01 أبريل 2012

مغزى ترشيح الإخوان خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية - د.يحيى القزاز


د.خيرت الشاطر
بقلم الدكتور يحيي القزاز
أهم مايميز عام 2012 هو سقوط الأقنعة وسفور الأشياء عن مكنونها الحقيقى.
ترشيح "جماعة الإخوان" المهندس خيرت الشاطر رئيسا للجمهورية هو طوق النجاة لجماعة الإخوان وللمجلس العسكرى بعد أن سار كل منهما فى طريق مسدود، وتدهورت شعبيتهما وفقدا مصداقيتهما.. كلاهما خان وغدر بالثورة.. ويتمسحون بها فى الازمات. جماعة الإخوان وجماعة المشير افتعلا أزمات بينية غير محبوكة البنية الأساسية للخروج من النفق المظلم المسدود، شيئ أقرب إلى لعب الأطفال فى الحارة.. لاينطلى على المشاهدين. بدأت الجماعة بافتعال أزمة سحب الثقة من الحكومة وهددت إذا لم يستجب المجلس العسكرى ويقيل الحكومة فإن الجماعة ستدفع بمرشح للرئاسة، ماعلاقة إستقالة الحكومة بترشيح رئيس!! والحكومة معروف أنها قادمة من غياهب الحزب الوطنى المنحل وباركتها الجماعة منذ مجيئها بينما شباب الثورة يستشهدون فى شوارع محمد محمود والقصر العينى ومجلس الوزراء دفاعا عن الثورة ورفضا لحكومة الجنزورى، ثم أنه لم تكن هناك مهلة محددة من الجماعة للمجلس العسكرى لتغيير الوزارة وإلا الترشح.. أشياء مضحكة وكأننا فى سرك أطفال.
الواضح من الإعلان، إن قرار الترشيح كان معدا بليل ويبحث عن الوقت المناسب، وتم بالتنسيق مع جماعة المشير. ولن نرهق أنفسنا فى التحليل فالمسألة بينة لاينكرها إلا مكابر أو أعمى البصيرة، بدأت بالعفو التام من قبل المشير عن خيرت الشاطر، وهو مايؤهله للترشح بلا معوقات قانونية، وأتبعه بعفو عن د.أيمن نور قبل إعلان ترشح الشاطر حتى لاينكشف الملعوب، ولا نغفل السفريات للغرب ولقاء المسئولين هناك، والمقابلات التى تمت فى الولايات المتحدة الأمريكية منذ شهرين بين خيرت الشاطر وأعضاء من المجلس العسكرى المصرى فى حضور مسئولين أمريكيين، والتطمينات التى أكدها خيرت الشاطر وصحبه لوفد الكونجرس الأمريكى عندما زار مقرى الحزب والجماعة فى القاهرة، وامتدت تلك التطمينات لتشمل كل الدول الغربية، ثم المقال الذى كتبه فى صحيفة الجارديان الإنجليزية بعنوان "لاتقلقوا منا". الرجل فى فترة وجيزة بمساعدة جماعة المشير قدم أوراق اعتماد سفينة جماعته للغرب وبرهن على أنه الربان الأقدر على قيادتها فى محيط عاصف الأنواء بغير تصادمات ولا انحراف عن مسار المجرى الملاحى المحدد لسفينته.
والمغزى فى ترشيح الجماعة للمهندس خيرت الشاطر لايخرج عن احتمالين الأول: هو تنفيذ اتفاق أبرم بليل (منذ تم العفو التام عن الشاطر) بين المجلس العسكرى والجماعة يقضى بترشيح الشاطر رئيسا للجمهورية، يبدأ التنفيذ بعد أزمة مفتعلة: "أما إقالة الحكومة أو ترشيح إخوانى للرئاسة"، لتبديد شبهة التواطؤ بين الفريقين. وهو اختيار نجاحه مضمون لأنه من فصيل ذو حجم كبير، وبقليل من التعاون بين الطرفين وكل يحشد مايقدر عليه من أنصار.. يمكن أن ينجح مرشح الإخوان بسهولة فى ظل تفتيت أصوات تيار ينتمى له به أكثر من مرشح. وفوزه يعنى تمرير ما يريده الغرب بعدما أرسل تطمينات شفهية وموثقة، وأيضا الموافقة الكاملة على ماتريده جماعة المشير التى عفت عنه ليترشح ويصبح رئيسا للجمهورية، وما أكثر خطايا جماعة المشير. والاحتمال الثانى أن الجماعة وبالاتفاق أيضا مع المجلس العسكرى أرادت أن تسدى للعسكرى خدمة جليلة مع الحفاظ على ماء وجهها –الذى أريق بعد الصمت عن انتهاك العسكرى لعرض الفتيات، وقتل شباب الثورة، وعدم التصدى فى البرلمان للقانون رقم 4 الذى اصدره المجلس العسكرى للتصالح مع رموز النظام البائد قبل انعقاد البرلمان بأيام- ويعمل الاتفاق على تفتيت أصوات تيار الجماعات الذى ينتمنى له الشاطر واثنان من أقوى المرشحين للرئاسة د.عبدالمنعم أبوالفتوح والأستاذ حازم أبواسماعيل، والتفتيت يمنح فرصة عظيمة للمرشح الذى يريده العسكرى ليكون واجهة وستارا يحكم من خلفه. فى كلا الحالتين تقدم جماعة الإخوان طوق النجاة للمجلس العسكرى صاحب الفضل عليها فى الرعاية والحماية، وتحافظ على تواجدها بغير تهديد ، والعسكرى غير مأمون الجانب، وتغدر بالثورة التى حررت أسرها وفكت حظرها وتضربها فى مقتل، تلك الثورة التى جعلتها فى صدارة المشهد السياسى.
الأيام حبلى بنار الله الموقدة، وعندما تنبلج النيران يحترق المسرح وتذوب الأقنعة الشمعية، وتسفر الوجوه عن عظامها الكالحة.
مساء السبت 31 مارس 2012

ليست هناك تعليقات: