منذ 35 عاما وقع اكبر انقلاب تعرضت له مصر والأمة العربية فى العصر الحديث ، حيث وقع أنور السادات اتفاقية كامب ديفيد فى 17 سبتمبر 1978 التي اعترفت فيها مصر بدولة إسرائيل وهو ما يعنى الاعتراف بشرعية الاغتصاب الصهيوني لـ 78 % من فلسطين .
وكان ذلك انقلابا كاملا على كل ما كنا نعلمه ونؤمن به منذ قرون طويلة ، فكان انقلابا على عروبة فلسطين كحقيقة تاريخية ثابتة منذ الفتح الاسلامى وقبله ، وانقلابا على ثوابتنا العقائدية وعلى الثوابت الوطنية المصرية والفلسطينية والعربية ، وانقلابا على احكام الدستور المصرى ، وعلى فتاوى الازهر الشريف القاضية بتحريم الصلح مع اسرائيل ، وانقلابا على قرارات جامعة الدول العربية بانه لا صلح لا تفاوض لا اعتراف ، وانقلابا على اتفاقية الدفاع العربى المشترك ، وانقلابا على الدور القيادي لمصر فى مواجهة المشروع الصهيوني ، وانقلابا على موازين القوى فى المنطقة لصالح اسرائيل ، وانقلابا على استقلال مصر بعد أن تم تسليم مفاتيحها الى الامريكان لتديرها كما تريد منذ ذلك الحين .
وكانت مصر بذلك هى اول دولة عربية تعترف باسرائيل مما فتح الباب بعد ذلك للآخرين ان يحذو حذوها بدءا بمنظمة التحرير الفلسطينية 1993 فى اوسلو ، والاردن 1994 فى وادى عربة ، وجامعة الدول العربية 2002 فى مبادرة السلام العربية ، لتنتقل جرثومة انقلاب كامب ديفيد الى باقى الدول العربية .
ورغم مرور 35 عاما ورغم كل الجهود والنضالات التى بذلتها القوى الوطنية لاسقاط انقلاب كامب ديفيد ونظامه، الا انها فشلت فى ذلك حتى الآن ، بل نجح الانقلاب فى استقطاب عديد من القوى والاحزاب السياسية التى اعترفت بشرعية نظام كامب ديفيد وتعايشت معه وعملت فى خدمته وكفت عن المطالبة باسقاط المعاهدة وامتنعت عن الاقتراب منها وخلت برامجها ومواقفها من اى اشارة لها ، وفرض حصار حديدى على كل المعارضين لها والمناضلين ضدها ، بل اصبح احد شروط الامريكان ومجتمعهم الدولى للاعتراف باى نظام او حاكم أو حزب فى مصر هو التزامه باتفاقيات كامب ديفيد التى اصبحت مع مرور الوقت هى الدستور الفعلى لمصر وهى المصدر الرئيسى للتشريع .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق