بسم الله الرحمن الرحيم (الذين يوفون بعد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب) صدق الله العظيم
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله والصلاة والسلام على حبيبه ومصطفاه حبيبنا وإمامنا وقائدنا محمد رسول الله وعلى اله وصحبه ومن ولاه.
إلى الشيخ الكريم المقاتل الوفي.
أحييك بتحية الجهاد أيها المجاهد أولا ثم أقدم لك شكري وتقديري على أدبك العالي وعلى خلقك الكريم وكرمك العميم والذي أفضته علينا أفاض الله عليك مزيدا من الإيمان والأدب والأخلاق والمكارم والمحامد وجزاك الله عني وعن أحبائي المجاهدين خير الجزاء في الدنيا والآخرة.
أيها الشيخ المجاهد الشهم الكريم
لقد وصلتني هديتك وفرحت بها كثيرا واعلم إنني منذ زمن بعيد قد قررت أن أرسل لك رسالة فيها ما يوفى حقك الذي رتبته علينا ونحن في هذه المسيرة المباركة الطاهرة، واعلم أن الهدية مهما يكن حجمها المادي صغيرا فهي كبيرة بمعانيها ومدلولاتها وهي كبيرة بصاحبها فلا تعجب من فرحي بهديتك لان فرحي هو بك مجاهدا وفيا وأمينا أولا وأخرا.. لك مني خالص الود والمحبة.. واحيي مسيرتك الجهادية وأنت عندي احد العناوين الجهادية في حزبنا ومسيرة جهادنا.. واحيي إيمانك بالله الواحد الأحد الفرد الصمد ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ناصر المؤمنين وخاذل الكافرين الطغاة الجبابرة.
واعلم أيها المقاتل المجاهد ونحن اليوم في محنة وامتحان وجهاد دائم ومتصاعد في سبيل الله والوطن فأن الله هو وحده ناصر المؤمنين المجاهدين الصادقين المخلصين المتقين الموفون بعد الله إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس يجاهدون في سبيل الله على الدوام لا يخافون في الله لومة لائم يبتغون فضلا من الله ورضوانا.
واعلم أيها المؤمن المقاتل العربي الشهم... لقد منّ الله سبحانه وتعالى على امتنا العربية المجيدة من المنن والعطايا والهدايا والمنح والمكارم والمقامات والدرجات مما لا عد له ولا حد ولا حصر.
انظر أيها المجاهد العزيز بعين الإيمان المتجدد بقلبك المضيء والمنور لبصرك وبصيرتك كيف قد من الله المنان على امتنا وأبنائها الاماجد ولرجالها البواسل منذ الأزل، منذ يوم اخرج الناس من العدم إلى الوجود المعنوي الروحي في عالم الذر حين قال جل جلاله الست بربكم قالوا بلى، وأنت تعلم أيها الشيخ المجاهد وكل أهل العلم والإيمان يعلمون ويعرفون إن أول من قال بلى هي روح الحبيب المصطفى سيدنا محمد ابن عبد الله النبي القريشي العربي صلى الله عليه وسلم، ثم قالت أمته بعده بلى ثم الأمم الأخرى وقد بشرنا جل شانه في كتابه العزيز ووثقه لنا لمزيد من التكريم والتشريف من قبل ذلك الزمن منذ الأزل فقال عز من قائل (كنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) كما قال جل شانه (وكذلك جعلناكم امة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا).
لقد اختارها منذ ذلك الزمن البعيد القديم واختار منها نبي الإنسانية حبيبه وصفيه ورحمته المهداة إليها أي إلى أمته العربية بشكل خاص ثم إلى الناس جميعا واختار منها الطليعة الثورية الرسالية المؤمنة الأولى ثم، الطلائع التي تليها لكي تواصل حمل الرسالة إلى يوم الدين يوم يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.. لقد اختار منها جيل الصحابة رضي الله عنهم طليعة الانطلاقة الأولى ورموزها وأعلامها واو لائك رجال حزب الرسالة يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم (إن الله اختارني واختار لي أصحابي) فقرنهم خير القرون وهم خير الناس كافة بعد الأنبياء والمرسلين ثم اختار تابعيهم ثم تابع التابعين ثم الذين يلونهم اختيارا، واجتباء إلى أن تقوم الساعة وذلك لحفظ الرسالة وحملها وتبليغها للناس كافة وأداء حقها كما أمر جل جلاله..
واعلم أيها الحبيب... فحيث ما ترد كلمة الأمة في رسالتي هذه إليك فاقصد الأمة العربية المجيدة وليس الأمة الإسلامية، إذ هي وحدها صاحبة الرسالة الخالدة الخاتمة تنزيلا وتكليفا وتبليغا وحفظا وأداء فعليها نزلت الرسالة وبلغتها نزلت وهي أول من امن بها وعشقتها وتعشقتها، وهي التي حملتها إلى مشارق الدنيا ومغاربها، وهي الأداة الأساسية والحاسمة لحفظها، وهي وعائها ومادتها.. فالرسالة الخالدة الخاتمة عربية التنزيل والمنشأ والمنبت والنمو والازدهار والتكليف والتبليغ.. إنها عربية صميمية فأدائها وحفظها وتبليغها وعشقها وتعشقها وحمل راياتها فرض عين على العرب لا يقبل من العربي بديلا على الإطلاق وهم الذين كلفهم جل جلاله لعرضها على أمم الأرض لتهتدي بهديها بدون أكراه (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي).
إن هذا الحكم ألقراني يختص بالأمم الأخرى إن بقيت على دينها وتدفع الجزية.. أما العرب فلا يقبل منهم إلا الإيمان وحده لا يقبل منهم إلا الإقرار بوحدانية الله وبالرسالة لحبيبه ومصطفاه سيدنا محمد ابن عبد الله الهاشمي القريشي العربي وحتى حرم تواجد الأمم الأخرى غير المؤمنة في جزيرة العرب.. أي حرم تواجد الأديان الأخرى في جزيرة العرب، وأنت تعلم ما كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يعرض الجزية على القبائل العربية ومدنهم وأقاليمهم إلى جانب الإسلام والسيف، وإنما كان يعرض الإسلام والسيف فقط أي إما الإسلام وإما السيف ولو أن القران الكريم و الرسالة الخالدة كانت هي دين فارس ورسالتهم ما تمنى سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه ولا يحق له أن يتمنى أن يجعل الله بينه وبين فارس جبل من نار.
وإذا عدنا إلى القران الكريم أيها العزيز فانه ينطق بالحق المبين ويشهد للعروبة بدينها ورسالتها العربية الخالدة إلى الناس كافة ويشهد بعروبة الرسالة الخالدة.. يقول جل جلاله لحبيبه ورسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم (وانه لذكر لك ولقومك وسوف تسالون).. أي انه لشرف رفيع لك ولقومك العرب وانه لعز ومجد لك ولهم يا حبيبي يا محمد وسوف تسالون يوم القيامة عن عمق إيمانكم وعن قوة أخذكم وتلقيكم وأدائكم وتبليغ الناس وحفظكم لهذا الذكر العظيم ومواصلة رفع رايته إلى يوم القيامة ولا يسع المقام في هذه الرسالة لشرح هذا الموضوع الجليل الذي كرمنا الله سبحانه بحمله إلى الناس كافة فهو لا تحويه مجلدات ولا يفي بشيء يسير منه عمر الإنسان على امتداده ولو عاش آلاف السنين.
فاذكر لك بعض الأمثلة والعناوين البارزة كمحطات ومثابات للانطلاق إلى دنيا الرسالة العربية الخالدة والى دنيا مسيرتها الجهادية المقدسة والى قلب ثورتها الكبرى :
المثل الأول : هو أن صاحب الرسالة الخالدة الخاتمة هو سيدنا محمد بن عبد الله عربي المنبت والمنشأ عربي الأصل والفصل عربي الحسب والنسب ومن قلب العروبة وروحها من نفسها بل من أنفسها وهو اليوم وكما تعلم نبي ورسول وأمام المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها تهوي إليه والى مدينة أهله العربية المكرمة والى مدينته العربية المنورة والى قبيلته العربية الكريمة وأمته العربية المجيدة أفئدتهم طاعة ومتابعة ومحبة وعشقا وتعشقا لقرانه وسنته ولسيرته ومنهجه ولصحابته وال بيته وعترته الطاهرة.
المثل الثاني : إن كلام الله القديم الأزلي الخالد بلغتهم أن من لم يتعلم لغتهم ويحبها ويعشقها أي بمعنى يحب العرب ويعشقهم لان اللغة هي هويتهم وجنسيتهم وعنوان مسيرتهم الرسالية وعنوان حضاراتهم المجيدة وتراثهم العزيز.
المثل الثالث: إن لغتهم يصرخ بها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها حيث يتواجدون على المآذن وفي مكبرات الصوت وعبر الإذاعات والتلفزة والانترنيت خمسة مرات في اليوم يشهدون بوحدانية الخالق (لا اله إلا الله) وبرسالة سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد العربي صلى الله عليه وسلم (محمد رسول الله) فيسمعهم كل من في الأرض من العقلاء من انس وجن وملائكة فتخشع لهذا الصوت والكلام العربي الفصيح البليغ قلوب المؤمنين وتغتاظ له قلوب الكافرين والمنافقين من عالمي الإنس والجن.
المثل الرابع : قرانهم العربي الكريم الذي حملوه إلى الدنيا في صدورهم يسفكون دمائهم من اجله يترنم به المسلمون ليل نهار بلغتهم العربية يتقربون به إلى الله تعالى زلفى فأي تكريم هذا التكريم، وأي شرف رفيع هذا الشرف؟.
المثل الخامس: يقول جل جلاله في مكان آخر من القران العربي الكريم (وكذلك أنزلناه حكما عربيا) والحكم كما تعلم هو الرئاسة والقيادة والريادة والإدارة العليا، ولقد قال الحبيب صلى الله عليه وسلم (الإمامة في قريش) وقد احتج سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه وأرضاه بهذا الحديث على الأنصار في سقيفة بني ساعد عند ترشيح سيدنا أبا بكر رضي الله عنه للخلافة وأقر الأنصار بذلك واستجابوا رضي الله عنهم وأرضاهم.
المثل السادس : يقول الجليل جل شانه في مكان آخر من القران العربي الكريم (وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس)...
انظر أيها المجاهد العزيز في المعاني الكريمة العميقة في هذه الآية الشريفة العزيزة على قلوبنا كيف يبشرنا فيها جل جلاله ويعلمنا ويأمرنا ثم يفيض علينا من مكارمه ومحامده وعطاياه فهو الذي اجتبانا على الأمم.. أي اختارنا من بين أمم الأرض لمحامد وصفات ومزايا أودعها ووضعها فينا جل جلاله وهو الذي جعلنا على الحنيفية السمحاء ملة أبينا إبراهيم عليه السلام ليلها كنهارها لقوة الإشراق والهدي فيها.
وأنت تعلم أيها العزيز وكل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يعلمون أن إبراهيم عليه السلام لم يكن في يوم من الأيام ولا في دهر من الدهور أبا للفرس ولا أبا للأتراك ولا أبا للصينيين ولا للهنود ولا للانكليز والأمريكيين ولا أبا للاندنوسيين والنيجريين، وإنما هو أبو العرب بشهادة الحق جل جلاله وبشهادة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم والقران الكريم يزخر بالحديث عن العرب وعن عطائهم وأدائهم ومقامهم ودرجاتهم ومسئولياتهم ويكفي العروبة أن سيد المرسلين وخير خلق الله أجمعين منهم ثم المهاجرين والأنصار السابقون السابقون الأولون منهم والصحب الأكرمين منهم ومن تبعهم وسلك طريقهم من أبناء العروبة إلى يومنا هذا والى يوم الدين.
أما الأحاديث النبوية الشريفة فهي كثيرة وغنية وغزيرة بمعاني عميقة ودلالات واضحة في تأكيد فضل العروبة ومقامها وقيادتها وعروبة الرسالة ورسالة العروبة.. دعني أيها العزيز أتوسع أكثر لكي أزيدك علما ومعرفة بحقيقة رسالة العروبة الخالدة رسالة الإسلام الحنيف.. قد يخطر على بالك أو يقول لك احد من الإسلاميين الشعوبيين الطارئين على العروبة أو الذين انسلخوا عن عروبتهم بسبب جهلهم وبسبب غفلتهم أو لأسباب أخرى شتى، ولا نقول أكثر.. قد يقول لك هذا القائل أين وضعتم دور الأمة التركية في حمل الرسالة وأين وضعتم دور الأمة الفارسية وفيها العلماء والمذاهب والمشايخ وفي تركيا الفاتحين والسلاطين الذين فتحوا القسطنطينية وادخلوا الإسلام إلى ثلث أوربا على امتداد أكثر من أربعمائة عام... الخ.. ثم لربما.. يقول وماذا تقولون عن أبي حنيفة الفارسي والغزالي الفارسي والبخاري والآلاف من أضرابهم وماذا تقولون عن نور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي؟..
أقول لك لكي تعرف حق المعرفة وتعلم علم اليقين إن كل الأشخاص والأفراد الخيرين المؤمنين حقا من هاتين الأمتين خاصة والأمم الأخرى عامة قد صاروا عربا بعد ما امنوا برسالة العرب وامنوا بنبيهم فأحبوه وعشقوه وامنوا بكتابه العربي فأحبوه وعشقوه وامنوا بلغتهم وتعلموها وأتقنوها وأحبوها وعشقوها، ثم أحبوا وعشقوا مدينة حبيبهم العربية المنورة ثم امنوا وأحبوا كعبتهم ومكتهم العربية المباركة وعشقوهما، ثم أحبوا وعشقوا شامهم وبصرتهم وكوفتهم ونهلوا منهما علوم الدين التي أحيت قلوبهم وأخرجتهم من الظلمات إلى النور، ثم أحبوا بغدادهم ودمشقهم وقاهرتهم عواصم الأمة وعواصم الحضارات الخالدة، ثم أرضهم أي ارض العرب من مشرقها إلى مغربها فصاروا عربا لان امتنا ليست ولم تكن امة عنصرية تحكمها علاقة الدم فحسب بل هي امة إنسانية.
إن كل من سكن أرضها وشرب من مائها وتكلم بلغتها وأحبها قلبه فهو عربي فاولئك كلهم عرب وأما الأمم الذين ينتمون إليها كلا ولا نريد أن نبتعد بك كثيرا ونبقى مع الأمتين الجارتين لأرض العروبة تركيا وإيران فارس وانظر دورهما فقد أضرتا امتنا ورسالتنا وديننا بأخطر وأفدح الأضرار في فاصلة زمنية قد سيطروا فيها على قيادة مسيرتها، فمثلا ولكي لا نتوسع منذ يوم دخل ديننا ورسالتنا بلاد فارس فحطم معبوداتهم وقيمهم الفاسدة فأبدلها بقيم رسالة العروبة وأخلاقها ومثلها وهم يناصبون امتنا ورسالتها العداء والكره والحقد الأعمى وستبقى هذه الأمة تقاتل امتنا وتتصدى لمسيرتها إلى يوم القيامة والتاريخ الطويل يشهد على ذلك مع الحاضر المر معهم حد العلقم والحنظل، فهم يكفرون الأمة ويحللون سفك دماء أبنائها وسبي نسائها، أما الذي فعلته الأمة التركية فهو لا يقل خطورة عما فعلته الأمة الفارسية فكان حصيلته ما هو عليه الآن حال امتنا المزري والخطير من تمزق وتشتت وتخلف وتقوقع.
لقد ساموا امتنا وشعبنا العربي سوء العذاب حتى ساد فيها الفقر والجوع والأمراض والأوبئة والتخلف المدقع حتى ساد التخريف والشعوذة والدجل في الدين ولم يبق من الدين إلا عنوانه ورسمه، لقد امتصوا خيرات الأمة ودماء أبنائها لكي يبنوا بها حضارة أمتهم التركية واضرب لك بعض الأمثلة :
المثل الأول : هل سمعت أو رأيت معلما حضاريا واحدا بناه سلاطين الأمة التركية داخل وطننا من مشرقه إلى مغربه وخاصة بغداد عاصمة الرسالة وعروس الإسلام أو مكة الرسالة أو في مدينة الانطلاقة الكبرى المنورة مدينة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وانظر إلى المعالم الحضارية العملاقة الشامخة في اسطنبول وفي أنقرة وفي كل المدن التركية الكبيرة وهكذا بالنسبة لكل مشاريع التطور والحضارة في الصناعة والزراعة والخدمات.
المثل الثاني : لقد فرض الأتراك ضرائب على شعب العروبة وفي كل أقطاره تعسفية لم يفعلها حتى الاستعمار البريطاني والفرنسي والايطالي في الأمة.. لقد كانوا يفرضون الضرائب الباهظة على كل أراضي الأمة المملوكة والمفوضة بالطابو والممنوحة باللزمة سواء زرعها صاحبها أم لم يزرعها.. لقد كانوا يأخذون من كل أنواع البضائع المنقولة سواء للتجارة أو للاستهلاك ضريبة باهظة تسمى (العشر) حتى الذي يزرع خمسون كيلو قمح إن لم يهرب المنتج ليلا إلى بيته فسوف يدفع العشر أو يسجن وحتى الذي يشتري لعياله الجياع أي كمية من الطعام وخاصة الحنطة والشعير والرز والذرة وأنواع الأطعمة الأخرى يدفع عليها العشر أو يسجن إلا أن يهربها بعيدا عن أعين الجباة الظالمين.. كانوا يفرضون ضريبة تسمى (الوردية) جزاء لكل حيوان يشرب من ماء الأنهر وحاولت في آخر عهد من استعمارها للأمة اغتصاب الموصل من العراق بعد أن اغتصبت لواء الاسكندرونة من سوريا وهي التي استخدمت ونفذت مشروع التتريك حتى وصل الأمر في زمن أتاتورك قتل وسجن كل من يتكلم اللغة العربية لأنهم أصدروا تشريع يحرم التحدث باللغة العربية وفي عصرنا كانت الأمة التركية على طول مسيرة ثورتنا في طليعة المتآمرين والمعادين لثورتنا حتى إسقاطها، وهي بحكامها الإسلاميين اليوم أكثر عداء لامتنا وشعبنا تناصب شعبنا في العراق وتناصب العروبة العداء في كل مكان...
انظر إلى موقفها من ليبيا وانظر إلى موقفها من سوريا وهنا تتجلى حقيقة عروبة الرسالة إذ جعل الله سبحانه الإسلام روح العروبة والعروبة جسده فمتى ما فصلت الروح عن الجسد سقط الجسد على الأرض هامدا وارتفعت الروح إلى السماوات العلى فلم يبق أي تأثير للعروبة في الأرض ولم يبق أي وجود للإسلام عليها، ومثلنا هذا الانفصام الذي حصل لما سقطت قيادة العروبة في أواخر حكم العباسيين وانتقلت القيادة إلى الأعاجم كيف حصل التمزق والتفتت والتقهقر والتراجع والتخلف المخيف الذي اشرنا له قبل قليل والذي لا زلنا نعاني منه إلى اليوم، فلا يمكن لديننا الحنيف أن يسمو ويزدهر كرسالة للإنسانية وكثورة كبرى لتحقيق وحدتها وحريتها وتحقيق العدالة الاجتماعية إلا بتقدم الأمة التي حملته وتكفلت بحفظه وتبليغه، أي إلا بتقدم الأمة وتطورها ونهوضها وازدهارها ومواصلة قيادة ثورتها الكبرى ورفع راية رسالتها الخالدة...
هذه هي مشيئة الله تعالى في الأرض، وهذه هي سننه، وهذه هي قوانين التاريخ وجدليته، وهذه هي نواميس الطبيعة.. إنها محكومة بالقانون الالاهي وبالإرادة الربانية لا يقف ضدها إلا المخذول المطرود من رحمة الله المحروم من هدي حبيبه صلى الله عليه وسلم.. وهنا يتأكد لنا إن العلاقة بين العروبة ورسالة الإسلام تمثل الحقيقة المطلقة إنها علاقة جدلية أزلية شاملة وعميقة تمثل حد التمازج والانصهار فلا تنهض الأمة ولا تتقدم ولا تنتصر إن لم تعد إلى روحها ووجدانها وضميرها، فالإسلام روح الأمة ووجدانها وضميرها وجملة قيمها ومثلها وأخلاقها الكريمة وثورتها الكبرى المتجددة الدائمة، وان لم يعد الإسلام إلى حاضنته إلى مادته إلى جسده إلى أداته الفعالة المعدة إعداداً ربانياً لحمله كرسالة إلى الدنيا كلها فسيبقى الإسلام غريبا وسيبقى سلعة رخيصة يتاجر بها جهلة الإسلام وأعداء الإسلام على حد سواء.. فانظر إلى حال الأمة اليوم واقرأه بتمعن وتدبر ستجد هذه الحقائق على الأرض شاخصة..
فهيا أيها العلماء والمشايخ الكاملون لنعود بقوة وسرعة إلى عروبتنا ورسالتها الخالدة.. وهيا أيها المقاتلون المجاهدون عسكريون ومثقفون عمال وفلاحين وطلبة ونساء ورجالا وكل شرائح وفئات المجتمع لنعود بقوة وبسرعة إلى رسالة امتنا الخالدة إلى ديننا الإسلامي الحنيف ثورة الأمة الكبرى على الظلم والطغيان والعصيان وعلى الباطل والمبطلين وعنوان عبقريتها المبدعة والفداء ننهل منها أي من رسالتنا كل معاني الإيمان والصدق والإخلاص والصبر والمطاولة والبطولة والفداء لكي نجدد لامتنا مسيرتها وننور ونعبد دربها ونفجر ثورتها الكبرى لتحقيق أهدافها في وحدتها وحريتها وتحررها وتحقيق المستقبل اللائق بأجيالها ولكي نواصل حمل رسالتها الخالدة جيل بعد جيل نورا وهديا وعدلا وحرية وسلاما وأمانا وأمنا حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين
أحييك مرة أخرى واحيي العلماء السالكين لطريق الحق الثابتين على المبادئ الهادين المهديين كل على قدر حاله ومقاله وموقعه من مسيرة الجهاد، واذكر الجميع أي جموع المجاهدين وحشودهم في ميادين المنازلة الكبرى مع الغزاة الطغاة البغاة أعداء الله وأعداء الإنسانية، ثم الذين يلونهم بالإيمان والهمة والجهاد حتى الذي يرفض الاحتلال ويرفض الظلم والعدوان بقلبه.. اذكرهم جميعا بان الله سبحانه وتعالى قد اجتبى امتنا واختارها واصطفاها من بين أمم الأرض قاطبة لكي تحمل رسالات السماء إلى الأرض وخاصة الرسالة الكبرى الشاملة الجامعة الخاتمة الخالدة رسالة الإسلام الحنيف هذه هي حقيقة أمتكم ورسالتها الخالدة كتب عليها أن تحمل الرسالة إلى أهل الأرض كافة أمانة عزيزة وثقيلة في رقاب رجالها ونسائها إلى يوم القيامة..
فانتم اليوم أيها العلماء العاملون والمشايخ الكاملون وكل السالكين لطريق الحق، وانتم أيها المجاهدون وانتم أيها المقاومون والرافضون للاحتلال وأذنابه وعملائه، وانتم يا رجال الأمة.. إنكم جميعا موقوفون ومسئولون غدا بين يدي العليم الخبير السميع البصير القوي العزيز عن حفظ الرسالة الخالدة وتبليغها وأدائها على قاعدة الطاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ثم المتابعة، ثم المحبة الهدف الاسمي لرسالة امتنا في الأرض لان المحبة هي كنز الوجود وهي سر الحياة في الدنيا والآخرة.. يقول جل جلاله في الحديث القدسي (كنت كنزا مخفيا فأحببت أن اعرف فخلقت خلقا فتعرفت إليهم فبي عرفوني).. فالمعرفة هي الغاية الكبرى وهي دليل المحبة فالمحبة غاية الغايات.. ويقول جل جلاله في الحديث القدسي كذلك (إن أحب شيء إلي من عبدي أداء فرض افترضته عليه ثم ما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فان أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي عليها ولئن سألني لأعطيه ولان استعاذ ني لأعيذنه) هذا هو سر المحبة.
انظر أيها المؤمن المجاهد إلى الحكمة الإلهية والإرادة الربانية إن الله سبحانه يحب الفروض يؤديها عبده بتمامها وكمالها ثم يحب عبده ويقربه إليه ويدنيه منه بأداء النوافل في ميادين الجهاد الشامل والعميق حتى يحبه فان أحبه صار منصورا على الدوام لأنك دخلت في حصنه الحصين وعهده المتين فلنعد جميعا أيها المؤمن المجاهد إلى امتنا ورسالتها الخالدة نتسلح بمبادئها وقيمها ومثلها نستنفر ونثور كل معاني القوة والمنعة والنصر والغلبة فيها لان لا طريق لنا إلى النصر السريع المؤزر إلا هذا الطريق الذي يمثل سر الاختيار والاجتباء والاصطفاء للأمة ورجالها وأبنائها فلا يظن أحدا من رجال الأمة العلماء أولا ثم الذين يلونهم والقادة ثم الذين يلونهم أن ينال هذه المرتبة مرتبة الاختيار والاجتباء بالتمني ولا بالتحلي إنما بالجهاد الشامل والعميق يقول جدنا وشيخنا سيد صالح ألنعيمي رحمة الله عليه (لا هي بطك المسباح ولا بلف العمامة خل اليلعب تا يلعب هذا درب السلامة)... يقصد درب السلامة منهج السالكين ووردهم اليومي من صيام وقيام وتقوى والمفردات العبا دية الأخرى على امتداد الليل والنهار ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم الجهاد في سبيل الله مع المجاهدين وفي طليعتهم وليس بالدجل والتخريف والتظليل ولا بالكذب والخداع والنفاق، وإنما بالجد وذرف الدموع على الخد، كما يقولون أي بالجد والاجتهاد والجهاد الدائم المتواصل الشامل والعميق والمحيط بكل حركات وسكنات المؤمن المجاهد بالجهاديين معا الجهاد الأكبر للثالوث الغير مقدس وحلفه الشرير النفس وشيطانها وهواها ثم جهاد الغزاة البغاة وحلفهم الشرير الغير مقدس الامبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية والصفوية الفارسية.
يقول سيدنا عمر الفاروق القائد الأعلى لمسيرة الفتح في رسالة إلى سيدنا سعد بن أبي وقاص قائد جيش القادسية رضي الله عنهما (احترزوا من ذنوبكم فاني أخاف عليكم من ذنوبكم أكثر مما أخاف عليكم من عدوكم) واعلم أن الاحتراز من الذنوب هو محور أساس من محاور الجهاد الأكبر..
لقد اختار جل جلاله امتنا واجتباها من بين أمم الأرض لأنه أودع في رجالها وأبنائها قدرة التلقي الإيماني والفيض الرباني من الأنبياء والمرسلين ثم من خلفائهم ونوابهم وورّاث علومهم الشريفة وأسرارهم اللطيفة ولذلك قال جل شانه (وتؤمنون بالله) وجعل في رجالها وأبنائها قوة وقدره وشجاعة ومعرفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله فقال جل شانه (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر)... واعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الجهاد الشامل من الإنكار بالقلب إلى الضرب بالسيف والصاروخ والمدفع..
واعلم أيها العزيز... إن في رسالتنا الخالدة وفي ديننا الحنيف وفي مسيرتنا الجهادية الكبرى الصاعدة إلى ما عند الله ورضوانه ومحبته يرتكز فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله على قاعدة (وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وفي إطار (إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) وعلى طول مدى افعل ولا تفعل... واعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على هذه القاعدة وفي هذا الإطار وبهذا المدى الواسع يشمل الجهاد الدائم والمتصاعد في كل ميادين الحياة وعلى امتداد زمنها ما دام في الأرض من يقول (الله الله) أي حتى تقوم الساعة، وانك أيها العزيز وجموع العلماء والمتعلمين وحتى المستمعين السالكين والغير سالكين يعلمون أن الجهاد الأكبر قائم ودائم ومتواصل على امتداد عمر الإنسان لان في الجهاد الأكبر سر الأسرار وهو (ما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه) ومقام المحبة هو مقام القرب والدنو وليس لمقام القرب حد لكي يصل إليه المجاهد ويستريح حتى الحبيب المحبوب المقرب صلى الله عليه وسلم يقول (إني ليفان أو يران على قلبي فاستغفر الله سبعين مرة في اليوم) وغين الحبيب كما قال العارفون بالله هو غين الأنوار وليس غين الاغيار أي غين الترقي من مقام إلى مقام ومن منزلة إلى منزلة أي من منزلة أدنى إلى مرتبة أعلى أي أن للحبيب صلى الله عليه وسلم له في كل يوم ترقي وتقرب ودنو بل في كل ساعة وفي كل لحظة من لحظات مسيرته الكبرى إلى ربه فيستغفر الله من المقام الأدنى على قاعدة حسنات الأبرار سيئات المقربين، وكذلك الجهاد الأصغر لا يتوقف لان الصراع بين الخير والشر في الأرض قائم ودائم إلى يوم القيامة وهو بدء مع بداية البشرية منذ أحداث هابيل الخير وقابيل الشر إلى يومنا هذا وسيبقى إلى يوم القيامة.
ولذلك قال الحبيب صلى الله عليه وسلم (الجهاد قائم في أمتي إلى يوم القيامة) وعلى رأس الفروض التي يحبها الجليل جل جلاله من عبده هي جهاد الفرض كما عندنا اليوم في بلدنا العزيز ومن أفضل النوافل التي تقربك من الله هي جهاد النفل لإعلاء كلمة الحق، فالمطلوب من الأمة ورجالها وطليعتها الثورية المؤمنة إعداد وتهيئة وتحشيد دائم للقوى ولكل مستلزمات الصراع والجهاد وفي الميدانين الأصغر والأكبر معا لان الجهاد عندنا اليوم قد توحد فيه الأصغر مع الأكبر فصار جهادا واحدا وهو الجهاد الأعظم لم تشهد الأمة مثله من قبل، وبهذا أمر جل جلاله الأمة وطليعتها الرسالية أمرا ثابتا ودائما إلى يوم الدين فقال (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة).. اعدوا لهم أمر يشمل الحاضر والمستقبل على امتداده إعداد وتهيؤ وتحفز وترقب.. يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم (خير المؤمنين رجل ممسك عنان فرسه كل ما سمع هيعة طار إليها) استنفار دائم ونفير عام كما هو حالنا اليوم في بلدنا العزيز.
واعلم أيها العزيز إن من لم ينتصر في معارك الجهاد الأكبر سوف لن ينتصر في معارك الجهاد الأصغر، إن من لم ينتصر على نفسه فيروضها ويطوعها ويكبح جماحها ومن لم ينتصر على شيطانه فيقيده بقيود الشريعة ويذله ويخذله بمبادئ وقواعد الطريقة ثم يحرقه بنار الحقيقة، ومن لم ينتصر على هواه ونزواته وشهواته فسيغلب ويهزم حتما.. واعلم أن سبب تأخر انتصار الأمة الحاسم في فلسطين وفي العراق وفي كل ارض عربية أو إسلامية كان ولا يزال هذا سببه، من لم ينتصر في داخله لم ينتصر على عدوه..
إذاً ما المطلوب منا جميعا وانتم في المقدمة حتى نحكم عوامل النصر المكتوب لنا منذ الأزل على أعداء الله وأعدائنا؟.. لقد بشرنا الله سبحانه في كتابه العزيز أن النصر والغلبة للمؤمنين على الدوام إن احكموا عوامله واخذوا بأسبابه فقال وقوله الحق المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) حق وعهد وميثاق أخذها على نفسه جل جلاله للوقوف مع المؤمنين ولنصرتهم في الدنيا ويوم يقوم الأشهاد.. يقول جل شانه (إن الله يدافع عن الذين امنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور). فمن الذي سيغلب وينتصر على من تعهد القادر المقتدر بنصرته وغلبته والدفاع عنه والوقوف معه؟ وكيف يضام ويهان من تعهد القادر المقتدر بالدفاع عنه وحمايته؟ فلنعد وسائل ومستلزمات وعوامل هذا النصر العزيز المجيد المادية والروحية معاً..
أيها الشيخ العزيز إن طريق النصر على الأعداء واضح وبين انه ليس بكثرة العدد والعدة بل بالعودة إلى الله ناصر المؤمنين وخاذل الكافرين.. بالعودة إلى ما كان عليه حبيب الله إمام المجاهدين صلى الله عليه وسلم وصحبه وجنده... الم تسمع قول الحبيب صلى الله عليه وسلم يقول (إني نصرت بالرعب على مسيرة شهر).. من خاف مقام الله وعظمته خافه كل شيء وهابه كل شيء واستصغر واستحقر أمامه كل شيء نعود إلى الله القوي العزيز ننصره ليعود علينا جل جلاله بالنصر والغلبة على الأعداء.. نعود إليه جل جلاله والى رسوله صلى الله عليه وسلم بالطاعة والمتابعة والمحبة.. نعود إلى الله والى رسوله بكل ما أمر ونهى لينتصر لنا جل جلاله في كل موقف وفي كل منعطف وفي كل قضية.. الم تسمع قوله القديم الأزلي لعباده المؤمنين (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) وقوله سبحانه (أن ينصركم الله فلا غالب لكم)؟ نعم هذه هي قوانين الجهاد وقوانين الصراع بين الحق والباطل وبين الخير والشر وبين الحرية والعبودية وهذه هي قوانين النصر والغلبة لا يمكن للباطل أن يندحر ويخبوا لهيبه إلا أن تضربه بالحق فيدمغه فإذا هو زاهق، ولا يمكن للشر أن يندحر ويتبدد كله حتى تفيض على الأرض بالخير كله، ولا يمكن لقيد العبودية أن ينكسر إلا أن تضربه بسيف الحرية والعزة والكرامة..
