تسفي برئيل
هآرتس – 13/8/2014
كيف كان قضاء شهر مع بنيامين نتنياهو بصفة قائد أعلى؟ لا نظير لذلك ببساطة. فهو متزن وحكيم ومُقدر للامور وغير متهيج ومخطط للامور وحساس وذو شعور وطني وملتزم بالنصر ومنتصر. فما الذي تستطيع الأمة أن تطلبه فوق ذلك؟ ومن ذا يوجد له رئيس وزراء أو رئيس كهذا؟ ما عدا مصر. فهل رأيتم عبد الفتاح السيسي؟ إنه حكيم ومُقدر للامور ومصر على رأيه وكاره لحماس مثلنا ولبراك اوباما ايضا، وينسق مصالحه مع مصالحنا ويتحدث على هون ويركب دراجة هوائية. فمصر تستطيع في الحقيقة أن تفخر بأن لها رئيسا يُذكر برئيس وزرائنا بل إنه لا يُذكر فقط بل هو أخ.
لكن الحقيقة هي أنه لا يمكن المقارنة، فمصر ليست لها مشكلات اسرائيل؛ وهي ليست دولة مارقة ولا محتلة ولا يندد بها المجتمع الدولي ولا تقع عليها ضغوط امريكية. وليست لها حروب كحروبنا ووجودها غير مهدد بل هي في الحاصل العام يجب عليها أن تعول نحوا من 90 مليون انسان. ومما يثير العصبية على نحو خاص حقيقة أن الرئيس المصري لا يحتاج، بخلاف نتنياهو، الى مجابهة الشركاء في الائتلاف الحكومي أو الى محاربة المعارضة. فهو يقضي ويحكم فيطيع الجيش أوامره، وقد داس معارضة الاخوان المسلمين الكبيرة ببساطة.
لكن قبل أن يطغى الشعور بالحسد أو تُرسلني أصوات وطنية غاضبة للسكن في مصر، يحسن أن نهدأ. فاسرائيل ديمقراطية مع كل ذلك يستطيع كل وزير وكل نائب برلماني فيها أن يعبر عن رأيه تعبيرا حراً. فاذا كان افيغدور ليبرمان يعتقد أنه يجب احتلال غزة أو طرد العرب الاسرائيليين فانه لا يخفي ذلك؛ وحينما يعتقد نفتالي بينيت أنه يجب علينا أن نقضي على حماس فلا يجب اجراء الرقابة على كلامه؛ واذا قدّر يئير لبيد حِكمة نتنياهو فانه يقول ذلك على رؤوس الأشهاد؛ وحينما تكون تسيبي لفني على يقين من أنه لا مناص من وحدة الصف لا يغلق أحد فمها. ولا يترك وزراء في المجلس الوزاري المصغر أو في الحكومة اشتكوا على مسامع براك ربيد زميلنا أنهم لم يُحدثوهم عما يجري على الارض وفي القرارات التي اتخذت بلا مشورة، لا يتركون مقاعدهم احتجاجا، فالوقت وقت وحدة.
وأهم من ذلك وأكثر عملية أن من لم يُشاوَر لن يضطر الى تقديم كشف حساب والى تفسير الأخطاء والى المثول بحضرة لجان تحقيق والى استئجار محامين. فالصم والعمي لا يُحاكَمون على عيوبهم الجسمانية. وحينما تخرس الاحزاب اليسارية وتجتمع مثل قطيع حول المِعلَف لا يوجد من يستطيع أن يمنعها من التمسك بسياسة «شعب واحد وفم واحد مغلق». فهل يخرجون للتظاهر؟ لا أحد يريد أن يخدم مصلحة حماس في وقت تمنع فيه قيادة الجبهة الداخلية جمعا لأكثر من ألف شخص. فلن يوجد هنا ميدان التحرير ولا يسقطون هنا نظم حكم بالتظاهر. فكيف يمكن أصلا أن نُشبه بمصر؟.
إن الديمقراطية الاسرائيلية بخلاف المصرية توجد في حالي شحن: الحرب والاستعداد للحرب. وقد تحررت مصر في مقابلتها من الشعور بالتهديد الدائم بعد أن وقعت على اتفاق سلام مع اسرائيل. وهي الآن مشغولة بأمور أقل شأنا مثل الارهاب الاسلامي والمنظمات المتطرفة التي تفجر قنابل في القاهرة، وهي لا شيء اذا قيست بحماس. ولم تعد مصر منذ زمن تُسوغ أو تُفسر اخفاقاتها وصعابها في صراعها مع اسرائيل أو في المشكلة الفلسطينية. وحينما يريد السيسي أن يجند الجمهور يطلب إليه أن يتبرع بمال لبناء اقتصاد الدولة وللانفاق على مسار آخر لقناة السويس.
انتخبت مصر جنرالا كي يرتب لها حياة مدنية طيبة لا حربا أفخم. وحينما تولى الحكم قبل سنتين بطريقة ديمقراطية نظام ديني ذو ميول فاشية، عرف الجمهور كيف يُنحيه. إن ميدان التحرير في مصر بخلاف اسرائيل يُجري حوارا ماديا وقيميا مع النظام وله تأثير. أما في اسرائيل فلا يُحتاج الى ميدان لأن الجميع مع الزعيم.
فقد حان دور السيسي الآن ليحسد «أخاه».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق