فى حرب اكتوبر73 عالجنا جنود العدو فأبهرنا العالم على التحضر . وفى 2013 هلل الاعلا م بأغانى الفرح والنصر لمقتل مئات المصريين **المطالبة بمحاكمة اعضاء مجلس النقابة الذين اهدروا ميثاق الشرف الصحفى وتقاعسوا عن التحقيق فى التجاوزات**الاعلام السافر حرض على حصد الارواح ويهىء للفتنة الطائفية وانقسام عامة الشعب**الاعلام الذى ظل ينتقد عهود الاعلام الموجه لم يتنبه الى ما يمارسه فى الاعلام المعلب **اصبح من المستحيل ان تجد صحيفة او فضائية مصرية واحدة تلتزم بمهنية الحياد **صفة الجزار التصقت بالحاكم المملوكى احمد باشا ولم يشفع له تصديه لنابليون فى محو الوصمة
بقلم على القماش
فى حرب اكتوبر 1973 سقط عدد من جنود العدو الصهيونى وبهم اصابات جسيمة ، فما كان من الجنود المصريين الا انهم قاموا بنقلهم الى المستشفى الميدانى للجبهة والذى كان بمنطقة رأس العش ، وكان قائده العسكرى الانسان لواء فؤاد عزيز غالى - وكان قبطيا فى وقت لم تكن مصر تفرق بين المسلم وغير المسلم - وتم علاج الجنود الصهاينة ومعاملتهم معاملة طيبة ، وعندما عادوا بعد تبادل الاسرى اصبحت شهادتهم أكبر دليل امام العالم على حضارة مصر
واذا كان - التاريخ بالتاريخ يذكر- فان ماحدث من قتل لمئات المصريين على يد مصريين يعد ارتدادا عن أى حضارة - مهما كانت المبررات - والتى لن تكون مثل حرب مع عدو اغتصب ارضنا وسبق له قتل الاف الجنود المصريين العزل فى حربى 56 و 67 ، بل كان يجبرهم على حفر قبورهم بأيديهم لاذلالهم ، ثم يدهسهم بالجرافات
واذا كان فى تاريخ الامم ايام تذكر وتوصف بالفخر ، فان هناك ايضا ايام توصم بالاضمحلال ، وهو ما حدث فى اطلاق هذا الوصف فى فترة زمن الفراعنة وفى كل العصور ، ولم يستطع من تسببوا فيها بمحوها من ذاكرة الزمان مهما كان اعلامهم ومهما كانت ابواقهم
و بصفتى الصحفية ومقررا للجنة الاداء النقابى أرى انه يجب ان يخصص يوم 14 أغسطس لذكرى اضمحلال الاعلام ، ففيه كانت نتيجة التحريض والتصعيد والذى حول الخلاف السياسى الى تناحر ، أنتهى الى قتل مئات الارواح ، وفيه أيضا كانت مفارقة انطلاق اغانى النصر والافراح من الفضائيات مع نقل صور القتلى والصرعى وكأنه انجاز ما بعده انجاز
لقد كتبنا وحذر غيرنا عن ضرورة " اجتناب " الدم ، بدءا من مقدماته والتى يملك زمامها الصحفيين والاعلاميين بالتصعيد واو التحريض على القتل ، فهى جريمة ما بعدها جريمة ، فحتى فى القوانين العادية ، وفى كافة الدول فان المحرض على القتل يعد مثله مثل الفاعل الاصلى للجريمة ويستحق نفس العقاب وللاسف لم يهتم أحد بمثل هذا الكلام
وقد كان للتحريض الاعلامى فى كافة الفضائيات والصحف اثره السلبى خاصة مع التشويه المبالغ فيه لكل ماهو مختلف معه
فريق يتهم الاخوان ومن فى صفهم والتأكيد على تسلح المعتصمين والذى وصل الى كتابة صحيفة الاخبار " مانشيت " يؤكد على وجود اسلحة كيماوية ونوويه لديهم فى رابعة ، وكأن الاخوان قاموا ببناء مفاعل نووى وتخصيب اليورانيوم دون ان يتنبه العالم باسره عدا جريدة الاخبار ومصادرها ؟ واذا كان هذا يحدث من " الاخبار " العريقة والتى يمتلكها الشعب فما الحال لصحف وفضائيات من عينة الوطن وال سى بى سى والفراعين والتى يمتلكها الفلول ؟
وفريق مثل قناة الجزيرة احتلت الخط المواجه والمعاكس تماما واعتمدت على وجهة النظر الواحدة مثلها مثل القنوات المضاده لها ، فأعطت الانطباع لكل من شاهدها ان كل جنود الجيش والشرطة قتلة وسفاحين
وتكرر هذا التضاد والعناد الواسع بصورة لاحدود لها فى الصحف الحزبية
وكان طبيعيا ان تتهيأ الاجواء الى معركة و الانتقام المتبادل على حساب قتل المئات واصابة الالاف، والعجيب ان القنوات الفضائية التى سبق ان اعلنت الحداد ولم تذع سوى قراءة القرأن الكريم لعدة ايام عند وفاة نجل علاء مبارك او امير خليجى او صاحب القناة - بالطبع لايعنى حديثنا الشماته بل نحن نجل الموت ونقدر المشاعر الانسانية - فان نفس القنوات لم تعبأ وهى تنشر صور نقل الجثامين للقتلى وسط اغانى الانتصارات ، رغم ان اعداد القتلى لو حدثت فى اى بلد لاعلنت الحداد ونكست الاعلام لثلاث ايام من فوق السفارات ، او تعلن كل قناة باهتمام بالغ بالضحايا الذين يعتقدون انهم من الفصيل السياسى الذين يؤيدون وكان الاخرين من العدو الصهيونى
اما الاخطر من هذا فيما تسببه المنزلق الاعلامى فهو انتشار روح العداء بين ابناء الشعب ، والشماتة المنتشرة بل واستهزاء البعض فى كل من اتخذ مظهرا اسلاميا سواء فى الشكل او الملبس وتصويره كأنه ارهبيا يحمل سلاح ويستحق الابادة ، وهى كارثة وجريمة لا يحمد عقباها لسنوات طويلة ، تماما مثل التداعيات التى حدثت بعد المذبحة ومنها حرق المبانى الحكومية والكنائس واقسام الشرطة وتعطيل المواصلات وغيرها مع تبادل الاتهامات ، وكالعادة كان للاعلام نصيبا من الازمة ، اذ ان معالجته لمشكلات الكنائس والاقباط كانت أقرب للفت الانتباه والتحريض للاعتداء عليهم ، فأهمل التصريحات العاقلة من الجماعات الاسلامية وغيرها من نبذ الاعتداء على الاقباط ، وابرز صورة الاعتداءات الى اقرب انه انجاز اذا قام به بعض المتشددين
واذا كان لابد من احتجاج على من اساءوا للاعلام خاصة بعد ان اصبح عملاء الامن وخدام رجال الاموال هم من يوجهون الرأى العام ، فانه يجب ايضا محاكمة اعضاء مجلس نقابة الصحفيين الذين تحولوا الى زعماء سياسيين ، دون ان يذكر احدهم فى اى حديث عن ضرورة محاسبة والتحقيق مع من قسموا الوطن بعدم الا لتزام بمواثيق الشرف الصحفية فى الكتابة والصور ولقطات الفيديو فى المواقع الالكترونية وغيرها ، ومن العجيب ان البعض كان يسخر من الاعلام الموجه واصبح لايرى الان الاعلام المعلب
وقد يتهم البعض اعلام الاخوان او الاسلاميين بارتكاب تجاوزات . وبفرض هذا - ونحن ندين اى تجاوز مهما كان صاحبه أو توجهه - ولكن منذ متى كان الخطأ يبرر الخطأ ؟
ونحن نذكره بالتصاق صفة الجزار ب احمد باشا الجزار - احد امراء المماليك - اذ كان فى بداية امره من اتباع على بك الكبير وعندما ولاه اقليم البحيره بشمال مصر قام بقتل عدد كبير من العربان ، وكان هذا هو السبب فى تسميته ( بالجزار ) ولم يشفع له عندما تصدى لقوات نابليون وقت ان تولى عكا خلفا لضاهر العمر، ولم تتغير صفته لدى الناس والتاريخ بانه الجزار
فهل يرضى ايا من اطراف الصراع ان تلتصق به هذه الصفة او الوصمة ؟
وفى التاريخ عبر لمن لا يعتبر
* ملحوظة هامة : المقال تم اختصار جزء منه ليتماشى مع التقرير المركز على الشأن الاعلامى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق