المتحدة دعما متزايداً لأنشطة المجتمع المدنى فى مصر، أى أنه – وفقا للوثيقة – تكون المنحة الأمريكية فى عامنا الحالى قد بلغت 100 مليون دولار أمريكيى أى حوالى 600 مليون جنيه.
وتقدم الولايات المتحدة منحها لمنظمات المجتمع المدنى فى مصر بشكل غير مباشر – وفقاً للوثيقتين – خلال عدد من المؤسسات غير الحكومية أهمها فريدوم هاوس، والمعهد الديموقراطى الوطنى، والمعهد الجمهوري الدولى، ومؤسسة USAID.
الجدير بالذكر أن القانون المصرى يعرف منظمات المجتمع المدنى – ومن بينها منظمات حقوق الإنسان – بأنها منظمات غير هادفة للربح، أى أنها لا تأخذ الشكل النمطى للمؤسسات التى تسعى إلى زيادة رأس مالها.
عشرات الملايين من الدولارات التى ترسلها المؤسسات المدنية الأمريكية إلى منظمات المجتمع المدنى فى مصر لم تكن فى مأمن من محاولات نظام الرئيس السابق حسنى مبارك – فوفقاً للوثيقة – حاولت وزيرة العلاقات الدولية وقتها – وحالياً – فايزة أبو النجا إقناع الحكومة الأمريكية بضرورة تقليص وتخفيض حجم المنحة الأمريكية المرسلة إلى منظمات المجتمع المدنى فى القاهرة.
يذكر أن تقرير سابق صدر عن منتدى الحوار و الدراسات السياسية فى مكتبة المركزية اظهر أن مصر تحوى ما يزيد عن 34 ألف منظمة وجمعية مدنية – منظمة مجتمع مدنى – توفر ما يقرب من 70 % من الخدمات العامة التى يحتاجها المواطنون يومياً، إلا ان الفاعل من بين هذه الجمعيات لا يزيد عن 5000 جمعية فقط.
وحاولت ابو النجا خلال زيارة رسمية لها للولايات المتحدة فى 21 نوفمبر 2009 – وفقاً للوثيقتين - إقناع الإدارة الأمريكية تخفيض المنح التى ترسلها المنظمات الأمريكية غير الحكومية إلى منظمات المجتمع المدنى فى مصر بمقدار النصف تقريباً من حجم المحفظة المخصصة للمنظمات غير الحكومية فى مصر.
وظهرت المخاوف الأمريكية من محاولات تدخل مبارك ونظامه السابق – متمثلاً فى الوزيرة الحالية – للحد من إزدياد حجم المساعدات الأمريكية – غير الرسمية – للمجمتع المدنى فى مصر خلال تعليق دونه السفير الأمريكي فى القاهرة فى 2009 فرانسيس ريتشاردنو – فى الوثيقتين المسربتين – قائلاً “المدير الإقليمى للمعهد الديموقرطى الوطنى، نصحنا بأنه فى ظل هذه التضييقات من الحكومة المصرية فإن فكرة ضخ مزيد من الأموال فى مصر ستهدد المنح المرسلة من الولايات المتحدة بالكامل، عندما تتعامل الحكومة مع الإصرار الأمريكيى بواسطة حملات تشويه للمنح الأمريكية المقدمة لمنظمات المجتمع المدنى فى مصر”.
وبعيداً عن صدق نبوءة المدير الإقليمى للمعهد الديموقراطى الوطنى IFI فى عام 2009 بأن الحكومة قد تشوه صورة المنح الأمريكية بواسطة وسائل الإعلام الحكومية، وقريبة الصلة بالنظام، فإن هذه العبارة قد تشير إلى إدارة أمريكية – حكومية – للمنح التى تقدمها المنظمات غير الحكومية الأمريكية لمنظمات المجتمع المصرى العاملة فى مصر.
وتشير الوثيقتان سابقتا الذكر بوضوح لأن المنحة التى بلغ حجمها فى عام 2008 حوالى 66.5 مليون دولار أمريكى، وفى عام 2009 تجاوزت حاجز الـ 75 مليون دولار أمريكى، تشير لأن الزيادة فى المنحة كان “بإدارة أمريكية”، فى إشارة إلى المؤسسات الرسمية فى الولايات المتحدة، وهو ما لم تعلنه الولايات المتحدة إلى الآن.
المصدر :نمساوي
هناك تعليق واحد:
مدونة دولارات مصر
http://eg-dollar.blogspot.com/
إرسال تعليق