إذا أيها الشيخ العزيز إن من أهم عوامل النصر وأولها.. هو أن نعود إلى الله بالإيمان المتجدد المتصاعد على امتداد مراتبه ودرجاته انطلاقا من إيمان علم اليقين ودرجاته ومنازله إلى إيمان عين اليقين على امتداد درجاته ومراتبه، ثم إلى إيمان حق اليقين وعلى امتداد درجاته ومنازله ومراتبه إلى ما لا نهاية من الترقي والسمو حتى نقف أيها الشيخ العزيز على بساط القرب والمحبة والمعية فتعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك وتقاتل وتجاهد في سبيل الله كأنك تراه معك والى جنبك واتجاهك، فان لم تكن تراه فهو يراك وهو معك وهو اقرب إليك من حبل الوريد وحتى يكون سمعك الذي تسمع به وبصرك الذي تبصر به ويدك التي تبطش بها ورجلك التي تمشي عليها ولئن سألته النصر على الأعداء ليستجيب لك فورا وينصرك نصرا عزيزاً، ومن أوفى بعهده من الله وما النصر إلا من عند الله القوي العزيز أليس الله بكاف عبده.
وأنت تعلم أيها الشيخ العزيز وكل مشايخ الأمة وعلمائها ومتعلميها ومجاهديها يعلمون أن من متطلبات الإيمان المتجدد والمزدهر والمتصاعد في قلوب المؤمنين عوامل ومستلزمات ووسائل التمسك بها وتنفيذها يديم التسامي والترقي والتجدد أولها وعمودها الفقري وقاعدتها الصلبة المتينة والأساس هي تقوى الله حق تقاته وذلك في إطار معاني قوله جل جلاله (يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون) أي مستسلمون لله ومسلمين إليه كل أموركم فهو يقلبكم ويصرفكم كيف يشاء فان اجتهدت وجاهدت وأخذت بالأسباب جميعا فلا تختار ولا تتمنى غير الذي اختاره الله لك، وأقم حيث اقامك الله جل جلاله ثم في إطار قوله تعالى (يا أيها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون)..
ترقب ومراقبة دائمة ثم اتجه أيها العزيز نحو هدي (من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) نعم يرزقه حلاوة الإيمان وطراوته وزينته وعزه ومجده.. يرزقه الهمة الإيمانية العالية وقدرة التجديد والترقي والتسامي في مدارج السائرين من حيث لا يحتسب، يرزقه قدرة الوفاء بالعهود إذا عاهد ويرزقه الصبر والمصابرة والمطاولة في حومة الميادين الجهادية في البأساء والضراء وحين البأس ويرزقه الصدق في اللقاء والإخلاص في الأداء من حيث لا يحتسب ومن مستلزمات التقوى الحق أن يراك الله على الدوام حيث أمرك وان لا يراك حيث نهاك كما يقولون وأنت تكون في هذا الميدان ميدان افعل ولا تفعل مشمرا عن ساعد الجد والاجتهاد على الدوام ليل نهار كي لا تدع أي نقطة سوداء تتسرب إلى مرآة قلبك مهما صغرت ودقت فينال منك العدو نيلا. الم تسمع قول الحبيب صلى الله عليه وسلم (إن المرء ليحرم الرزق بالذنب يصيبه) وأي رزق أعظم واكبر وابرك من رزق النصر على الأعداء..
سال سيدنا عمر الفاروق سيدنا أبيّ عن التقوى رضي الله عنهما فقال ما التقوى يا أبيّ.. قال سيدنا أبيّ هل مشيت بأرض شوك يا أمير المؤمنين.. قال سيدنا عمر بلى.. قال سيدنا أبيّ وماذا فعلت؟ قال سيدنا الفاروق شمرت واجتهدت.. قال سيدنا أبيّ تلك هي التقوى.. شمر ثيابه رفعها إلى الأعلى لكي لا يأخذها الشوك فيمزقها أو يجعله يتعثر واجتهد أين يضع قدمه لكي لا يدميها الشوك فشمر واجتهد أيها المجاهد. واعلم أن التقوى الحق هي زاد المؤمنين ليس لها حد ولا عد ولا حصر فهي سر الإيمان وروحه ونوره واشراقاته على الجوارح الظاهرة والباطنه، وثاني عوامل الإيمان المتجدد المتجذر المتصاعد المتسامي هو ذكر الله الشامل العميق على قواعد الشريعة الغراء ثم ذكر الله الشامل العميق على قواعد الطريقة، ثم ذكر الله الشامل العميق على قواعد الحقيقة.. أي أن تذكر الله وكأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك وعلى امتداد درجات سلم الشريعة ثم سلم الطريقة ثم سلم الحقيقة، أي إسلام وإيمان وإحسان وبكل مفردات الذكر. وثالث العوامل هو التعلق في ذات الله وصفاته وأفعاله وأسماءه والتخلق بصفات الحبيب صلى الله عليه وسلم وأفعاله حتى تكون كأنك ضله في الأرض ورابع العوامل هو كما يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم (جددوا إيمانكم بقول لا اله إلا الله)، وفي رواية بقراءة القران الكريم، ثم تقرا القران الكريم وكأنك تسمعه من حبيبك صلى الله عليه وسلم، ثم تقرئه وكأنك تسمعه منه جل جلاله غضا نديا طرياً فتأخذ من معانيه ما يحيك في الدنيا ويسعدك في الآخرة.. هكذا كان سلفنا الصالح وعلى هذا الحال وبه انتصر سلفنا الصالح على أعداء الله من شياطين الإنس والجن معا..
لقد انتصروا على أنفسهم وهواها وقهروا شيطانهم وحاصروها فاندحر شيطانهم هاربا حيث يسمع آذانهم في الصلاة وآذانهم في الحج وآذانهم للجهاد.. الم تسمع قول الحبيب صلى الله عليه وسلم (ما سلك عمر فج إلا سلك إبليس فجا آخر).. يقول احد المشايخ الواصلين من أهل الكشف والمعرفة.. يقول كنت جالسا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وفي روضته الشريفة وأمامي رجل قائم يصلي وخلفه رجل نائم فنظرت إلى باب المسجد وإذا باثنين من الشياطين يقول احدهم للآخر اذهب أبطل صلاة المصلي فقال له أني أخاف أن يحرقني نفس النائم فانصرفا فتعجبت!كيف انه لا يخاف مني وأنا أراهما واسمعهما؟ وكيف لا يخاف من المصلي ويخاف من نفس النائم؟ فأسرعت إلى النائم فأيقظته وقلت له من أنت يرحمك الله؟ قال أنا إبراهيم ابن ادهم.. ماذا تريد؟ قلت له هنيئا لك لقد رأيت كذا وكذا.
أيها الشيخ العزيز انظر كيف حين حفظ سيدنا إبراهيم ابن ادهم رضي الله عنه أنفاسه في الله ولله صارت تحرق الشياطين... فهيا يا علماء الأمة ومشايخها ومجاهديها هيا إلى الإيمان وتجديد الإيمان والى التقوى وتقوى الحق والى التوكل والتوكل الحق يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم (لو إنكم توكلتم على الله حق التوكل لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا)، والى الصدق والإخلاص والى ذكر الله الشامل العميق لنحرز كل عوامل ومستلزمات النصر وأسلحته فنحسم النصر الذي تحقق بجهادكم وتضحياتكم السخية على امتداد السنوات ألثمان الماضية فنطرد آخر جندي غازي وآخر عميل وجاسوس فنعود بعراقنا كنز الإيمان ورمح الله في الأرض، فيعود إلى دوره الرائد قاعدة انطلاق الأمة نحو وحدتها وحريتها وتحررها ونحو مستقبلها اللائق بها وبأجيالها القادمة، ولكي تتواصل وتتصاعد مسيرة الرسالة الخالدة الخاتمة هديا وعدلا وسلاما وحرية وأمنا وأمانا وتقدما وحضارة...
وثاني عوامل النصر.. الأعداد والتهيؤ وتحشيد كل العوامل المادية المتاحة والمعنوية المخزونة لكي يصح التوكل على الله بعدها وفق مبدأ وروح ومعاني (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة) ووفق قانون أعقل وتوكل ووفق مبدأ وروح ومعاني انفروا خفافاً وثقالاً ووفق مبدأ ومعاني وروح (خذوا حذركم فانفروا ثباتاً أو انفروا جميعاً)..
وثالث عوامل النصر الألفة والمحبة والإيثار وفق مبادئ ومعاني وأسرار (اشداء على الكفار رحماء بينهم) وعلى هدي (الذين تبوئوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة إما أتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا في الإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلة للذين امنوا ربنا انك رءوف رحيم)..
العامل الرابع من عوامل النصر.. ووحدة المقاتلين المجاهدين العقائدية والسياسية والتنظيمية والقتالية على هدي ومعاني (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص) وعلى هدي ومعاني (ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون).. يقصد جل جلاله ولتكن منكم طليعة ثورية مؤمنة مجاهدة ثم خضوعاً واستجابة لمعاني وأحكام وأوامر (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعدي ما جاءتهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم)..
خامسا عوامل النصر.. الطاعة والمتابعة على قاعدة المحبة وعلى هدي معاني (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وهي الطاعة الشاملة للأمير يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم وما معناه ما خرج اثنان إلا تآمر احدهم على الآخر فالطاعة لله ولرسوله وللأمير في موقعه الأدنى حتى آمر الحظيرة في حدود مسؤوليته ثم حتى القائد العام والقائد الأعلى..
العامل السادس.. هو أن نحذر التقاطع والتدابر والاختلاف وان نتحمل من بعضنا البعض وان يحمل بعضنا البعض الآخر على كتفه ما لم يغمد الخنجر في صدره وان نقتدي ونهتدي بهدي قوله تعالى (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا وان الله مع الصابرين).. أي نصبر على بعضنا البعض ونصبر على ثقل وضخامة الثمن المطلوب دفعه لتحقيق النصر من الأداء والعطاء والفداء..
العامل السابع.. هو أن نستحضر التاريخ لنأخذ منه الدروس والعبر ولنقتدي برموز امتنا وأعلام مسيرتها الجهادية ونهتدي بهديهم ونقف عند أهم الانعطافات التاريخية الكبيرة في مسيرتها مثل عهد انبثاق الدعوة وكفاحها السري، ثم الإعلان، ثم الهجرة، ثم معارك التبليغ والدفاع، ثم معارك الفتح المبين وعلى رأس تلك المعارك ذي قار قبل الرسالة ثم بدر الكبرى ثم احد والخندق والفتح والقادسية الأولى واليرموك ثم حطين وتحرير بيت المقدس ثم القادسية الثانية ثم انطلاق البعث لتجديد عهد الرسالة في السابع من نيسان عام 1947م ثم مسيرته الكفاحية بكل انعطافاتها وانتصاراتها وثوراتها وفي قمتها الانتصار التاريخي الهائل على حلف الشر والرذيلة الامبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية والفارسية الصفوية معركة القادسية الثانية لكي نرى أيها الشيخ العزيز كيف كان مستوى إيمان الأولين من حملة الرسالة؟ وكيف كان أدائهم وعطائهم وفدائهم وبطولاتهم وصولاتهم وجولاتهم؟ فهم أهلنا وسلفنا الصالح وهم عمقنا السوقي المعنوي العميق الذي لا ينضب عطائه..
هكذا علينا أن نعود.. وهكذا علينا أن نفعل إن أردنا أن نرتقي إلى مستوى الرجال الرساليون الذين كتب الله سبحانه لهم النصر والغلبة إلى يوم الدين لا يضرهم من خذلهم عهدا وميثاقا أخذه على نفسه جل جلاله فقال منذ الأزل (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) ومقيدا بقوله جل شانه (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) (وان ينصركم الله فلا غالب لكم) (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله) (واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون)
لكم مني تحيات المحبة والمعزة والى ملتقى النصر المؤزر بإذن الله وبقوته القوية ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المعتز بالله
قائد جبهة الجهاد والتحرير والخلاص الوطني
شبكة البصرة - الثلاثاء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق